} سحر مؤشر نازداك المستثمرين في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام ، وبقي يرعبهم مذ ذاك. ففي 10 آذار مارس 2000 سجل أعلى مستوياته ووصل إلى 62،5048 نقطة ، ثم بدأ مسلسل تراجعه، فانخفض خلال أشهر بنسبة 50 في المئة، مسجلاً في تشرين الثاني نوفمبر أدنى مستوياته. إن كان مؤشر نازداك عرف بعض التقدم - نهاية تموز يوليو وبداية آب اغسطس - فإن ذلك لم يمنع السؤال الذي صار يلح على بعض المستثمرين المسؤولين مثل ألن غرينسبان، مدير الاحتياطي النقدي الفيدرالي الأميركي: هل انتهى عهد الاقتصاد الجديد؟ وهل اقتربت نهاية الفورة الإلكترونية؟ كانت أبرز نتائج انخفاض قيمة الأسهم في مؤشر نازداك افلاس بعض الشركات المنتجة لبرامج الكومبيوتر، ولجأت شركات أخرى إلى الاندماج ، ووصرفت شركات "دوت كوم" آلافاً من موظفيها. وعمد مستمثمرون، من جهة أخرى، إلى التخلص من أسهمهم ، وتراجعت شركات اقتصاد جديد عن طرح أسهمها تريثاً. وكان أيضاً أن تأثرت شركات كبيرة ك"انتل"التي نبهت مستثمريها إلى أن قيمة أسهمها ستنخفض في الفصلين الأخيرين من هذا العام. ولا ننسى أن انخفاض مؤشر نازداك أثر سلباً في البورصات في أوروبا. قراءات مختلفة عودة سريعة إلى أحوال مؤشر نازداك منذ العام 1998 تجعل قراءة هذا الحدث انخفاض مؤشره أجلى . فمنذ تشرين الثاني نوفمبر 1999 بدا للمتابعين كأن ريحاً قوية ترفع مؤشرات نازداك، كدليل إلى تطور لافت وازدهار في شركات التكنولوجيا والمعلوماتية، التي قدمت إلى العالم كله نمواً مضطرداً، من دون تضخم، نتيجة الزيادة الكبيرة في الإنتاج، ومن دون أن تكون الفوائد مرتفعة. كل هذا حدث خلال خمسة أشهر فقط. فعام 998ا لم يكن مؤشر نازداك تعدى 2500 نقطة، ثم ارتفع 500 نقطة في الأشهرالتسعة الأولى من العام 1999، إلى أن كان ارتفاعه اللافت، كما سبق القول، بين تشرين الثاني 1999 وآذار 2000. ويرى بعض المحللين أن هذا الارتفاع الكبير كان السبب الرئيسي لإنخفاضه، أو هم يقولون، ولا سيما المتفائل منهم، في شكل أدق أن انهيار مؤشر نازداك ما هو إلا تصحيح لقيم مبالغ فيها. وفي قراءات مختلفة لخبراء آخرين نتابع أن ملايين الدولارات استثمرت في التسعينات في مجال اقتصاد الإنترنت، وقد بدأ المعنيون يتنبهون الآن إلى الخطأ الذي ارتكبوه. ويصر البعض الآخر على لفت النظر إلى التأثير السياسي في هذا الإنخفاض، فيتحدثون عما أحدثته في هذا الإطار الانتفاضة والعمليات الإسرائيلية ضدها، ثم يتحدثون عن تأثير مسلسل الإنتخابات الأميركية. وهذا الكلام صحيح إنما كان لهذين الحدثين تأثير ضئيل في انخفاض مؤشر نازداك، الذي يشهد تراجعاً منذ أشهر، كما ذكرنا. انتعاش جديد وعرف نازداك انتعاشاً جديداً منذ بداية الشهر الأخير من العام الألفين ، وقد وصل في الأيام العشرة الأولى منه إلى 44،2982 نقطة، واعتبر البعض أن هذا الانتعاش موقت. وقال محللون في "ميريل لانش" انه سيعود إلى نحو 2550 نقطة مع نهاية العام. لكن التشاؤم ليس سمة كل التحليلات، وكان لا بد من الإشارة إلى أن عودة ارتفاع مؤشر نازداك ، تعني أن أخطاء الارتفاع المبالغ فيه تصحح للتأكيد أن حقيقة "الثورة التكنولوجية" لم تنته . على أي حال، مهما اختلفت القراءات والتحليلات، لا يعني انخفاض قيمة أسهم شركات الإنتاج التكنولوجي اقتراب نهايتها، ولا يؤدي إلى الاستغناء عن أدواتها. لكن تراجع مؤشر نازداك جاء كعامل أساسي للتحريض على فهم الثورة التكنولوجية بطريقة عاقلة، وأخذ بالتالي الحديث عن الاقتصاد الجديد إلى حيث يجب أن يكون، فجعله حواراً في شأن أسسه، وإن غالى البعض في نعي هذا الاقتصاد الجديد، أو اندفع آخرون في تقديسه. [email protected]