قالت مصادر صحافية إسرائيلية إن أجواء من الكآبة والاحباط تخيم على معسكر رئيس الحكومة المستقيل ايهود باراك وطاقمه الانتخابي قبل 38 يوماً من الانتخابات لرئاسة الحكومة، وسط استطلاعات للرأي تؤكد مجدداً خسارته أمام زعيم حزب ليكود ارييل شارون، وفي أعقاب تضاؤل احتمالات انجاز مسودة اتفاق مع الفلسطينيين، وهي الورقة الوحيدة التي تبقت لباراك لانقاذ نفسه من الهزيمة. أكدت استطلاعات للرأي نشرت أمس في إسرائيل اتساع فارق النقاط بين مرشحي رئاسة الحكومة باراك وشارون، لصالح الثاني. وفيما أشار استطلاع "يديعوت أحرونوت" إلى فارق 13 نقطة 48 في المئة لشارون مقابل 35 لباراك، أظهر استطلاع "معاريف" بهزيمة اشنع لباراك 24 في المئة مقابل 45 لشارون، واتفق استطلاعان على أن شعبية باراك في تدهور مستمر. واللافت للنظر أن باراك، حسب استطلاع "معاريف" الذي شمل أسئلة عدة، سيخسر الانتخابات حتى في حال نجح في تحقيق وقف اطلاق النار مع الفلسطينيين وانجاز اتفاق حل دائم 49 في المئة مقابل 44 لباراك. وأشار الاستطلاع إلى أن 31 في المئة من المستطلعين لم يحسموا رأيهم بعد، ولكن بعد "ارغامهم" على الادلاء به تبيّن ان شارون سيحصل على 52 في المئة مقابل 32 فقط لباراك. وحسب الاستطلاع، فإن باراك سيحصل على 30 في المئة من أصوات الناخبين العرب مقابل 2 في المئة لشارون. ورأى 45 في المئة من المستطلعين أن على إسرائيل أن ترفض مقترحات الرئيس الأميركي بيل كلينتون، فيما أيدها 36 في المئة. كما عبر 56 في المئة عن رغبتهم في عدم التوقيع على اتفاق حل نهائي قبل الانتخابات، وقال 53 في المئة إنهم يعارضون اتفاقاً كهذا حتى لو تضمن النقاط الرئيسية في ورقة كلينتون، بما في ذلك تنازل فلسطيني عن حق العودة واعتراف دولي بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقال 61 في المئة إن باراك ليس مخولاً ولا يملك تفويضاً للتفاوض مع الفلسطينيين، ورأى 57 في المئة ان باراك يقوم بذلك لدوافع شخصية. ووافق 49 في المئة على أن إسرائيل تقف اليوم بين خياري السلام والحرب، وعارض 70 في المئة الشعار الانتخابي لباراك والقائل "انتخبت شارون، اخترتَ الحرب". وقال 58 في المئة إنه في حال فوز باراك في الانتخابات بفضل أصوات العرب، فإنه لن يكون مفوضاً للتوقيع على اتفاق مع الفلسطينيين! ومرة أخرى أفاد الاستطلاع أنه لو انحصرت المنافسة على الرئاسة بين شمعون بيريز وارييل شارون، لفاز الأول ب45 في المئة مقابل 41 لشارون، بينما يفوز بنيامين نتانياهو بفارق تسع نقاط على بيريز، لو كانا مرشحي الرئاسة. إلى ذلك، ينجح شارون حتى الآن، وبمشورة كبار مستشاريه، في "تنويم" المعركة الانتخابية ويحرص المستشارون على أن يتجنب شارون اطلاق التصريحات التي قد تبعد عنه هذا المعسكر أو ذاك، ويعتمد الحديث عن ضرورة الوحدة الداخلية والدعوة إلى إقامة حكومة وحدة بعد الانتخابات، وهي دعوة مقبولة لدى غالبية أحزاب اليمين والوسط. في المقابل، يتخبط طاقم باراك الانتخابي في كيفية النهوض من الحالة المزاجية السيئة التي تسود أوساط "العمل" ومعسكر اليسار. وبنى الطاقم حساباته على نجاح باراك في تحقيق اتفاق مع الفلسطينيين، وهو ما يبدو بعيد المنال هذه الأيام. كما يواجه باراك عدم تجاوب عدد من أقطاب العمل واليسار في المشاركة الفعلية في المعركة الانتخابية، فقد رفض زعيم ميرتس يوسي سريد قبول رئاسة الطاقم الإعلامي، ولم يأخذ إبراهام بورغ وعوزي برعام أي دور في المعركة، واكتفى حاييم رامون بدور هامشي مما اضطر باراك للجوء إلى اعضاء من "الصف الثاني" ليقوموا بالمهمة. ويرى الطاقم الانتخابي وجوب التلويح بماضي شارون واظهار أنه متحمس دائماً للحرب وان أمام الناخب الإسرائيلي خيارين لا ثالث لهما: السلام مع باراك أو الحرب مع شارون. فشارون أقحم إسرائيل في "الوحل اللبناني" وباراك أخرجه منه. كما سيلجأ الطاقم إلى تخويف الإسرائيليين بأن مظاهر انتفاضة الأقصى والتفجيرات في المدن الإسرائيلية هي مقدمة لكابوس سيعيشه الإسرائيليون إذا ما انتخبوا شارون. وإذ يبدو أكيداً دعم الأحزاب الدينية اليهودية لشارون، فإن باراك سيلوّح مجدداً بما يسميه "الثورة المدنية" في محاولة لاسترضاء المهاجرين الروس العلمانيين والمنادين بفصل الدين عن الدولة، الذين يتجهون نحو إدارة ظهرهم له بعدما دعموه ب55 في المئة من أصواتهم في الانتخابات السابقة.