التقى وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى امس رئيس الهيئة السياسية والامنية في مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي داني ياتوم، الذي وصل الى القاهرة فجأة على متن طائرة خاصة بهدف شرح موقف اسرائيل من التطورات الاخيرة في لبنان. واستمر اللقاء نحو ثلاث ساعات عاد بعدها المسؤول الاسرائيلي الى بلاده. وعلمت "الحياة" ان المسؤول الاسرائيلي الذي جاء في زيارة وصفت بأنها "لاحتواء غضب مصر الذي سببته الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان" حاول خلال اللقاء الذي تم في أحد فنادق القاهرة طرح مبررات لوجهة النظر الاسرائيلية، إلا ان موسى اعتبرها لا تثبت صدقية الجانب الاسرائيلي في السعي الى تحقيق السلام. وفي اسرائيل ا ف ب قال رئيس الوزراء ايهود باراك خلال الاجتماع الاسبوعي للحكومة امس ان "الحملة المعادية لنا في العالم العربي لا تساعد عملية السلام". وكان وزير خارجيته دافيد ليفي قال امس ان الرئيس المصري قدم خلال زيارته الاولى للبنان السبت "دعماً لحزب الله" ما يشكل في رأيه "مظهراً جديداً يدل على موجة الكراهية لاسرائيل التي تجتاح العالم العربي. وقالت مصادر ديبلوماسية مصرية ان موسى أكد خلال اللقاء ان الاعتداءات الاسرائيلية على المدنيين في لبنان "يهدد كل عملية السلام"، وشدد على ضرورة وقف الاعتداءات التي تستهدف "بلداً شقيقاً" وبنيته التحتية وأهله. واوضحت المصادر ان موسى شدد على ضرورة استئناف اجتماعات لجنة "تفاهم نيسان" ابريل التي ترعاها الولاياتالمتحدة وفرنسا، ولفت الى ان تجاهل اسرائيل لبنود التفاهم "لن يؤدي الى تغيير المعادلة الحالية بين المقاومة اللبنانية والاحتلال"، وانه ابلغ الوفد "وقوف مصر حكومة وشعباً الى جانب لبنان"، مشيراً الى ان "الخطوة الاولى للسلام لن تتحقق من دون انسحاب اسرائيلي كامل من الاراضي العربية المحتلة". وفي بيروت أبدى مسؤول لبناني ارتياحه الى نتائج القمة اللبنانية - المصرية التي عقدت بين الرئيسين اميل لحود وحسني مبارك، ووصفها بأنها "أكثر من تضامنية" مع لبنان كونها حملت دعوة صريحة الى رئيس وزراء اسرائيل لوقف مناوراته والسير قدماً في عملية السلام انطلاقاً من الثوابت التي ذكّر بها البيان المشترك الصادر في ختام المحادثات. راجع ص 3 وأكد المسؤول ل"الحياة" ان الرئيس مبارك "تبنى موقف لبنان في تصديه لكل أشكال الضغوط التي تمارسها اسرائيل"، نافياً ما تردّد عن أنه نقل تحذيراً اسرائيلياً الى لبنان، ومؤكداً أنه "حضر ليعلن تضامنه من جهة وليحذر باراك من الاستمرار في اعاقة امكان التوصل الى تسوية شاملة في المنطقة". وقال المسؤول اللبناني الذي تابع عن كثب تفاصيل محادثات القمة الثنائية ان الرئيس المصري تحدث بوضوح عن تفهمه للطروحات اللبنانية وتأييده لها، واعتبر "ان لجوء باراك الى المناورة لن يطيح العملية السلمية فحسب بل سيرتد سلباً على ما تحقق حتى الآن وتحديداً بين مصر واسرائيل". ونقل المسؤول اللبناني عن مبارك ان اسرائيل "لا تستطيع الحفاظ على ما أنجز حتى الآن ما دامت مستمرة في مواقفها التصعيدية الرافضة كل ما تتطلبه التسوية الشاملة"، وأبدى تفهماً لأبعاد الموقف الاخير للرئيس لحود. ولفت المسؤول الى أن زيارة مبارك "جاءت من زاوية حرص مصر على علاقتها الودية مع سورية، لأن كل دعم للبنان في هذا الظرف الراهن إنما هو دعم لسورية". وأعرب عن أمله "بأن تؤدي نتائج الزيارة الى الضغط على الغير، أي اسرائيل، أكثر من أن تحمل شيئاً في اتجاهنا". ورأى المسؤول اللبناني أن مبارك "يطمح، بالتشاور مع الدول العربية، الى أداء دور ما في الضغط على باراك لأنه ليس حراً في اطاحة العملية السلمية، كبديل من تعذر انعقاد قمة عربية في الوقت الحاضر". ولوحظ حرص مصر على ان تتبع زيارة مبارك للبنان اجراءات عملية اذ اعلن رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد ان الرئيس حسني مبارك سيناقش خلال الساعات المقبلة البرنامج التنفيذي التفصيلي لاعادة بناء واصلاح محطات الكهرباء اللبنانية التي تعرضت للقصف الاسرائيلي، وذلك بناء على المسح الذي يقوم به فريق خبراء مصري عالي المستوى موجود حالياً في لبنان بتكليف من الرئيس مبارك لوضع كل الامكانات المادية والبشرية لاصلاح محطات كهرباء لبنان واعادة بنائها، مشيراً الى ان فريق العمل توجه الى لبنان منذ الخميس الماضي، فور الحادث وقبل زيارة الرئيس مبارك، وانه يضم رئيس هيئة كهرباء مصر ورئيس الشركة المسؤول عن بناء محطات الكهرباء في مصر "ايجي مات"، واوضح "ان هناك محطة كهرباء لا تصلح للعمل وتحتاج لإعادة بناء وتجهيز بكلفة تراوح بين 25 الى 30 مليون دولار وان المحطتين الاخريين تحتاجان لاصلاح بكلفة تراوح بين 12 الى 15 مليون دولار. وقال ان الفريق المصري يبحث حالياً ما هو متوافر لدى مصر من معدات وتجهيزات للقيام بعملية اعادة البناء والاصلاح وتوفير ما هو غير موجود من مصادره الاصلية، ولفت الى انه يجري حالياً الإعداد لعقد اجتماع للجنة العليا المصرية - اللبنانية المشتركة برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين للبحث في سبل تدعيم التعاون بينهما في كل المجالات.