دعت دول الاتحاد الأوروبي في مؤتمر عقدته في العاصمة الكرواتية زغرب أمس، بحضور جمهوريات يوغوسلافيا السابقة والبانيا، الى تجاوز مشاكل الماضي والعمل على ترسيخ تعاون وثيق في البلقان من اجل دمج المنطقة بأوروبا. لكن تصاعد العنف في كوسوفو وجنوب صربيا آثار مخاوف من انزلاق البلقان الى حرب جديدة. وجاء انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي في كرواتيا ليمثل أهم حدث دولي تشهده البلاد منذ استقلالها عن يوغوسلافيا السابقة عام 1991. وشارك في القمة زعماء كرواتيا والبوسنة ويوغوسلافيا والبانيا ومقدونيا، اضافة الى سلوفينيا وهي الدولة الوحيدة في المنطقة المرشحة لعضوية الاتحاد. ورحبت دول الاتحاد بالتطورات الديموقراطية التي تحققت أخيراً في يوغوسلافيا وقبل ذلك في كرواتيا، لكنها أكدت على وجوب ان تقوم دول المنطقة بتنفيذ المزيد من التحولات المؤدية الى "ديموقراطية راسخة والمصالحة وتوثيق التعاون واستتباب السلام الدائم بينها ومحاربة الجريمة المنظمة، كي تتوافر الفرص لها للاندماج الكامل مع أوروبا". وأشارت دول الاتحاد الى اهتمامها بمساعدة المنطقة اقتصادياً واجتماعياً "وتم وضع برنامج لذلك يتم تنفيذه خلال السنوات الست المقبلة ويشمل تخصيص 4 بلايين و600 مليون يورو أوروبي - حوالى 4 بلايين و200 مليون دولار أميركي للمساعدات المختلفة". وأعلن الاتحاد ترشيح مقدونيا لعضوية الاتحاد وفتح محادثات من اجل ترشيح كرواتيا كما ركزت دول الاتحاد على دعمها للسلطة الجديدة في بلغراد، مشيرة الى انها "خصصت مبالغ كبيرة للمساعدات العاجلة لصربيا والمتعلقة بالمواد الغذائية والطاقة الكهربائية ووقود التدفئة للشتاء المقبل، اضافة الى وضع خطة لتنظيف نهر الدانوب من الاضرار التي لحقت به أثناء عمليات حلف شمال الأطلسي العام الماضي تمهيداً لاستئناف الملاحة فيه". وشهدت المنطقة المحيطة بفندق "انتركونتيتنتال" في وسط زغرب، تظاهرات احتجاجية ضمت متشددين ومحاربين قدماء كروات وجماعات من البان كوسوفو، ضد مشاركة الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا في المؤتمر، اضافة الى اجراءات أمنية مشددة شارك فيها خمسة آلاف شرطي ورجل أمن وقوات خاصة. ووصف الرئيس الكرواتي ستيبي ميسيتش، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، هذا الوضع بأنه "دليل على ان مشكلات المنطقة لا تزال قائمة". ويذكر ان كوشتونيتسا كان رفض طلب كرواتيا ان يقدم اعتذاراً عن الحروب التي حصلت أثناء حكم الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش. وتزامن المؤتمر مع تصاعد العنف في جنوب صربيا وكوسوفو. وكان الرئيس اليوغوسلافي تفقد عشية انعقاده منطقة جنوب صربيا التي تصاعد التوتر فيها نتيجة هجمات المسلحين الألبان على المنشآت ومراكز الشرطة الصربية. وأكد أثناء حضوره تمرينات لقوات الجيش والشرطة الموجودة في المنطقة، ان القوات المسلحة اليوغوسلافية "متأهبة للرد على الارهابيين الألبان الذين يحاولون ادخال المنطقة في حرب جديدة". وكان سقط خلال الأيام الأربع الأخيرة ما لا يقل عن 20 شرطياً، بين قتيل وجريح، نتيجة هجمات المسلحين الألبان على جنوب صربيا، كما صادرت قوات حفظ السلام الدولية كفور شاحنة محملة بالسلاح وهي في طريقها من كوسوفو الى المقاتلين الألبان جنوب صربيا، واعتقلت عشرة أشخاص يشتبه بتورطهم في الهجمات الأخيرة ونقل الأسلحة. ويتهم الصرب عناصر من جيش تحرير كوسوفو السابق بإثارة العنف في جنوب صربيا، بهدف الاستيلاء على المنطقة. وعلمت "الحياة" من مصادر ثقة ان القوات الصربية فرضت منع التجوال ليلاً في المنطقة التي شهدت العنف في جنوب صربيا، كما طالبت بلغراد الادارة العسكرية الدولية في كوسوفو بالسماح للقوات اليوغوسلافية بدخول المنطقة المعزولة حول كوسوفو والتي عرضها خمسة كيلومترات، حيث ينشط المسلحون الألبان لخلوها من دوريات القوات اليوغوسلافية.