استغنى فرانسيسكو سكوليو مدرب منتخب تونس عن اللاعبين اسكندر السويح وفوزي الرويسي في قائمة لاعبي المنتخب التي دخلت في آخر معسكر تحضيري في اسبانيا قبل نهائيات كأس أمم افريقيا، فيما احتفظ بالحارس شكري الواعر "مكرهاً"، لأن الخيارات البديلة أمامه غائبة إن لم تكن معدومة. ويبدو ان عام 1999، أصر ان يحمل معه ثلاثي الذهب التونسي الواعر والسويح والرويسي بعد ان خيبوا آمال التوانسة في التقويمات الافريقية "بأم الهزائم" بانسحاب الافريقي والترجي من نهائيات الكؤوس القارية. ولعل الأمر من ذلك ان مغادرة حارس الترجي التونسي والمنتخب لعقد التسعينات، ونجم صفاقس وابنها المدلل السويح، وهداف الافريقي وقائده صاحب رباعية القرن، تمت بطريقة رديئة تراوحت بين الطلاق بالتراضي ظاهرياً الى الرفد من النادي وصولاً الى العرض للبيع. فالحارس شكري الواعر، الذي ظالما تغنى به جمهور الترجي ونسجوا الأهازيج باسمه غادر حديقة الرياضة بمركب "محمد الخامس" نهائياً تحت وقع اهداره ضربة جزاء مصيرية أمام الرجاء البيضاوي في كأس رابطة الابطال الافريقية، وشكري 33 عاماً يبدو كأحد أكباش الفداء، لتلك الهزيمة المرة، فبعد قرابة الشهر عن النهائي الافريقي خرج رئيس النادي السيد سليم شيبوب عن صمته ليؤكد اعتزال الواعر اللعب بكلمات تبعث بإشارات قوية من الاتساع تجاه هفوة ضربة الجزاء حيث قال: "لقد احترمنا قراره بالاعتزال، ورغم قيمته الفنية الكبرى، الا انه لم يعد قادراً على مواكبة نشاط فريق محترف كالترجي نظراً لالتزاماته المهنية والعائلية التي تعيقه عن التركيز". ثم يضيف: "والأفضل ان يغادر بدل ان يواصل التدرب معنا وهو غير مرتاح معنوياً وقد يتسبب هذا في اخطاء...". ويبدو ان فيما تقدم الكثير من المعقولية، فمنذ بداية الدوري الحالي، عرف شكري الواعر، لحظات صعبة، حيث رفعت في وجهه الورقة الحمراء مرتين، الأولى محلية بعد اعتداء بالعنف في مباراة الموسم أمام النجم الساحلي والثانية في الأدغال الافريقية، ولكن ذلك لم يمنع ان شكري عرف الاستقرار العائلي بعد زواجه الثاني في صائنة 1999، وتوسع مشاريعه التجارية بافتتاحه مطعم "روبنسون" في وسط العاصمة تونس. ولكن عطاء الواعر، لم يتغير، فالترجي التونسي لم يقبل في مرحلة الذهاب سوى 3 أهداف على 11 مباراة، كما انه ساهم بصفة محسوسة في ترشح الترجي الى نهائي رابطة الابطال، وكذلك في ترشح منتخب تونس لنهائيات كأس أمم افريقيا، أمام منتخبات عريقة مثل ليبيريا والجزائر، وفي الحقيقة فإن سلوكيات الواعر في الدوري وطريقته في تنفيذ ضربة الجزاء بصفة مستسهلة، هي سلوك شبه طبيعي لأغلب لاعبي الترجي التونسي الذي سيطر على كرة القدم التونسية في عقد التسعينات، ولم يعرف سوى الانتصارات والتقديمات محلياً وخارجياً مما جعل مشاعر الانصارية تدب في أوصال اللاعبين، ليفقدوا توازنهم ويدفع الواعر الثمن ويحتفظ به مدرب المنتخب لمحاولة تجاوز الدور الأول في النهائيات الافريقية كأقصى آمال التوانسة. ويبدو ان حظ "قائد النادي الافريقي فوزي الرويسي ليس بأفضل حال من نظيره في الترجي، فبعد الهزيمة الافريقية أمام نادي افريكا سبور العاجي، و"الهزيمة - الفضيحة" أمام الترجي التونسي برباعية نظيفة، أعلنت رئاسة النادي عن عرض فوزي الرويسي للبيع لمن يدفع الثمن المناسب، وفوزي الرويسي هو أحد الأخوة الثلاثة من عائلة الرويسي التي سيطرت على النادي مع عائلة السليمي في عقد التسعينات، الذي شهد نتائج مفاوتة لنادي باب الجديد، فبعد بداية جيدة في أوائل التسعينات بإحراز رباعية القرن في 1994 بالفوز بكأس وبطولة تونس وكأس الكؤوس الافريقية والكأس الافرو - آسيوية، عرف الافريقي تراجعاً كبيراً في أدائه، مما جعله يصوم عن التتويجات في الموسمين الماضيين. ومع ذلك فإن فوزي الرويسي الذي احترف بنادي كان الفرنسي وبالمملكة العربية السعودية وهداف الافريقي في مواسم متعددة ومنتخب تونس بتسجيله 20 هدفاً يغادر ملاعب تونس ولم يتجاوز 28 عاماً، والأدهى من ذلك ان يغادر حديثة "منيح القبايلي" للافريقي متهماً بالتخاذل أمام منافسه التقليدي الترجي التونسي، وفي النهاية يحرم من نهائيات كأس امم افريقيا، لتكون اللوعة والحسرة مضاعفة. اما آخر عنقود الثلاثي اسكندر السوع الذي لم يتجاوز ال27 عاماً، فإ وضعيته تبعث عن الحيرة والتساؤل. فهي يعقل ان يقع الاستغناء عن نجم النادي وقائده بدعوى اعطاء الفرصة للشبان وهو في أوجه العطاء والنضج وكيف يحول اختلاف في الأمزجة بين اللاعب والمدرب في الاستفادة من قيمة كروية ثابتة لا يبرز للوجود كل يوم. والأهم من ذلك كيف يقع دفع السويح خارج الميدان بدعوى عدم قدرة النادي عن تلبية مطالبه المادية. ويتضح من هنا مربط الفرس في مغادرة هذا الثلاثي للميدان وهم في أوج العطاء والنضج، فالأندية التونسية لم تفهم جيداً لعبة الاحتراف، فاللاعب ما دام يعطي ويسجل، تغدق عليه الأموال ويرفل في حلة الشهرة والمجد وان مر ببعض الظروف النفسية الصعبة، يصبح مثل المدرب أول من يدفع الثمن، بل يطرد شر طردة؟ وفي ذلك مثال سيء للشبان القادمين.