قدم العالم اللبناني محمد صوان من قرية مقنة قرب بعلبك اختراعاً هو آخر ما توصلت اليه ابحاث علم البصريات الالكترونية في محاولة رائدة لاعادة نعمة البصر لآلاف المكفوفين. بدأ صوان رحلة العلم والعمل منذ ان هاجر الى كندا في الثمانينات فتدرج بعلومه الى ان نال البكالوريوس في هندسة الكهرباء من جامعة لافال في مقاطعة كيبك وشهادة الماجستير والدكتوراه في العلوم الالكترونية والمعلوماتية من جامعتي شربروك ومغيل ليصبح في العام 1998 من ابرز الباحثين الحائزين على درجة بروفيسور في جامعة مونتريال - بوليتكنيك. والى جانب مركزه الاكاديمي فهو ايضاً مدير لمركز الابحاث في مختبر تكنولوجيا الاعصاب ومدير القسم الالكتروني للمتفوقين والمسؤول عن فريق مختبره العلمي الذي اسسه عام 9419 والذي كانت باكورة اعماله انجاز أول جهاز علمي إلكتروني يعيد البصر الى المكفوفين او ما سمته الصحافة الكندية العين الاصطناعية. يتألف جهاز محمد صوان "المعجزة" من قطعتين صغيرتين احداهما خارجية وهي مصحوبة بكاميرا لالتقاط الصور، لا يتجاوز قطرها ملليمترات معدودة وتثبت على نظارتين مرفقتين بجهاز تحكم صغير يوضع في جيب القميص. اما الداخلية فهي قطعة الكترونية شفافة لا تتعدى مساحتها سنتمتراً واحداً مربعاً تزرع في الدماغ بواسطة احد الجراحين الاخصائيين. ويعمل الجهاز حين يشغل المريض آلة التصوير التي تقوم بارسال المعلومات على شكل ذبذبات تشبه ذبذبات الراديو الى الدماغ فيحللها ويرسل اشارات ضوئية يصل عددها الى 625 اشارة بحيث يتمكن الاعمى من رؤية الاشياء حوله بوضوح كلي. هذا الجهاز، كما افاد صوان، يقتصر استعماله على المكفوفين كلياً ولا يستفيد منه المصابون بأمراض ضعف النظر. واكد صوان ان جهازه قد اصبح جاهزاً وسيدخل حيز التنفيذ في مطلع العام 2001 وسيستفيد منه حوالى 250 ألف أعمى في مقاطعة كيبك وحدها على ما ذكرت الصحف الكندية. بهذا العنوان تباهت وسائل الاعلام الكندية حين قارنت اختراع صوان بمثيله الاميركي الذي اعلن عنه في العام نفسه في نيويورك. فقد جاء في مجلة "الساعة الاخيرة" العلمية الصادرة في 18 آذار مارس 2000، ان الجهاز الاميركي الذي عرض على شبكات التلفزيون وفي المؤتمرات العالمية يبلغ وزنه حوالى 10 كلغ، والمريض لا يمكن ان يستعمله الا بواسطة كومبيوتر محمول وموصول بكابل دائم على رأسه، في حين ان الجهاز الكندي مجهز بصورة بسيطة وهو ارقى تكنولوجيا وغير موصول بكابل وهو الى ذلك يبث 625 نقطة ضوئية في مقابل 60 نقطة للجهاز الاميركي. وهذه سابقة علمية وهناك الآن حوالى 250 ألف كيبكي على لائحة العلاج. يشار في هذا السياق الى بعض العناوين التي حملتها وسائل الاعلام الكندية المرئية والمكتوبة: "معجزة العصر"، "كيبك نحو عين اصطناعية قريباً"، "صوان يعيد النظر الى المكفوفين"، "صوان يكرر تجربة المسيح. العين الكندية تتقدم على العين الاميركية". والى جانب "العين الاصطناعية" سجل محمد صوان مجموعة من براءات الاختراع اهمها جهاز لتنظيم اعمال المبولة وتقوم شركة كندية بتصنيعه حالياً تحت اشرافه وسيصبح قيد التداول في ربيع 2001. كما سجل خمسة اختراعات تتعلق بالأجهزة الالكترونية المعقدة يجري الكشف عنها حين تحظى بموافقة السلطات الكندية . ويتعاون صوان مع فريق علمي قوامه 23 باحثاً ينتمون الى مختلف الجامعات الكندية بينهم جراحون واخصائيون في الاعصاب والاجهزة البولية. واللافت ان صوان على صلة وثيقة بمراكز الابحاث الكندية والاميركية والعالمية فهو عضو مؤسس في الجمعية العالمية لاعادة وظائف الاعضاء المشلولة وهو المشرف على تنظيم المؤتمر الكندي للدراسات التكنولوجية إضافة الى نشاطاته وابحاثه العلمية الغزيرة المنشورة في الصحف والمجلات العالمية حوالى 150 بحثاً، كما حصل في العام 9719 على افضل جائزة بروفوسور لتفوقه في التعليم والادارة والابحاث وهو الآن يدير مشروعات كندية الكترونية عدة تبلغ تكاليفها حوالى 11 مليون دولار. اما على الصعيد الاكاديمي فهو يشرف على 22 طالباً في قسم الدراسات العليا ماجستير ودكتوراه بينهم 5 لبنانيين و6 عرب من سورية والمغرب والجزائر وتونس. مؤتمر بيروت الدولي راودت صوان فكرة انعقاد مؤتمر للعلوم الالكترونية في بيروت منذ العام 1994 بغية إعادة الدور الريادي للعاصمة اللبنانية في محيطها العربي. وقدر له ان ينجح في مساعيه حيث حظي بموافقة 600 باحث من مختلف دول العالم ينتسبون الى 50 بلداً. حدد موعد انعقاده في الفترة الممتدة من 17 الى 20 كانون الاول يناير المقبل في اوتيل بارثميليو في الكسليك، بيروت. وكان صوان قد هيأ لمشروعه، وهو الاول من نوعه في البلاد العربية، بزيارات عدة الى بيروت التقى خلالها بمسؤولين عن الجامعات وبمسؤولين عن مركز الابحاث للعلوم. وتألفت لهذه الغاية لجنتان احداهما لبنانية والثانية دولية تضم 60 عالماً وخبيراً. كما يحضر صوان لعقد مؤتمر عالمي آخر بالاتفاق مع جامعة بيروت العربية للعام 2001 . ويبقى الأمل ان تكون هذه المؤتمرات باحثاً لتحريك المسؤولين والتفاتهم الى النخب والكفاءات المهاجرة واستقطابهم قبل ان يستبد بهم التغريب وتتمكن منهم مغريات الغرب.