اشتدت المنافسة في سوق الملابس الرجالية السعودية خلال شهر رمضان الجاري وبلغت مستوى وصفه المتعاملون والتجار بانه "لم يسبق ان حدث في البلاد"، خصوصاً في قطاع الشماغ العمامة الذي اشتعلت المنافسة عليه لدرجة انه اصبح بالإمكان ان يشتري المستهلك قطعة واحدة قيمتها 150 ريالاً 40 دولاراً ويفوز باحدى جوائز الترويج النقدية او العينية التي تصل قيمتها الى 25 الف دولار. ويبلغ حجم سوق الملابس الرجالية في السعودية، وفقاً لتقديرات رئيس مجلس ادارة "شركة عجلان واخوانه" ثاني اكبر الشركات العاملة في هذا المجال، نحو ثلاثة بلايين ريال 800 مليون دولار سنوياً تقتطع العمامة في شكليها "الشماغ" و "الغترة" اكثر من بليون ريال منها 850 مليون ريال 226.6 مليون دولار للشماغ وحده. وتتوزع الحصص الباقية بين بليون ريال للأقمشة الرجالية الخام و500 مليون ريال للملابس القطنية الداخلية والبيجامات وخلافها والبقية لسوق الملابس الجاهزة. واذا كانت بقية الملابس السعودية غير لافتة بسبب كثرة المتاجرين والمصنعين لها، فإن تصنيع واستيراد وتسويق الشماغ اصبح في العامين الاخيرين الشغل الشاغل للتجار والناس. فبعد ان تعود السعوديون على نحو خمس شركات تخصصت في هذا المجال في الماضي، ظهر اخيراً العديد من الاسماء والعلامات التجارية وبالطبع التجار الجدد الذين امتهنوا المهنة. ولعل الجامع الوحيد بينهم المصادر الصناعية والتقارب في الاسعار. ويصنع الشماغ السعودي من القطن المصبوع باللون الاحمر والمزين بخطوط تتطابق باستثناء الاطراف التي تتغير تبعاً للعلامة التجارية في كل من انكلترا وكوريا، والاولى تسيطر على هذه الصناعة على مستوى الخليج منذ نحو نصف قرن ولا يعرف السبب الحقيقي وراء توطين هذه الصناعة هناك. ويوجد في بريطانيا وفقًا لمصادر السوق السعودية سبعة مصانع للشماغ تصدر كل انتاجها للخليج. ويستثمر السعوديون في هذه المصانع بمساهمات مختلفة لا تتوافر معلومات دقيقة عنها. اما الغترة وهي العمامة البيضاء الخفيفة، فتصنع من النسيج السويسري في سويسرا التي تحتضن بدورها ثلاثة مصانع متخصصة، اضافة الى التصنيع في دول جنوب شرق اسيا خصوصا كوريا والصين. ولم تفلح محاولات رجال الاعمال توطين هذه الصناعة في السعودية بسبب حاجتها الى صناعات نسيج مساندة لا تتوافر محلياً ويتطلب توفيرها رفع الكلفة الاجمالية لتصبح عديمة الجدوى. وعلى رغم وجود تراخيص صناعية صادرة لهذه الصناعة، الا ان المحاولات باءت كلها تقريباً بالفشل. ولعل اطرف ما يرويه تجار الشماغ ان وزارة المال السعودية رفعت الرسوم الجمركية على الشماغ الى 20 في المئة منذ الثمانينات مع بدء انتاج احد المصانع له لتوفير الحماية للمنتج المحلي، الا ان المصنع توقف بعد سنوات عدة وبقيت الرسوم الجمركية الى اليوم. وتعيش الاسواق السعودية هذه الايام ذروة التنافس في هذه السوق بعد ان ارتفع عدد المستوردين الى نحو 60 مستورداً، رصدت "الحياة" 22 منهم، يقومون بحملات ترويجية كبيرة تقدم جوائز نقدية تصل الواحدة منها الى 50 الف ريال او سيارات مختلفة الاحجام والعلامات التجارية. واعتاد السعوديون شراء الشماغ او الغترة الجديدين في الاعياد. ويستهلك الفرد الواحد منهم في المتوسط ما بين اربع وخمسة قطع سنوياً اضافة الى الشماغ الصوفي الخاص بالشتاء والذي يفضله هواة الرحلات البرية او كبار السن غالباً. ولم تنحصر المنافسة في الاسماء والعلامات التجارية المعروفة او المبتكرة بل تجاوزت الى اخذ بعض التجار حقوق استخدام اسماء العلامات العالمية في الازياء خصوصاً الاوروبية والاميركية مقابل مبالغ مالية معينة في صفقات تتم بسهولة نظراً لعدم اهتمام شركات الازياء العالمية بتنصيع الشماغ الذي ينحصر استخدامه تقريباً في مناطق الجزيرة العربية وبعض دول بلاد الشام والعراق وسيناء. وتستفيد قطاعات اخرى من المنافسة الشرسة في قطاع الشماغ في مقدمها شركات الطباعة والتغليف والعبوات الكرتونية بعد ان اجبرت المنافسة التجار على وضع عبوات مكلفة تصل كلفتها في الحد الاقصى الى اربعة دولارات للعبوة الواحدة. والى ان يحين العيد المقبل بعد اكثر من شهرين بقليل ستوزع الشركات العاملة في هذا المجال جوائز نقدية وعينية تصل قيمتها الى عشرة ملايين ريال ليصبح شراء الشماغ اشبه باليانصيب بعد ان كان من اسهل وابسط خطوات التسوق للمستلزمات الرجالية.