تجري في جمهورية صربيا، اليوم السبت الانتخابات البرلمانية المبكرة وسط منافسة شديدة بين فئات سياسية متشعبة الاتجاهات والأهداف والارتباطات الداخلية والعلاقات الخارجية، وفي أجواء الفلتان الأمني. وسيتم في إطار نتائجها تحديد السلطة الصربية الجديدة بعدما ظلت خلال السنوات العشر الأخيرة حكراً على "الحزب الاشتراكي الصربي" بزعامة الرئيس المخلوع سلوبودان ميلوشيفيتش. أفاد الناطق باسم اللجنة الانتخابية في صربيا أندريا سيميتش في مؤتمر صحافي في بلغراد حضرته "الحياة" أمس، أن 6 ملايين و523 ألف مواطن مسجلة اسماؤهم في لوائح الاقتراع داخل صربيا التي يبلغ عدد سكانها حوالى 10 ملايين نسمة، "يحق لهم المشاركة في هذه الانتخابات". وأوضح أن البرلمان الصربي يتكون من 250 مقعداً، سيتم توزيعها بحسب النظام النسبي لعدد الأصوات التي سيحصل عليها كل حزب أو تكتل سياسي، شريطة ألا يقل رصيده عن خمسة في المئة من المجموع الكلي للمشاركين في التصويت في كل جمهورية صربيا التي تم اعتبارها منطقة انتخابية واحدة. وتجري الانتخابات في 8723 مركز اقتراع "بينها 269 في 16 بلدية في كوسوفو توجد فيها مناطق مهمة للتجمعات الصربية" من بين 30 بلدية يتكون منها الإقليم. وتوقع سيميتش أن يدلي ما لا يقل عن 100 ألف من صرب كوسوفو بأصواتهم في هذه الانتخابات من بين 153 ألفاًَ يحق لهم التصويت "إذا وفرت لهم الإدارة الدولية ظروف الوصول الى المراكز الانتخابية". وأضاف أن الظروف الأمنية في جنوب صربيا "حتمت فتح 19 مركزاً من أصل 38 في بلدية بريشيفو و37 من اصل 49 في بلدية بويانوفاتس، تجنباً لهجمات الإرهابيين على الناخبين". وتوقع المراقبون أن تكون مشاركة ألبان جنوب صربيا، الذين كان لهم نائبان في البرلمان السابق، ضئيلة في هذه الانتخابات، وأن تقتصر على المدن والقرى المختلطة السكان. ومعلوم أن ألبان كوسوفو قاطعوا منذ عشر سنوات كل الانتخابات اليوغوسلافية والصربية التي اعتبروها "شأنا يخص الصرب، لا علاقة للألبان الذين أعلنوا استقلال كوسوفو بها". ويراقب هذه الانتخابات اكثر من ألف مراقب من 110 دول، بينهم 335 تابعون لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بقيادة وزيرة خارجية النمسا بينيتا فيريرو فالدنير التي ترأس بلادها الدورة الحالية للمنظمة. كما أفادت وزارة الإعلام اليوغوسلافية أن حوالى 700 صحافي أجنبية سجلوا أسماءهم لديها لمتابعة هذه الانتخابات. وتأتي أهمية هذه الانتخابات في أنها ستقرر شكل الحكومة التي تتولى كل الشؤون الداخلية لجمهورية صربيا، وبينها تحديد التعاون مع جمهورية الجبل الأسود ومعالجة الوضع الراهن مع المسلحين الألبان في جنوب صربيا، ذلك أن صلاحيات الحكومة الاتحادية المشتركة رسمياً بين الجمهوريتين تتركز في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية إضافة الى إصدار العملة النقدية للبلاد واستيفاء الرسوم الجمركية والقضايا العسكرية الخاصة بالجيش اليوغوسلافي الذي يدافع عن الجمهوريتين من أي اعتداء خارجي، ويعتبر رئيس الاتحاد فويسلاف كوشتونيتسا قائده الأعلى. وتشير استطلاعات الرأي العام الى أن تكتل "الحركة الديموقراطية الصربية" الذي يضم 18 حزباً سيأتي في المقدمة، ويليه "الحزب الاشتراكي" بزعامة الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش، ثم "الحزب الراديكالي" برئاسة فويسلاف شيشيلي و"حركة التجديد الصربية" بزعامة فوك دراشكوفيتش و"اليسار اليوغوسلافي - الشيوعي" بقيادة ميرا ماركوفيتش زوجة ميلوشيفيتش وحزب "العمل الديموقراطي - الإسلامي لمنطقة السنجاق" برئاسة سليمان اوغليانين. وأوضحت الاستطلاعات ان "الاشتراكي" سيكون أقوى حزب منفرد في البرلمان الجديد، ولكن بتراجع كبير عن البرلمان السابق حيث كان له 90 مقعداً. وأصدر زعيم الحزب الاشتراكي ميلوشيفيتش بياناً عشية الانتخابات، دعا فيه مؤيديه الى التصويت "من أجل تعويض خسائر الانتخابات السابقة في الاتحاد اليوغوسلافي التي جرت في 23 أيلول سبتمبر الماضي، وإنقاذ البلاد من الوقوع في أيدي أجهزة الاستخبارات الأجنبية". وقال البيان "إن الوقت لا يزال غير متأخر لصيانة صربيا ويوغوسلافيا". وتم اتخاذ إجراءات امنية مشددة، إذ استنفرت قوات الشرطة ووحدات الأمن والطوارئ في مناطق عملها، كإجراء وقائي، خشية قيام جماعات متطرفة تضررت من التطورات الديموقراطية بأعمال تخريبية، وذلك على رغم التعهد المشترك الذي قدمته الأحزاب الرئيسية "بضبط النفس وتجنب المواجهات العنيفة والصراعات الدموية".