اختار الرئيس الاميركي المنتخب جورج بوش وزيراً سابقاً للدفاع ليكون على رأس وزارة الدفاع للمرة الثانية بعد ربع قرن، لمهمة "تحضير القوات العسكرية الاميركية لتحديات القرن الواحد والعشرين". ولاختيار دونالد رامسفيلد، الذي سبق ان خدم في الموقع نفسه في عهد الرئيس السابق جيرالد فورد، دلالات الى الاسلوب الذي سيتبعه بوش في الفترة الاولى لاستلامه البيت الابيض وطبيعة مراكز القوى داخل الادارة الاميركية المقبلة. راجع ص 7 فلم تكن السياسة الخارجية وجهوزية الولاياتالمتحدة العسكرية العاملين الوحيدين اللذين دفعا بوش الى اختياره. بل ان ظروف انتخابه وما رافقها من تشكيك في شرعية هذا الانتخاب، بالاضافة الى الانقسام في مجلسي النواب والشيوخ، تطارده في كل قرار يستعد لاتخاذه ما يدفعه الى انتقاء شخصيات جمهورية تحظى باحترام الكونغرس من جانب الحزبين الديموقراطي والجمهوري. يتمتع رامسفيلد، اضافة الى خبرته في شؤون البنتاغون، بخبرة في التعاطي مع الكونغرس منذ كان عضواً في مجلس النواب في الاعوام 1963-1969. وهي خبرة اساسية لوزير الدفاع القادم اذا ما اراد بوش المضي في تطبيق وعوده الانتخابية، ومنها خصوصاً بناء شبكة الصواريخ الدفاعية واحياء خطة "حرب النجوم". واضافة الى اوجه التشابه في تولي المراكز بينه وبين نائب الرئيس المنتخب ريتشارد تشيني، تربط الرجلين علاقات عمل قديمة لعبت دوراً اساسياً في انتقاء رامسفيلد وتعيينه. اذ كان رامسفيلد هو الذي اقترح للرئيس فورد ان يعين تشيني نائباً لرئيس اركان الادارة في البيت الابيض. وتعيد اوساط الجمهوريين الى تشيني الفضل في اقناع رامسفيلد، الذي يبلغ 68 عاماً، بقبول المنصب واقصاء المرشحين الاخرين السيناتور السابق دان كوتز وحاكم ولاية بنسلفانيا توم ريدج وبول وولفويتز الذي كان شغل منصباً عالياً في البنتاغون. وقد رحبت القاعدة الجمهورية المحافظة بقرار ترشيح رامسفيلد بالاضافة الى ارتياح اعضاء الكونغرس، ما يشير الى ان موافقة مجلس الشيوخ على تعيينه ستمر من دون معركة. ووصف الديموقراطي كارل ليفين، عضو لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، التي ستعقد جلسات استماع للموافقة على ترشيح رامسفيلد، القرار بأنه "خيار قوي". اما رئيس اللجنة، الجمهوري جون وورنر، فقال ان الولاياتالمتحدة "محظوظة" لانضمام رامسفيلد الى فريق بوش للامن القومي. وبالاعلان عن رامسفيلد يكون بوش قد اكمل تشكيل الفريق الذي سيشرف على رسم السياسة الخارجية وتطبيقها. والمعروف عن رامسفيلد اسلوبه الواضح والصريح بالتعبير عن رأيه، وهو يؤيد سياسة خارجية تعتمد على القوة. وقد صرح اثناء اعلان بوش عن ترشيحه بأن على الولاياتالمتحدة التحضير "لمواجهة التهديدات الجديدة المتمثلة بالارهاب وانتشار اسلحة الدمار الشامل بالاضافة الى حماية الارصدة الفضائية وبناء شبكة صواريخ دفاعية". وعدا دوره في تسويق سياسة بوش الدفاعية في البنتاغون ولدى حلفاء الولاياتالمتحدة من الدول الغربية، فإن رامسفيلد سيضطلع بدور فرض توازن داخل الادارة للحد من نفوذ كولين باول، ما يسمح لبوش الذي يفتقر الى الخبرة في السياسة الخارجية ان يلعب دور الحَكم وصاحب القرار الحاسم، وهو دور سبق لبوش ان تباهى بقدرته على لعبه. واثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده لتعيينه رامسفيلد صرح بوش بأنه ستكون هناك خلافات في الرأي داخل فريق عمله "وفي حال كانت هناك خلافات سأكون مستعداً لاتخاذ القرار الضروري لمصلحة البلاد". وتعود علاقة رامسفيلد بالشرق الاوسط الى ايام رونالد ريغان الذي اوفده الى المنطقة في العامين 1983 و1984، بالاضافة الى انتمائه لجيل من الجمهوريين امثال هنري كيسنجر وجورج شولتز. وقد رأس في العام 1998 ندوة في الكونغرس خلصت الى ان دولاً مثل ايران وكوريا الشمالية ستشكل تحدياً في مجال الصواريخ البعيدة المدى للولايات المتحدة في فترة أقرب من ما تعتقده الاستخبارات الاميركية، مسوقاً بذلك لضرورة بناء شبكة الصواريخ الدفاعية. وبانضمام رامسفيلد الى تشيني وباول يصبح بوش محاطاً بفريق عمل من المخضرمين واصحاب خبرة يفتقدها الرئيس شخصياً، والاهم من ذلك ان معظم هذه الشخصيات هي في نهاية مهنتها السياسية وقد لا تبقى في المراكز لمدة طويلة ما يجعل من بوش النجم الجمهوري الوحيد بعد انقضاء الفترة الاولى لرئاسته، وهي الاصعب.