تفيض سجون لبنان بمئات الموقوفين الذين ينتظرون، وبعضهم منذ سنوات طويلة، محاكمتهم. حتى ان بينهم من امضى في السجن مدداً قد تفوق العقوبة التي قد تصدر عليه. ويطلق على هؤلاء اسم "المنسيين". وتشير مصادر قضائية ل"الحياة" الى ان الزيادة في نزلاء السجون في مختلف المناطق تتفاوت ما بين 20 و50 في المئة، عن قدرة هذه السجون على الاستيعاب. وتقول ان سجن رومية وهو الأكبر في لبنان، صمم على اساس استيعاب 2500 سجين، وثلاثة آلاف حداً أقصى. اما اليوم فعدد نزلائه 4764. وكانت الشرطة العسكرية فتحت سجون الثكن التابعة للجيش اللبناني لاستيعاب الموقوفين الذين هم بالآلاف من المتعاملين مع اسرائىل والذين يخضعون تباعاً لمحاكمات سريعة نسبياً. ويتوزع هؤلاء الموقوفون على ثكنة مصالح الجيش وثكنة الكرنتينا. واستحدث سجن جديد في ثكنة الفياضية قبل نحو اسبوعين لاستيعاب الاعداد المتزايدة من الموقوفين. وأقفل قبل نحو ثلاثة اشهر سجن "ثكنة اوبرلي" التي كانت تابعة ل"القوات اللبنانية" المحظورة، على اثر وفاة احد الموقوفين فيها، وسبب الاقفال عدم توافر الشروط المطلوبة للسجن فيها، علماً ان قانوناً صدر قبل خمس سنوات شرع سجناً جديداً في وزارة الدفاع كان من اوائل نزلائه قائد "القوات" الدكتور سمير جعجع. وتقول هذه المصادر ان معدل التوقيفات على مستوى لبنان تتفاوت بين يوم عادي قد يصل العدد فيه الى 50 موقوفاً، ويوم امني قد يرتفع فيه العدد الى 250. هذه "التخمة" في عدد الموقوفين والمحكومين تؤدي الى ارباكات كثيرة في مديرية السجون والشرطة العسكرية ومن اكثر ظواهرها عدم تمكن الأهالي من مقابلة الموقوفين بسبب ضيق الوقت في حين ان الشاحنات المخصصة لنقل المساجين غير كافية ما اضطر الأجهزة الامنية في بعض الاحيان الى نقل موقوفين الى المحاكم بشاحنات لا تتوافر فيها الشروط الأمنية المطلوبة. وزار وزير العدل سمير الجسر امس سجن رومية يرافقه المدير العام للوزارة عمر الناطور والمدعي العام في جبل لبنان جان فهد، واوضح ل"الحياة" ان "الاستعجال في هذه الجولة التفقدية سببه اننا تبلغنا ان هناك موقوفين امضوا في السجن اكثر من المدد التي قد يحكمون بها، ويمكن تخليتهم في سهولة، إضافة الى وجود موقوفين تمنعوا عن دفع الغرامة لعدم توافرها معهم وفضلوا العقوبة سجناً، وهؤلاء ولأسباب انسانية سنبّت امرهم". وأيد الجسر القول: "إن الظروف في السجون غير انسانية وان التخفيف من عدد الموقوفين يسهم في توفير ظروف اكثر ملاءمة للنزلاء الآخرين". لكنه رفض تضخيم الامور، نافياً ان يكون هناك اي بحث حالي في اصدار قانون يسمح بالعفو عن مرتكبي الجنح البسيطة او ابدال الاحكام الخفيفة بغرامات.