صعّدت إسرائيل عمليات التصفية والاغتيال ضد القيادات والحركيين في المنظمات الفلسطينية التي تقف وراء انتفاضة الأقصى، وتشعل استمرارها. لكن "جيش الدفاع الإسرائيلي" نسي أن أسلوب الاغتيال الذي شرع في تنفيذه تحوّل إلى محرّض لتنشيط الانتفاضة وتجذرها بدلاً من وقفها، والدليل أنها تدخل شهرها الثالث من دون توقف أو تعب، على رغم تصاعد أساليب القمع الإسرائيلي وبرود الموقف العربي والإسلامي وتخاذل الموقف الدولي. إن قوة الانتفاضة لم تأت من تعدد مصادر الدعم وتنوع السلاح في أيدي الفلسطينيين، أو عدم رغبة إسرائيل في خوض حرب شاملة ضدهم، لاعتبارات استراتيجية أو إنسانية ودولية، لكن قوة شباب الأرض المحتلة ناتجة عن عدم اعتراف "جيش الدفاع الإسرائيلي" بأن الانتفاضة اختراع فلسطيني للمقاومة وأسلوب جديد في محاربة الطغيان والظلم، لا تجدي معه الأساليب التقليدية في القمع والبطش واستعراض القوة. لهذا فإن جهل إسرائيل بطبيعة الانتفاضة وعوامل تحريكها واستمرارها، وتزايد عدد شهدائها وسط كل هذا العنف الصهيوني، سيبقى أهم سلاح لشباب الانتفاضة وأهم نقطة ضعف في المواجهة الإسرائيلية لهذه الحركة الشعبية، التي استطاعت بالحجر أن تقهر إرادة العالم بأسره، فضلاً عن الدبابات والصواريخ وأسلحة الفتك والدمار. لا شك أن الانتفاضة ليست مجرد كلمة غريبة على قواميس اللغات، ولا طريقة جديدة في قذف الحجارة، وليست نمطاً مختلفاً في حرب العصابات والشوارع والعصيان المدني، ولا تظاهرة يمارسها الغاضبون والمحتجون وأصحاب الشعارات السياسية. لكنها تفسير مادي جديد وبديع لكلمة الجهاد. إنها جهاد على طريقة "اتقوا الله ما استطعتم"، واتقوا الاحتلال ولو بحجر.