وكان ان استيقظ الاسرائيليون صباح السادس من تشرين الأول اكتوبر على النبأ الذي "أذهلهم" و"زلزل بنيان حكمهم" كما قالت التقارير الصحافية في ذلك اليوم. ففي صباح سبت كان يحتفل فيه اليهود بعيد الغفران كيبور، قامت القوات المصرية والسورية، الى جانب قوات عربية أخرى ذات وجود رمزي، بشن هجمات صاعقة على القوات الاسرائيلية المرابطة عند قناة السويس وفي هضبة الجولان، معلنة بداية الحرب الرابعة بين العرب واسرائيل. كان واضحاً منذ الساعات الأولى ان القوات العربية المهاجمة انما تستهدف استعادة الأراضي التي كانت قد فقدت في 1967، وأن الهجوم قد أعد بعناية ودقة على غير ما كان العرب قد عهدوا في حروبهم. ولقد مكّن ذلك الإعداد، القوات المصرية من عبور خط القنال واختراقه عند 12 نقطة على الأقل، كما مكّن السوريين من الالتفاف على الخطوط الاسرائيلية في الجولان وفي منطقة جبل الشيخ. عندما "أفاق الاسرائيليون من ذهولهم" حركوا قوات الطيران، لكنها خلال مرحلة أولى عجزت عن مجابهة الهجوم العربي الكبير. ولكن شيئاً فشيئاً، ومع انقضاء الأيام الأولى للحرب، عاد الميزان وتعدل بعض الشيء، بعد أن حقق الاسرائيليون خروقات عدة وأساسية في الهجوم المصري، بل ووصلوا الى حد محاصرة الجيش الثالث المصري عند الدفرسوار ليشكل الضغط عليه ورقة أساسية في يدهم لعبوها بكل استماتة. لقد كتب عن تلك الحرب الكثير كتباً ودراسات وتقارير، بحيث تبقى بالكاد امكانية استزادة لمستزيد. واليوم، بعد تسعة عشر عاماً على انبثاق تلك اللحظة المضيئة في التاريخ العربي الحديث، نعود لنتساءل: لماذا كانت عابرة فلئن كانت الهزيمة في العام 1967 أدت الى ظهور وعي عام واصرار على مجابهة اسرائيل لدفعها، على الأقل، الى إعادة ما استولت عليه في تلك الحرب، فكيف قُيّض لانتصار تشرين 1973 ان يؤدي الى غرق الوعي العربي العام في سباته العميق؟