الاهتمام الذي أبدته حكومة كردستان العراق جناح مسعود البارزاني بضيوف وفعاليات مهرجان الذكرى المئوية لولادة الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري، كان استثنائياً، ومن المرجح ان استثنائيته هذه تحمل مضامين سياسية، بالإضافة إلى الصداقة التي كانت تربط الجواهري والملا مصطفى البارزاني، والتي توجها الشاعر بقصائد حب في الأكراد ومديح لزعيمهم. فكانت المناسبة فرصة لمسؤولي الاقليم لتأكيد عراقية الأقليم وعلاقة القربى التي تربط الثقافتين الكردية والعربية. وفود الكتّاب والمثقفين العرب الذين جاءوا من مصر والجزائر والمغرب ولبنان وسورية والبحرين، عبرت إلى الاقليم الكردستاني عبر نهر دجلة، وهيأت لهم حكومة الاقليم قوارب صغيرة نقلتهم من الحدود السورية إلى كردستان حيث كان في استقبالهم على الضفة الأخرى من النهر وزير الثقافة في حكومة البارزاني فلك الدين كاكه يي. المحطة الأولى كانت مدينة دهوك التي يتطلب إليها المرور ببوابة خابور على مثلث الحدود السورية - التركية - العراقية، حيث تتجمع آلاف الشاحنات المحملة بالنفط الداخل إلى تركيا ضمن اتفاق النفط مقابل الغذاء. وبعد خابور عبر الموكب إلى مدينة زاخو، إحدى أشهر المدن المنكوبة بحملة الأنفال التي خاضها الرئيس العراقي صدام حسين ضد الأكراد، وصولاً إلى دهوك. الوفد بات ليلة في المدينة وتوجه صباحاً إلى مدينة أربيل التي تبعد 400 كيلومتر، وعلى الطريق كانت القرى والبلدات الكردية القليلة في استقبال وفد الكتّاب العرب، إذ اصطف طلاب المدارس وعناصر "البيشمركة" ميليشيا الحزب الديموقراطي الكردستاني على الطرق التي عبرتها السيارات الحديثة الطراز، والتي نقلت الوفود. الأكراد، أبناء القرى المحيطة بالجبال الوعرة، الذين خرجوا لاستقبال الوفود العربية، كانوا لشدة ترحيبهم واحتفالهم بقدوم الوفود يوحون بأنهم يستقبلون الوفد الأول الذي يزور اقليمهم، أو أنهم يشعرون بأن قدوم الكتّاب العرب، اعتراف من قبل هؤلاء باستقلالهم الإداري وبحكمهم الذاتي، فردوا هذه التحية بأن أكدوا في كلماتهم الترحيبية على عراقية اقليمهم، ولم يتذمروا كثيراً عندما أكد رئيس حزب التجمع المصري حسين عبدالرازق على انتماء الثقافة الكردية إلى الحضارة العربية. المثقفون والكتّاب الأكراد، احتفلوا بمئوية الجواهري بأن أصدروا منشورات تعريفية بعلاقة الجواهري بالثقافة الكردية وبدعمه لقضيتهم. وتضمنت المنشورات صوراً تضم الجواهري إلى الملا مصطفى البارزاني. وكانت المناسبة أيضاً فرصة لتوزيع ترجمات للشعر الكردي إلى العربية، وللتعرف إلى الكتّاب العرب من المشاركين. وفي اليوم التالي افتتح رئيس وزراء الاقليم، نشيرفان بارزاني، المهرجان في قاعة ميديا في أربيل. وتلى الافتتاح حفل ازاحة الستار عن تمثال للجواهري في بارك أربيل، علماً بأن الهيئة المنظمة للمهرجان ضمت مسؤولين أكراداً، ومعارضين عراقيين حرصوا على أن يكون الاحتفال بهذه المناسبة في أراضٍ عراقية.