"الحياة" التقت عدداً من "اليافعين" وسألتهم عن الشباب في بلادهم، وتقييمهم للمؤتمر. أمل هزاع علي 16 سنة اليمن، طالبة في الصف الثاني الثانوي القسم العلمي، وعلى رغم أنها تعاني شللاً في الاطراف السفلى وتستعين بمقعد متحرك، إلا أنها كانت من نجوم الملتقى بحماسة شديدة وبلاغة تحسد عليها. تقول إنها شاركت من قبل في لقاءات للاطفال نظمتها يونيسيف في اليمن، وهي كانت في ضمن مجموعة "صحة الشباب" التي ركزت في مناقشاتها على تفشي آفة التدخين بين شباب المنطقة، تقول: "كنا في الاجتماعات أشبه بالجسد الواحد، فحددنا المشكلة، ووضعنا تصوراً عن الحل، ووجهنا نداءات إلى المؤسسات، والشباب أنفسهم، والندوات للتركيز على المشكلة". وعن المشكلات التي تواجهها بصفة شخصية، تقول بأسى: "نعاني في اليمن من شبه انعدام تام للوسائل المتاحة لراحة المعاقين، فمثلاً مدرستي فيها درج طويل، وكذلك بيتي، والشوارع غير مجهزة لمن يستخدم المقاعد المتحركة". زميلتها في الوفد نفسه، وأصغر المشاركين هي زمزم حميد الحياسي 13 عاماً طالبة في الصف السادس الابتدائي، وهي حازت أيضاً الإعجاب على مدى أيام "الملتقى" الاربعة فهي من الصم والبكم، وتتمتع بذكاء غير معهود، ولو فاتتها كلمة أو عبارة مما يجري حولها، نهرت المترجم طالبة منه التركيز في الترجمة. بدأت الحياسي بالآمال، فهي تتمنى أن تعمل بالطباعة على الكومبيوتر، وتلمع بوادر اندهاش بذلك الامل الذي لا يتناسب وقدراتها الذهنية، فتقول - عبر المترجم - ان مشكلتها الاساسية ان فرصتها في التعليم في اليمن تنتهي مع انتهاء الدراسة الابتدائية، حيث لا توجد مدارس اعدادية، او ثانوية لتعليم الصم والبكم، وتؤكد أنها على اتم استعداد للسفر الى خارج اليمن لو اتيحت لها فرصة إكمال تعليمها في دولة اخرى. مصر وتلحظ "الحياة" شاباً يرتدي "الحطة الفلسطينية" فتهرع للحديث اليه، لكن يتضح أنه مصري، اسمه نادر كمال عبدالله 17 عاماً طالب في الفرقة الاولى كلية العلوم جامعة اسيوط، وبلهجته الصعيدية يقول: "هذه الحطة اقترضتها من صديق فلسطيني، وربطها لي صديق يمني على الطريقة اليمنية". يقول: "شاركت في ايلول سبتمبر الماضي في تجمع الهيئات المصرية لحقوق الطفل، والذي دعيت إليه من خلال نشاطي في الجمعية الخيرية الانجيلية". ويضيف: معظم مشكلاتنا في العالم العربي متشابهة، الصحة، التعليم، الإعلام، وهذا زاد من احساسنا بأننا نرتبط بوطن عربي واحد". وعبدالله كان من ضمن المجموعة التي ناقشت قضية "التعليم"، فيقول: "وجدت ان جميعنا يعاني اسلوب التلقين، وانعدام التواصل بين الطالب والمعلم"، ويتمنى أن تجد مشكلة التعليم مكاناً لها على رأس قائمة الاولويات لتحل، لاسيما وأنه شخصياً متضرر من نظام التعليم، إذ القى به مكتب التنسيق في كلية العلوم التي لم يفكر يوماً في الالتحاق بها. البحرين وإذا كان عبدالله لا يحب "العلوم" فإن زياد درويش 17 عاماً البحرين يعشقها، فيقول "اخبروني في مركز العلوم التابع لمؤسسة الشباب والرياضة الذي انتمي إليه بأمر الملتقى، وذلك بعد ما حصلت على جائزة افضل برنامج كومبيوتر فلكي. درويش كان ايضاً من ضمن مجموعة التعليم، يقول: "نصرخ من دون ان يسمعنا احد، واتمنى ان يكون هذا الملتقى بمثابة اداة لايصال صرختنا الى الجهات المسؤولة عن التعليم في بلادنا". ويشير درويش الى ان الفروق في مشكلة التعليم في البلدان المشاركة طفيفة، وأن الجميع اتفق على أن المعلم ينقصه التأهيل، وان العلاقة بينه وبين الطالب ينقصها التواصل، ويلفت الى مشكلة اخرى وهي أن نظام التعليم في اغلب البلدان لا يسمح لمن يملك الموهبة بإظهارها. قطر حل عملي قدمه عبدالله علي المالكي 17 عاماً قطر لمشكلة التعليم، والحل جزء من تجربة شخصية يعيشها المالكي، فهو ضمن الدفعة الاولى في مدرسة علمية جديدة، في قطر بمثابة مرحلة تأسيسية للالتحاق بالجامعة، وهو يدرس في الصف الثالث الثانوي القسم العلمي، ويمضي يومه الدراسي من السابعة صباحاً الى الثالثة مساءً في اختبارات عملية. ويتحدث المالكي عن مجموعته التي ناقشت صورة الشباب في الاعلام، فالصورة ليست جيدة، والشباب لم يأخذ حقه، والبرامج التلفزيونية ليست موجهة للشباب، ولم تهتم بالمشكلات الحقيقية، وهو يطالب بقناة تلفزيونية متخصصة للشباب تنأى عن التأثير بالثقافة الغربية التي تشبّع بها الشباب. ويعود الى التعليم الذي يعتبره سبب كل المشكلات، ويقول: "إذا انتقدنا التعليم، انتقدنا كل شيء". والحل الامثل في رأي المالكي هو العودة الى الدين، ولا اقصد بالدين الصوم والصلاة، فالدين الحقيقي لكل زمان ومكان، ويحث على التعليم، وعلينا مبدأ الاكتفاء الذاتي الذي سيحقق لنا الاستقرار وتحقيق قوة منفصلة". الاردن ومن الدولة المضيفة، تحدثت "الحياة" مع الميسرة عالية خليفات 18 عاماً الطالبة في الفرقة الاولى كلية الحقوق الجامعة الاردنية، تقول عن تجربتها: "تدربنا قبل الملتقى على إدارة ورشات العمل، ومهمتنا كانت تسهيل الفكرة التي نناقشها على المشاركين، والوصول الى تحديد المشكلات، ومن ثم إيجاد الحلول، كذلك علينا تصحيح مسار النقاش في حال شططه". وتقول عن الملتقى عموماً أنه خطوة كبيرة على طريق اعطاء الفرصة للشباب ليعبر عن نفسه من دون ضغوط. لبنان ومن الجامعة الاردنية الى الجامعة اللبنانية حيث تدرس لينا قريطم 17 عاماً وتحديداً في الفرقة الاولى كلية السياحة، كانت قريطم ضمن المجموعة التي ناقشت "دور الذكور في المجتمع". حددت قريطم النقاط التي شكلت المشكلة في عدم مشاركة المرأة في إدرار دخل للأسرة، وترسيخ البنية العائلية لسلطة الذكر على الانثى، وسلب حقوق المرأة، ومناقشة دور الشباب فيها. السودان ويبرهن على ذلك عبداللطيف الفاتح 16 عاماً السودان والطالب في الصف الثاني الثانوي القسم العلمي، ويعترف الفاتح بأنه اتى الى الملتقى محملاً بالافكار التقليدية المعتادة عن ادوار الذكر والانثى في المجتمع، "كنت رافضاً تماماً لفكرة خروج الانثى الى الشارع او انخراطها في العمل، وكنت ناقماً على كل من يتكلم عن حقوق الانثى متجاهلاً حقوق الذكر، لكني اقتنعت بأن على الذكر ان يساعد المرأة على النزول الى ساحة العمل". جيبوتي وتعرض ديكا احمد روبليه 17 عاماً جيبوتي الطالبة في الصف الثالث الثانوي مشكلة الشباب في بلدها، تقول: في "بلد يعيش 80 في المئة من سكانه تحت خط الفقر، لا بد من ان يواجه شبابه مشكلات في التعليم والصحة والحياة الاجتماعية، ما يضطر الاطفال الى الانخراط في سوق العمل من دون الحصول على قسط كافٍ من التعليم، إضافة الى مشكلات نقص التغذية". وتضيف روبليه "أنه على رغم المشاعر الجياشة التي يكنها الجيبوتيون، للشعب الفلسطيني، إلا أن حاجز اللغة والمساعدات المحدودة التي تتلقاها من الدول العربية تنأى بأهل جيبوتي عن الشعور بالانتماء الى الكيان العربي، فاللغة العربية هي اللغة الرسمية الثانية بعد الفرنسية، حتى أن الالتحاق بعمل لا يشترط الإلمام باللغة العربية". لكن مواطنها ياسر عوالة 16 عاماً الطالب في الصف الثاني الثانوي يقول أن غالبية مشكلات الشباب العربي تنطبق على الشباب في جيبوتي، ويقول عوالة - الذي شارك في مجموعة التعليم - "إن الامية هي الخطر الاكبر الذي يواجه شباب بلاده إذ تتعد نسبَه ال85 في المئة، كذلك مستوى الخدمات الصحية المتدني". فلسطين ويقول اسعد عبيدات 16 عاماً فلسطيني وطالب في الصف الثاني الثانوي في مدينة القدس "تبدأ معاناة الشباب الفلسطيني، في غير ايام الانتفاضة منذ أن تطئ قدماه الطريق خارج منزله فتبدأ التعليمات المشددة والحواجز والاساءة في المعاملة لا سيما للشباب بين 15 و30 عاماً، وحتى الفتيات يتعرضن لمضايقات عند بوابات الحرم الشريف، إذ كان الجنود الاسرائيليون يصرون على تفتيشهن، وهو ما تسبب في مشكلات عدة، فتم تعيين شرطيات اسرائيليات". وينتقل عبيدات الى مشكلات التعليم التي تواجه العرب في اسرائيل، يقول: ندرس المناهج الاردنية، ولا مجال لتدريس الثقافة والتاريخ الفلسطيني، كما ان اسرائيل لا تسمح بدراسة حقائق التاريخ، لكن تحورها". ومن التعليم الى الاقتصاد، فيقول: "نعاني حصاراً اقتصادياً ونقصاً دائماً في المواد التموينية، كما ترتفع بيننا نسبة البطالة، وكل ذلك يؤدي الى مشكلات نفسية جمة، ويكفي ان فرص العثور على عمل تتضاءل أمام خريجي جامعة بيرزيت على عكس خريجي الجامعة العبرية وحتى الطلاب العرب في الاخيرة يلقون معاملة غير عادلة". ويبدأ زميله فادي همداني 17 عاماً الطالب في المدرسة الاردنية في رام الله حديثه بقوله إن الانتفاضة الفلسطينية الاخيرة أعادت توحيد الصف العربي، واظهرت قوة الاعلام العربي، والدور الايجابي الذي يمكن ان يلعبه. ويعبر همداني - الذي شارك في مجموعة الشباب والاعلام - عن تخوفه من ان تندثر اخبار القضية الفلسطينية من نشرات الاخبار والبرامج التلفزيونية العربية، ويتضح ان همداني اعلامي ايضاً، فهو ضمن فريق العمل في راديو وتلفزيون "امواج" الفلسطيني، وتحديداً برنامج "الدنيا إلنا" الذي يذاع بين الرابعة والنصف والسادسة والنصف مساء، وتقدم فيه الافكار والاغاني والتحقيقات عن ومن الشباب الفلسطيني، فالشباب يقومون فيه بمهام التقديم والإعداد والاخراج والصوت والتفكير. رامي التراهي 19 عاماً فلسطيني ويدرس المحاسبة، شارك في المجموعة التي ناقشت الصحة - وتحديداً التدخين - والشباب وتحدث بإسهاب عن مضار التدخين - وهو للأسف منتشر بين الشباب الفلسطيني - يقول: "أنا مدخن شره، ولست وحدي في ذلك، فأسرتي تتكون من ثمانية افراد، ستة منهم يدخنون". ويفسر التراهي انتشار التدخين بين الشباب الفلسطيني في ضوء التوتر اليومي والاجواء الصعبة التي يعيشونها، وهو يعترف انها مشكلة مكلفة للغاية سواء للصحة او للجيب،. إذ ينفق 500 شيكل 103 دولارات اميركية شهرياً عليها. الجزائر قضية اخرى يتحدث عنها عبدالعزيز نحال 17 عاماً الجزائر الطالب في الصف الثالث الثانوي، شارك نحال في مجموعة العمل والشباب، وكل ما يتصل بالقضية من استغلال الشباب، واختلاف الاوضاع بين الدول، كما ناقشت المجموعة الثقافة النقابية بين الشباب، واهمية معرفة الشباب العامل لحقوقه.يقول: "شملت المجموعة ممثلين من بلدان فيها نقابات شكلية فقط، واخرى تزخر بنقابات فاعلة، وثالثة لم تسمع من قبل بالنقابات". وعن الشباب في الجزائر، يقول نحال: "نعاني البطالة والانحرافات الاجتماعية مثل ادمان المخدرات والتشرد، والحال الاجتماعية المزرية"، ويؤكد أن الارهاب هو المتهم الأول في ذلك، إذ "خلف افكاراً رديئة، وثقافة رديئة، ومصطلحات ايضاً رديئة". ويشير نحال بأسى شديد إلى ميول الشباب الجزائري نحو الهجرة إلى الغرب بنسب متزايدة، يقول: "الجميع يريد أن يهاجر هرباً من الضغوط المستمرة، لكن على الشاب الواعي ان يتمسك بالامل في بلاده، فلو جميعنا غادر الجزائر من يبقى لينميها ويطورها؟". المغرب ومن المغرب، تقول هاجر بن عمرو 15 عاماً والطالبة في الصف الثاني الثانوي أنها اكتشفت ان مشكلات الدول العربية ليست متشابهة فقط، لكن تكاد تكون متطابقة. وتقول ان اهم مشكلة تواجه الشباب المغربي هي التعليم، لا سيما في القرى حيث تعاني الفتيات بصفة خاصة من الامية، وتصل النسبة بينهن الى 80 في المئة. وتزيد "ان هناك حاجة ماسة الى توعية العقول الجامدة، التي ما زالت تقف حجر عثرة أمام تعليم الاناث". ليبيا ويشيد حسام الدين بن عمران 18 عاماً ليبيا والطالب في الصف الثالث الثانوي بالملتقى الذي فتح له نافذة على الشباب العربي ومشكلاته، لا سيما من خلال مجموعته التي ناقشت رواية "الشباب والعنف". إيران ومن إيران شارك الشاب الكفيف والموهوب فراز خنافري 16 عاماً في مجموعة الإعلام والشباب، يقول: "من ابرز مشكلات الشباب في ايران عدم اهتمام الاعلام بمشكلاته بالقدر الكافي، وهو ما يدفع الشاب الى الارتماء في احضان الاعلام الغربي بكل قنواته. وهو يطالب بأن يكون الشباب مسؤولين عن قناة اعلامية مسؤولية كاملة. ويشير كذلك الى مشكلة البطالة التي تعانيها الكوادر الايرانية الشابة والمؤهلة. وعن نفسه يقول: "أعشق آلة البيانو، وأجيد العزف عليها، وكنت أتمنى أن اتخصص فيها في دراستي الجامعية، لكن للأسف لا توجد لدينا مثل تلك الاختصاصات". وتقول زاده بفخر: "صحيح ان عائلات عدة في ايران محافظة، لكن يجب أن اشير الى ان 60 في المئة من خريجي الجامعة من الفتيات، و40 في المئة فقط ذكور". ويتحدث بنهام سابايان 16 عاماً ايران عن ضرورة تغيير نظام التعليم، ويطالب بأن تخرج التوصيات في هذا المجال إلى حيز التنفيذ، والا تقتصر على الكلام فقط. ويقول: "طبقنا في ايران نظام تحريم اميركا، فعلى رغم قطع العلاقات التجارية معها، وما ترتب على ذلك من مشكلات، إلا أننا تحملنا ذلك، وهي تجربة يمكن لدول أخرى الاقتداء بها".