هل بدأ يزول العصر الذي كانت فيه عبارة "الاعلام المصري" تشير الى إعلام الحكومة الذي تملكه ويعمل فيه موظفوها الذين يتقاضون رواتبهم من خزانة الدولة، وتذاع فيه البرامج وتكتب المواضيع التي يعدها ويقدمها وينتجها ويخرجها موظفو الحكومة؟ قبل أيام، أعلن وزير الاعلام المصري صفوت الشريف عن انشاء منطقة اعلامية حرة خاصة، تقام على الارض التي يملكها كل من اتحاد الاذاعة والتليفزيون، والشركة المصرية لمدينة الانتاج الاعلامي، والشركة المصرية للأقمار الصناعية في مدينة 6 أكتوبر. وقال ل"الحياة" إن المنطقة التي تحوي شركات المصرية لمدينة الانتاج الاعلامي، والمصرية للأقمار الصناعية، والمصرية للقنوات الفضائية CNE، والنيل لشبكة الاتصالات NCN، إضافة الى مراكز الارسال التابعة لهذه الشركات، ستعامل بالاعفاءات الضريبية والجمركية والمزايا والضمانات نفسها الخاصة بالمناطق الحرة. واضاف ان مجلس الوزراء سيحدد الضوابط والقواعد الخاصة بالبث الفضائي من خلال هذه المنطقة. أما الجهات التي سيسمح لها بمزاولة النشاط في المنطقة الحرة الجديدة فهي: الشركات المتعددة الجنسيات، والشركات المساهمة الاجنبية الحكومية والخاصة، وهيئات الاذاعة والتلفزيون الرسمية العربية والاجنبية، والشركات المساهمة المصرية. ويتوقع ان تصل كلفة إنشاء المنطقة الحرة الى ثلاثة بلايين جنيه مصري، ويسمح فيها للقطاع الخاص بالمساهمة بنسبة 50 في المئة، والمستثمرين الاجانب بنسبة 20 في المئة. ويعدّ الاعلان عن المنطقة الجديدة العلامة الاولى بالسماح للقطاع الخاص بالاستثمار في مجال القنوات الفضائية، وقد لاقت هذه المبادرة صدى طيباً لدى رجال الاعمال في مصر، وتجري حالياً مشاورات عدة بينهم للتنسيق في شأن المشاركة والاستثمار في المشروع الجديد. رئيس مجلس ادارة "فيديوكايروسات" محمد جوهر وهي شركة مساهمة مصرية تعمل في مجال تغطية الاخبار التلفزيونية في القاهرة - رحب بهذه الخطوة، وقال ل"الحياة" إن التوسعات في مثل هذا المجال القنوات الفضائية تتطلب مبالغ طائلة ينوء بها القطاع العام". واضاف "ان المشاريع الفضائية لا يمكن تمويلها من اقتصاديات القطاع العام التي تأخذ ولا تعطي". ووصف جوهر اشراك القطاع الخاص في هذه الصناعة في شكل مباشر بأنه بمثابة فتح نافذة جديدة ذكية من شأنها أن تجذب شركات عدة، من ضمنها شركتنا، فنحن اصحاب الصناعة، ولدينا البنية الاساسية وال Know how. وقد دعا السيد صفوت الشريف القنوات الفضائية العربية والاجنبية الى الاستفادة من الامكانات الهائلة التي يوفرها المشروع. وعلى رغم وجود مشاريع مشابهة للمنطقة الاعلامية الحرة في دول عربية اخرى، إلا أن الاعلام المصري كما قال الشريف كان اول من تحدث عن اهمية الحفاظ على الهوية الذاتية والثقافية في عالم تسيطر عليه ثورة ضخمة في المعلومات والاتصالات في ظل مفهوم العولمة. واكد وزير الاعلام أن دور مصر العربي هو أن تقدم للأمة العربية النموذج وفقاً لامكاناتها وقدراتها، وقال إن تصور مصر لمفهوم الريادة يختلف عن تصور الآخرين. وعن المحطات الارضية، قال الشريف إن القمر الصناعي قضية أمن قومي مصري، إذ أن حدوث زلزال مثلاً يمكن أن يؤدي إلى توقف عمل المحطات الارضية، ومن ثم توقف البث التلفزيوني والاذاعي، واضاف: "بعد اطلاق القمر الصناعي، لم يعد هذا الاحتمال قائماً". وعلى رغم تبني سياسة الخصخصة في مصر، إلا أن الشريف استثنى القنوات التلفزيونية الرئيسية والمحلية والفضائية ملك للمجتمع، ولا يمكن خصخصتها، مشيرا الى ان قانون اتحاد الاذاعة والتلفزيون واضح في ان الاتحاد هيئة قومية له الحق دون غيره في امتلاك البث الاذاعي والتلفزيوني في مصر، إلا أنه يمكن اقامة شركات مساهمة مصرية من حقها بث محطات فضائية عامة أو اختصاصية. واوضح أن المنطقة الاعلامية الحرة ستكون مفتوحة امام القنوات، والشركات المصرية الخاصة، والقنوات العربية والاجنبية، وفي المستقبل لوكالات الانباء ومكاتب الصحف العربية والاجنبية في مصر، وللشركات التي تقدم خدمات الطباعة والنشر، وتلك التي تقدم خدمات الانترنت والنشر الالكتروني. ويتوقع ان ينتهي العمل في المدينة الجديدة بعد عام ونصف تقريباً، وهي فترة قصيرة للغاية، إذ أن المشروع يعود الى الثمانينات، وقد مر بمراحل عدة لتوفير مكوناته الاساسية من مدينة انتاج، وقمر إصطناعي وشركات للتوزيع والتشفير واستوديوهات انتاج، وفنادق، والجميع في منطقة واحدة تبلغ مساحتها نحو ثلاثة ملايين متر مربع.