الجدل الدائر بين منظمة الوحدة الافريقية ودول الاتحاد الاوروبي حول متطلبات الاعداد الجيد لأول قمة بين المجموعتين ليس بعيدا عن تأثير الخلافات الافريقية، بخاصة ما يتعلق بالاوضاع في منطقة شمال افريقيا. ومن سوء حظ المنظمة القارية ان خلافات البلدان العربية الافريقية اثرت كثيراً في العلاقات العربية - الافريقية. ويقول الدكتور بطرس غالي الامين العام السابق للامم المتحدة انه سمع مزيداً من الشكاوى من قادة افارقة حين عرضت قضية تعليق عضوية مصر في المنظمة الافريقية نهاية الثمانينات اثر ابرام اتفاقي كامب ديفيد، مفادها ان الدول العربية نقلت خلافاتها الى الساحة الافريقية. بيد ان اعتراف المنظمة القارية ب"الجمهورية الصحراوية" عام 1984 لم يفلح في تخليص المنظمة من مشكل الصحراء بل زاده تعقيداً، بدليل ان الاعتراف لم يحل المشكل، وأنه يقف الان حاجزاً امام امكان عقد قمة اوروبية - افريقية ينظر اليها الجانبان بمثابة آلية جديدة لدعم مجالات التعاون واحتواء النفوذ الاميركي المتزايد في القارة السمراء بالنسبة الى المحسوبين على أوروبا. بارتباط مع تراجع دور المنظمة الافريقية في تسوية النزاعات المسلحة وإنهاء الحروب الأهلية المنتشرة في القارة، تعرض الحوار العربي - الافريقي، بخاصة بين جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة، الى انتكاسة منذ سنوات، وباستثناء ليبيا التي اختارت الانفتاح على محيطها الافريقي، والجزائر التي ترأس الدورة الحالية للمنظمة، أبدت دول عربية تحفظات عن صيغة الحوار المقترح، علما ان الدول العربية كانت تجد سندا في المواقف الافريقية يدعمها قبل ان تحقق اسرائيل اختراقا واسعاً في الساحة الافريقية، ليس اقله تطبيع العلاقات بين تل ابيب ونواكشوط، ذات الهوية العربية - الافريقية. ثمة آليات في الحوار مع الجانب الأوروبي، أبرزها المنظومة الاورو - متوسطية التي كادت تصبح بديلاً عن الحوار العربي - الأوروبي، وهناك شراكات ذات اهداف سياسية واقتصادية انجزت بين عواصم عربية وبلدان الاتحاد الاوروبي، وكان في امكان القمة الأوروبية - الافريقية التي حبذها شركاء اوروبيون وافارقة ان تفتح آفاقاً جديدة امام الجانبين، في حال التركيز على مجالات التعاون الاقتصادي لتخفيف اعباء الديون الخارجية للمجموعة الافريقية، والافادة من مساعدات التنمية وبلورة خيار الديموقراطية واحترام حقوق الانسان. لكن الوضع الحالي لمنظمة الوحدة يعيق بدء الحوار الذي يستبدل بصيغة ثنائية أو متعددة الأطراف، من دون ان يرتدي طابع حوار المؤسسات. فالاتحاد المغاربي الذي يجمع دول شمال افريقيا لم ينجح في بلورة منظور شامل للحوار مع بلدان الاتحاد الاوروبي، بسبب تخلفه عن مواعيد الاستحقاقات الكبرى نتيجة استشراء الخلافات، وحال مجموعة لومي لدول غرب افريقيا لم تساعد في اقامة تكتل اقتصادي وسياسي يحفز الشركاء الأوروبيين، بالتالي سيكون صعبا ان تستميل المجموعة الافريقية الجانب الاوروبي في اطار الوحدة الافريقية، إن لم تحقق للمنظمة حضورا في مستوى الدور المنوط بها. المشكل في منظمة الوحدة الافريقية انها ركنت الى انجازات حققتها في سنوات الكفاح من اجل الاستقلال، ويبدو انها ظلت اسيرة احلام ما قبل نهاية الحرب الباردة. في المقابل قطع الاتحاد الأوروبي اشواطا كبيرة على طريق الاندماج والوحدة الاقتصادية والعملة الموحدة والتطلع الى مزيد من الانجازات الحضارية، وتبدو نظرته الى اوروبا الشرقية والاوضاع في البلقان اقرب منها الى الامتداد الجنوبي نحو القارة الافريقية التي كانت مركز نفوذه التقليدي. ولا يعكس العتب الاوروبي على واقع منظمة الوحدة سوى حقيقة ان الحاجة ماسة لمعاودة النظر في مهمتها وآلياتها وتصحيح خطواتها، لتظل صوتا افريقيا في مواجهة اصوات باقي المحاور.