لا يزال الحزب الاشتراكي اليمني المعارض يواجه حملة "قص أجنحة" كلما حاول تسجيل نقاط سياسية ضد خصمه المؤتمر الشعبي العام الحزب الحاكم. ولأن الاشتراكي لا يكف عن محاولاته منذ نهاية الحرب عام 1994، تطورت أساليب الحكم لمواجهته. الحزب الاشتراكي وجد فرصة لتتويج نجاحه الباهر في عقد الدورة الانتخابية لمؤتمره العام الرابع في 28 آب اغسطس الماضي، لتوجيه ضربة موجعة إلى "المؤتمر الشعبي"، من خلال تزكية 41 من أعضاء الاشتراكي في الخارج لعضوية لجنته المركزية، وفي مقدم هؤلاء العناصر القيادية السابقة التي تشملها قائمة ال16 والتي حكمت عام 1998 بتهمة اشعال حرب الانفصال وإعلانه عام 1994. لكن "الاشتراكي" لم يهنأ طويلاً بتأثير ضربته، حتى أعلنت لجنة شؤون الأحزاب السياسية تنبيهه إلى مخالفته الدستور والقانون بضمه أعضاء محكومين قضائياً إلى اللجنة المركزية. وبات على الحزب إلغاء عضوية هؤلاء أو الاستعداد لجولة مواجهة ليست مضمونة النتائج مع لجنة الأحزاب أمام القضاء. وواضح ان الاشتراكي يخوض معركة "استنزاف سياسي" لا تتفق مع الظروف الحالية بعد المتغيرات التي أفرزتها الحرب، إذ لم يعد في "مخزون" الحزب ما يمكنه من العودة إلى السلطة كطرف ضعيف أو ندٍ للطرف الآخر. وطبيعة العلاقة مع الحكم عموماً والحزب الحاكم خصوصاً، هي بالنسبة إلى الاشتراكي علاقة بين منتصر ومهزوم، وبالنسبة إلى الطرف الآخر علاقة بين "الشرعية الدستورية والديموقراطية" والحزب "الخارج عليها". حل الحزب وفي هذا السياق أكد ل"الحياة" مسؤول حكومي بارز عدم وجود نيات مُبيتة ضد الاشتراكي. ونفى أن يكون هدف موقف لجنة الأحزاب هو حل الحزب أو سحب شرعيته، بل "اجباره على عدم تجاوز الدستور والقوانين بمناورة سياسية ليست محسوبة النتائج"، وزاد محذراً: "إذا لم يتجاوب الاشتراكي مع تنبيه اللجنة سيكون اللجوء إلى القضاء مسألة طبيعية". واستدرك ان اللجنة "لن تقدم دعوى قضائية بحل الاشتراكي، بل ستكون الدعوى محددة بالفصل في قانونية انضمام اعضاء محكومين بتهمة الخيانة واشعال الحرب وإعلان الانفصال" إلى اللجنة المركزية للحزب. ويعتبر الاشتراكيون أن موقف لجنة شؤون الأحزاب يأتي في سياق حملة عدائية من دوائر الحكم ومؤسسات الحزب الحاكم، بعد نجاح حزبهم في عقد مؤتمره العام الرابع وإعلانه المشاركة في انتخابات السلطة المحلية والاستفتاء على التعديلات الدستورية 20 شباط/ فبراير 2001. ويجمع قياديون في الاشتراكي وفي أوساط المعارضة على أن هدف إثارة موضوع العضوية في اللجنة المركزية، بعد أربعة أشهر على المؤتمر العام، هو منع الاشتراكي من المشاركة في الانتخابات والاستفتاء و"ليس بدافع الحرص على تطبيق القوانين وحماية الدستور". وعلى رغم ذلك، قد تكون الأزمة الحالية مدخلاً لحلحلة في العلاقة بين الحكم والاشتراكي، عشية الانتخابات المحلية والاستفتاء على تعديلات دستورية للمرة الأولى، وفي ضوء تأكيد الرئيس علي عبدالله صالح حرصه على نجاح هذه التجربة ومشاركة كل الأحزاب فيها.