مع تجدد الحديث عن العلاقة بين دمشق وبيروت، من المفيد الاشارة الى وجود "مفردات سورية" في القاموس الدمشقي تحكم هذه العلاقة والوضع الداخلي اللبناني وكذلك عملية السلام، وهي بمثابة "مفاتيح" لفهم التفكير السوري. - لبنان: يحرص المسؤولون على استخدام "اعادة التمركز" مع ربطها باجراء اصلاحات سياسية والغاء الطائفية السياسية وانتخابات على اساس المحافظات مع فتح الباب لتحديد نقاط تمركز جديدة بحجم ومدة جديدين. وإذ يتجنبون استخدام "اعادة الانتشار"، لاسباب عدة بينها استخدام سيء الصيت لهذا المصطلح من جانب الاسرائىليين في الاراضي الفلسطينية، فإن الخطاب الرسمي يكرر مفردات "علاقات مميزة" و"شعب واحد في بلدين" وضرورة تطبيق "معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق"...اضافة الى "وحدة المصير والمسار" لدى الحديث عن الرابط بين المسارين التفاوضيين مع اسرائيل السوري واللبناني. وحالياً، فإن الوصف الأدق سورياً للقاءات الرئيس بشار الاسد والمسؤولين اللبنانيين لايستهدف التوصل الى "صفقة" كما قيل في لبنان، بل الى "رؤية مشتركة". كما أن وجود "آراء متعددة" في سورية امر "حيوي وفعال" وليس مؤشراً الى "ارتباك سوري" طالما ان "القرار النهائي" في يد الرئيس السوري. - عملية السلام: تعكس "مفاتيح" الخطاب السوري في هذا المجال كل مرحلة من مراحل التفاوض مع اسرائيل منذ انطلاق مؤتمر مدريد ب"مبادرة سورية" عندما وافقت على انعقاد المؤتمر. وبدأ صنّاع الخطاب بعد ذلك بالتركيز على معادلة "انسحاب كامل مقابل سلام كامل" كشرط لاحلال "السلام العادل والشامل في الشرق الاوسط". وعندما استخدم الرئيس ياسر عرفات مصطلح "سلام الشجعان" للتعبير عن اتفاق اوسلو العام 1993، استبدل الرئيس الراحل حافظ الاسد مصطلحه ب"السلام المشرف"...مع الدعوة الى وقف "الهرولة" العربية باتجاه اسرائىل بعد "اتفاق اوسلو". وفيما حاول رئيس الوزراء الاسرائىلي بنيامين نتانياهو التنصل من "التزام الانسحاب الكامل من الجولان" الذي قدمه سلفه اسحق رابين في العام 1993واكده في العام اللاحق، تمترس الخطاب السوري عند كلمتي "وديعة رابين" لثلاث سنوات وكان على دمشق انتظار فوز ايهود باراك كي تستأنف المحادثات في بداية العام الجاري "من حيث توقفت" في العام 1996. وكان على الديبلوماسية ايضاً ان تخترع مصطلح "وثيقة العمل" على المسار السوري بدلاً من "اعلان المبادئ" او"اتفاق الاطار" اللذين استنفذا على المسار الفلسطيني، الذي كان يلقى نقداً سورياً مستمراً. وكدليل للتمسك السوري بالبعد السياسي للمصطلح خاضوا في شيبردزتاون مفاوضات ماراثونية لاستخدام "علاقات السلم العادية" و"متطلبات السلام الموضوعية" بدلاً من "التطبيع" في "وثيقة العمل الاميركية". وحرص الخطاب على استخدام "فرصة اخرى" للسلام، مع رفض كامل لكلمة "تنازلات" سواء من الجانب السوري الذي يقدم "مبادرات" لتحقيق السلام اومن الجانب الاسرائىلي الذي "يعيد الحقوق لاصحابها ليس الاّ"... واضاف الرئيس الاسد اخيراً مصطلح "سلام الاقوياء" الى "خيار السلام الاستراتيجي" الراسخ في القاموس السوري. - الوضع الداخلي: تميز وسائل الاعلام السورية بدقة بين ثلاث كلمات هي "مسيرات" و"تظاهرات" و"مظاهرات"، فالاولى هي ل"تأييد" اي حدث سياسي داخلي اولتقديم "البيعة" للرئيس، والثانية ل"الاحتجاج" امام مقر السفارة الاميركية على "العدوان الغاشم" على "الشعب" العراقي أو الفلسطيني، والثالثة لوصف "الرفض" الحاصل في اماكن خارجية. وحرص القيمون الخطاب على استخدام مصطلحي "التغيير في ظل الاستمرارية" و"التحديث في ظل الاستقرار" لدى وصف التغيير الذي تشهده سورية في الاشهر الاخيرة بحيث ان ما اتخذه الرئيس الشاب هو "استمرارية لنهج" الرئيس الراحل.