استقبل الرئيس الفرنسي جاك شيراك في قصر الاليزيه أمس أربع شخصيات اسلامية في فرنسا، وقدّم لها تهانيه لمناسبة العام الجديد، في سابقة من شأنها تبديد الشعور بالآسى الذي كان يراود مسلمي فرنسا في مطلع كل عام من جراء عدم استقبال الرئيس لممثلين عنهم أسوة بالطوائف الأخرى. ووصفت هذه الشخصيات وهي: عميد جامع باريس دليل بوبكر، ورئيس جامع ليون رباح خليف، وإمام جامع مانت-لا جولي مصطفى صغيري ومفتي مارسيليا صحيب بن شيخ، لقاءها مع شيراك بأنه خطوة تاريخية. وقال بوبكر في ختام اللقاء انه "شكّل إقراراً رسمياً بالواقع المسلم في فرنسا"، وأن شيراك اكّد عبره أنه "رئيس لجميع سكان فرنسا". وأكدّ أن مسلمي فرنسا سيعملون، من جهتهم، وعبر أطرهم على تحقيق الانسجام مع المجتمع الفرنسي في ظل احترام قوانين الجمهورية. وأضاف أن "المسلم الفرنسي اليوم هو مواطن بشكل كامل" وأن الإسلام لن يكون ملجأ ومصدراً للإحتجاجات في علاقاته مع الدولة. وأشار بوبكر الى أن شيراك تعهّد رسمياً ببذل كل ما أمكن لكي يحتّل الإسلام المكانة العائدة له الى جانب الطوائف الأخرى في فرنسا. ورأى بن شيخ أن خطوة شيراك تؤكّد أن الإسلام "يتجذّر بطريقة ممتازة ضمن العادات الجمهورية وأنه بات يشكّل جزءاً لا يتجزأ من الخريطة الجمهورية الفرنسية". ومعروف أن الإنقسامات المتنوعة التي سادت حتى الآن صفوف مسلمي فرنسا الذين يقدّر عددهم بنحو خمسة ملايين شخص، وتعذّر إتفاقهم في ما بينهم على صيغة تمثيلية لهم، برّرت في السابق عدم استقبال الرئيس الفرنسي لممثلين عنهم، بحلول كل سنة جديدة، مما ولّد لديهم شعورا بالاستبعاد. وقالت الناطقة باسم الأليزيه كاترين كولونا ان شيراك أراد عبر استقباله الشخصيات الأربع تقديم تهانيه لها، وتقديمها عبرها الى جميع مسلمي فرنسا. وأضافت أن اللقاء الذي اندرج في اطار من الانفتاح والحوار، سمح لهذه الشخصيات التعبير عن مواقفها من مكانة الجالية الاسلامية في اطار الجمهورية. وذكرت كولونا ان اللقاء تناول ايضاً مسألة اعداد الأئمّة وكل الجوانب المتعلقة بالإندماج. وتأتي خطوة شيراك هذه في أعقاب المبادرة التي أقدم عليها وزير الداخلية والأديان جان-بيار شوفنمان الذي دعا في تشرين الثانينوفمبر الماضي أعدادا من ممثلي الجوامع والهيئات المسلمة الى ايجاد صيغة تمثيلية لهم، شرط توقيعهم وثيقة تشكّل إقراراً منهم بالقوانين الجمهورية وبالفصل المعتمد في فرنسا بين الدين والدولة. ورأت أوساط مطّلعة ان اللقاء بين شيراك والشخصيات الاربع لا ينطوي على أي تضارب مع مبادرة شوفنمان، خصوصاً أن هذه الشخصيات في عداد الذين دعاهم شوفنمان الى المشاركة في الصيغة المقترحة.