سلط قتل زعيم الميليشيات الصربية "اركان"، مزيداً من الضوء على قضية مجرمي الحرب الذين لا يزالون بعيداً عن متناول محكمة لاهاي، فيما اتهمت بلغراد عصابات من الجبل الاسود بتنفيذ عملية الاغتيال. وتبين ان المصاب خلال اغتيال "اركان" يعمل لمصلحة الاستخبارات الصربية. وجاء ذلك في وقت عقد ممثلون عن احزاب المعارضة الصربية اجتماعاً مع مسؤولين أوروبيين واميركيين في منتجع "بودفا" على ساحل البحر الادرياتيكي في الجبل الأسود امس الاربعاء. وقال المبعوث البرتغالي انتونيو كورييا الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي: "اننا نرغب في ان نسمع منهم المعارضين الصرب ما هي حاجاتهم، وسنرى هل نستطيع تلبية طلباتهم السياسية والمالية؟". واعرب ممثلو المعارضة الصربية عن رغبتهم في توسيع برنامج "الطاقة في مقابل الديموقراطية"، من خلال تقديم مساعدات انسانية لعدد من المدن في صربيا، اضافة الى منح بلغراد معونة للقضايا الانسانية الملحة. وقال المعارض الصربي دراغوسلاف افراموفيتش الحاكم السابق للمصرف المركزي اليوغوسلافي ان "ممثلي المعارضة طلبوا ثلاثة أمور رئيسية هي: ان تشمل مساعدات الطاقة 23 مدينة، وتقديم معونة غذائية لما لا يقل عن 13 مدينة ومنح صربيا 200 مليون مارك الماني لدفع الرواتب التقاعدية المتأخرة". ويأتي اجتماع "بودفا" في اطار اللجنة الثلاثية المشتركة المعارضة الصربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي تم تشكيلها اثناء وجود وفد المعارضة ببرلين في 17 كانون الأول ديسمبر الماضي والخاصة ببحث امكانات مساعدة صربيا واجراء تغييرات ديموقراطية حكومية فيها. محكمة لاهاي على صعيد آخر، أفادت رئيسة هيئة الادعاء العام في محكمة الجزاء الدولية الخاصة بمناطق يوغوسلافيا السابقة كارلا ديل بونتي خلال اجتماعها مع الأمين العام لحلف شمال الاطلسي جورج روبرتسون في بروكسيل امس، ان من مصلحة محكمة لاهاي مثول كل المتهمين امام العدالة وخصوصاً رئيس صرب البوسنة السابق رادوفان كاراجيتش وقائده العسكري الجنرال راتكو ملاديتش "لأن القبض على المتهمين سوف يضمن السلام في البوسنة ويبعث الاطمئنان لدى سكانها". وأوضحت ان اكثر من 30 متهماً بارتكاب جرائم حرب، لا يزالون فارين. واعربت عن أملها في ان تعمل قوات حلف شمال الاطلسي للقبض عليهم. وأشارت الى ان ملف جيليكو راجنا توفيتش "اركان" لن يغلق في المحكمة و"التحقيقات في هذا الشأن ستستمر". الى ذلك، أكد روبرتسون مواصلة الحملة المكثفة لإلقاء القبض على مجرمي الحرب. واضاف: "لن اشعر بالارتياح حتى يمثل كل المطلوبين امام المحكمة". الاستخبارات الصربية وحمل وزير الاعلام اليوغوسلافي غوران ماتيتش عصابات المافيا في جمهورية الجبل الأسود مسؤولية قتل اركان "كي يخلو لها الجو لتفعل ما تشاء في بلغراد". واضاف في تصريح صحافي، ان المعارضة الصربية تحاول تسييس قتل "اركان" الذي هو "بلا شك مجرم". وذكرت صحيفة "بليتس" الصربية المستقلة الصادرة في بلغراد ان الشخص المصاب خلال اغتيال "اركان" هو دوشان غافريتش 25 عاماً وكان من عناصر ميليشيا "النمور الصربية" ويعمل في جهاز الاستخبارات الصربية. وكانت الشرطة قبضت عليه اثناء معالجته في أحد المستشفيات الأهلية في بلغراد من إصابته في العمود الفقري. وأشارت الصحيفة الى انه نقل الى مستشفى في مدينة "لوزنيتسا" جنوب صربيا تحت حراسة مشددة من دون ان توضح الجهات الأمنية سبب هذا الإجراء. وتناولت الصحيفة ثروة "اركان" الكبيرة. والتي تتكون من شركات للنقل البري والطيران والنوادي الليلية وشركات للبناء والمخازن ومؤسسات عدة للتهريب لها علاقة بعصابات المافيا في الدول البلقانية والأوروبية الأخرى، كما كان يتقاضى مبالغ منتظمة من عدد كبير من أصحاب الشركات الاهلية في مقابل توفير الحماية لها.