ثلاث جلسات فقط سيعقدها قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال قمتهم التي تبدأ أعمالها في البحرين غداً السبت وتستمر يومين. وهذا يشير إلى أن القمة الخليجية الواحدة والعشرين ستكون قمة "عادية" وليست فيها موضوعات مثار جدل أو خلاف. والأجواء الخليجية الهادئة التي تعقد فيها القمة تجعل الملفات المطروحة على جدول أعمالها ملفات روتينية لا تستدعي أن يعقد القادة والزعماء الخليجيون الستة غير جلستي عمل، الأولى تعقب الجلسة الافتتاحية العلنية بعد ظهر غد، والثانية تسبق الجلسة الختامية العلنية التي تعقد ظهر بعد غد الأحد. وإذا كانت هناك مسائل سياسية ستثير بعضاً من الجدل والنقاش خلال قمة البحرين الخليجية، فإنها محددة بمسألتين رئيستين فقط هما: أولاً: موقف دول مجلس التعاون الخليجي من إيران في ضوء عدم تجاوب طهران مع مساعي اللجنة الوزارية الخليجية الثلاثية المكلفة اقناع إيران بالتفاوض مع دولة الإمارات بشأن النزاع على الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، التي تحتلها إيران منذ العام 1971. فمن المفروض أن تقدم هذه اللجنة، التي تضم وزراء خارجية السعودية وقطر وسلطنة عُمان، تقريراً عن نتائج مهمتها إلى القمة. ولا أحد يشك في أن هذه اللجنة لم تحقق أي نتائج ايجابية بسبب عدم تجاوب إيران مع مساعيها التي بدأتها منذ صيف عام 1999. وتريد دولة الإمارات من القمة قراراً صريحاً بذلك، كما تريد وقف أعمال هذه اللجنة وعدم المضي بعيداً في العلاقات الخليجية مع إيران. وكانت العلاقات تحسنت منذ انتخاب الرئيس محمد خاتمي في العام 1997. والسؤال المطروح على القمة هو هل تستمر اللجنة الثلاثية في مهمتها لعل طهران تتجاوب يوماً مع مساعيها وتوافق على لقاء أعضائها للبحث معهم في سبل اجراء حوار مع دولة الإمارات بشأن النزاع على الجزر الثلاث؟ أم توقف اللجنة الثلاثية أعمالها تاركة الموضوع للاتصالات الثنائية؟ ثانياً: الحالة بين العراقوالكويت، ويتوقع أن تكون مثار جدل ونقاش خلال أعمال قمة البحرين. فمن المعروف ان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي حين اجتمعوا الشهر الماضي للتحضير للقمة، ناقشوا المسألة العراقية في ظل ظهور متغيرات اقليمية ودولية تجاه الوضع في العراق، وهذه المتغيرات عكسها تخفيف الحصار المفروض على العراق من خلال الرحلات الجوية المتكررة التي تقوم بها دول محسوبة على التحالف الدولي المناهض للعراق، بل ان بعضها محسوب على الولاياتالمتحدة، ومن خلال "غض النظر" عن قيام العراق بتهريب كميات كبيرة من نفطه عبر سورية وغيرها من الدول. وقد عهد وزراء خارجية دول مجلس التعاون خلال اجتماعهم الشهر الماضي إلى الكويت إعداد ورقة بالتنسيق مع السعودية في شأن "الحالة العراقية"، وقبل 12 يوماً اجتمع وكلاء وزارات الخارجية لدول المجلس في المنامة ودرسوا الورقة الكويتية. ولم تتسنَ معرفة الموقف الخليجي من الأفكار التي تضمنتها الورقة إلا من مصادر كويتية قالت "إنه لم يكن هناك أي تحفظ من الدول الأعضاء على مضمون الورقة الكويتية التي ستكون رسالة واضحة إلى العراق تطالب بتنفيذ قرارات مجلس الأمن كافة". وإذا صحّ هذا، فإنه يعني أن الأفكار الكويتية التي تضمنتها الورقة المتعلقة ب"الوضع العراقي" جاءت مرنة ومتحررة من "العُقد الكويتية" القديمة. إذ أن موافقة كل الدول الخليجية تعني انها أخذت في الاعتبار الأفكار القطرية والإماراتية التي دعت وتدعو إلى الانفتاح على الوضع العراقي والتعامل ايجابياً مع المتغيرات الاقليمية والدولية تجاه العراق. كيف سيتم هذا التعامل، هذا ما سيناقشه قادة دول الخليج الست. والقمم الخليجية تعودت على الجدل في مسألتي إيرانوالعراق منذ انشاء مجلس التعاون عام 1981. وهو لم يعكس خلافات يمكن أن توتر أجواء القمم السابقة، ولا هذه القمة الهادئة. ولعل هدوء أجواء قمة البحرين سيجعل قادة دول الخليج الستة يركزون على البحث في مسائل "المواطنة الخليجية" وكيفية تحقيق حلم يراود أبناء المنطقة منذ عشرين عاماً.