عشية القمة العربية الطارئة التي تبدأ أعمالها اليوم في القاهرة، وجهت اسرائيل رسالة ذات شقين: قتل 9 مواطنين فلسطينيين وجرح نحو ثلاثمئة آخرين، وتاكيدها انها ستعلن تجميد عملية السلام بعد انتهاء القمة. وبعد يوم طويل من المواجهات الدموية بين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية، أعلن ناحمان شاي الناطق باسم الحكومة الاسرائيلية ان "السلطة الفلسطينية لم تنفذ التفاهمات التي تم التوصل اليها في شرم الشيخ، وواضح ان العنف لم يتوقف". وزاد ان رئيس الوزراء ايهود باراك سيعلن بعد انتهاء القمة العربية غداً ان اسرائيل ستجمد عملية السلام. وتابع ان الدولة العبرية "ستأخذ وقفة من العملية الديبلوماسية وستدرس الخطوات التي ستتخذها في المستقبل. وخلال الوقفة ستعيد تقويم الأسابيع القليلة الماضية، منذ اندلاع أعمال العنف، وستتخذ قراراتها في شأن متى وكيف وبأي شكل ستواصل عملية السلام". وسقط الشهداء ال 9خلال مواجهات واشتباكات عنيفة أعقبت مسيرات وجنازات ضخمة انطلقت بعد صلاة ظهر الجمعة، شارك فيها الآلاف مطالبين القادة العرب باتخاذ قرارات حاسمة لمصلحة قضيتهم، ورفعوا أعلام كل الدول العربية. وتجددت المواجهات بعد انتهاء "المهلة الزمنية" التي نص عليها تفاهم شرم الشيخ لإعادة الهدوء الى المنطقة، وتركزت بين الشبان وبين الجنود الاسرائيليين والمستوطنين في منطقة نابلس حيث قتل اربعة فلسطينيين وأصيب عشرات. والشهداء هم فراس خليل زيد 26 عاما وامجد احمد اكرم 32 عاما وعدنان محمد خيري 21 عاما وعيسى عبدالله فاعور 32 عاما. وسقط الشهيد الخامس علاء بني نمرة 14 سنة في سلفيت برصاص المستوطنين، ولحقه ثائر علي 18 سنة من مخيم الأمعري في البيرة، بعدما أصيب برصاصة في الدماغ. كذلك سقط نضال ابو شقره 22 عاما في جنين بعد اصابته برصاصة في صدره، وسقط محمد ابو طاحون 26 عاما في مواجهات مع الجيش في طولكرم. كذلك سقط شهيد في قلقيلية لم تعرف هويته. وأعلنت اذاعة "صوت فلسطين" ليلاً أن عدد الجرحى بلغ ثلاثمئة، اصابات 24 منهم خطرة، فيما قصفت مروحيتان اسرائيليتان مواقع في بيت ساحور برشاشات ثقيلة. ولم تستبعد مصادر ان يرتفع عدد الضحايا بسبب خطورة الاصابات. وأكد مواطنون ان القوات الاسرائيلية التي اشتبكت مع الشبان على مدخل مدينة نابلس الجنوبي اطلقت النار في شكل جنوني للانتقام كما يبدو لمقتل مستوطن مساء الخميس الماضي، خلال اشتباكات مسلحة بعدما حاولت مجموعة من المستوطنين دخول مقام يوسف الذي أخلي قبل اسبوعين. وشهد المدخل الشمالي لمدينة رام الله اشتباكات عنيفة، أدت بالاضافة الى استشهاد ثائر الى اصابة 50 آخرين، وصفت جروح أربعة منهم بأنها خطرة. وسجلت مواجهات ساخنة في مدينة خان يونس قرب مستوطنة مقامة هناك حيث جرح 42 شاباً. ودعا المشاركون في المسيرات القمة العربية الى اتخاذ قرارات بوقف التطبيع مع اسرائيل والعلاقات الديبلوماسية بما في ذلك اغلاق السفارات والمكاتب التجارية الاسرائيلية. وفيما دعا وزير الخارجية الاسرائيلي بالوكالة شلومو بن عامي القيادة الفلسطينية الى "تهدئة الأوضاع" كي يتسنى "خلق المناخ المناسب للتقدم واحياء الحوار"، هدد باراك بأخذ "وقت مستقطع من المفاوضات" إذا استمرت المواجهات. وقال ان اسرائيل قدمت "تنازلات ضخمة" في قمة كامب ديفيد وإذا عاد الجانبان الى طاولة المفاوضات فإن اسرائيل "ستشطب كل الأفكار التي قدمتها" في القمة وتبدأ من جديد. وكان أكد ان الجيش الاسرائيلي "سيتخذ كل ما هو ضروري" للرد على اطلاق النار. واستؤنف اطلاق النار باتجاه مستوطنة غيلو مساء أمس، فيما أصيب ستة جنود اسرائيليين بالرصاص قرب مدينة طولكرم. وحاول باص يقل جنوداً اسرائيليين دخول مدينة طولكرم التي تقع في منطقة أ وتتبع السلطة الفلسطينية بالكامل، فأطلق عليه رجال الشرطة الفلسطينية النار لوقف تقدمه وجرح ستة من الجنود. وقال الجنرال اسحق تيان ان الباص "ضل طريقه". واندلعت المواجهات أمس مع اقتراب انتهاء مهلة تطبيق وقف النار 48 ساعة ظهر أمس. وبادر الرئيس بيل كلينتون الى الاتصال بباراك والرئيس ياسر عرفات ليحض على "وقف النار"، ثم اعلنت اسرائيل انها مستعدة لاظهار "مرونة" في شأن مهلة ال48 ساعة، لكن الصدامات احتدمت. لجنة تحقيق من الأممالمتحدة في جنيف رويترز دانت لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة اسرائيل لارتكابها "جرائم حرب" و"جرائم في حق الانسانية" في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. ودعا القرار العربي الاسلامي الذي وافقت عليه اللجنة ليل الخميس، الى انشاء لجنة تحقيق دولية من خمسة أعضاء، يساندها فريق من خبراء الطب الشرعي للنظر في أسباب "العنف". وستقوم ماري روبنسون رئيسة لجنة حقوق الانسان وسبعة محققين مستقلين للأمم المتحدة بزيارات للمنطقة تستمر خمسة أيام. وشدد السفير الاسرائيلي يعقوب ليفي في مؤتمر صحافي على أن الدولة العبرية لن تتعاون مع لجنة تحقيق "غير ضرورية"، فيما وصفت الخارجية الاسرائيلية قرار اللجنة بأنه "عدائي وغير منصف".