قضية اللواء السليب، لواء الاسكندرون، الذي انتزعته تركيا من أراضي وطنه الأم سورية بتواطؤ من الفرنسيين، كان ينقصها فيلم يروي حكايتها، فجاء هذا الفيلم ولكن... من تركيا، حاملاً اسم "بروباغاندا". من نافل القول إن الفيلم لا يتسم، في نهاية الأمر بالطابع السياسي، بل بالطابع الإنساني، ولو لم يكن كذلك لما أمكن تحقيقه في تركيا وبأموال تركية. لكنه، مع هذا، يطرح القضية ومن خلالها جملة قضايا مشابهة عن حدود تعسفية تقام بين الدول لظروف سياسية محددة، فإذا بالناس العاديين هم الذين يدفعون الثمن. حكاية "بروباغاندا" الذي اخرجه سنان تشيتين ويعرض حالياً في باريس، تدور من حول مهدي الموظف الذي يكلف في العام 1948 بترسيم الحدود "النهائية" بين تركيا وسورية، من دون تحديد لموقع تلك الحدود، وإن كانت الإشارة إلى الاسكندرون واضحة. فيفعل، مع ان خط الحدود الذي يرسمه يمر وسط القرية التي ولد فيها وأمضى فيها طفولته. وهكذا، بمسؤولية سياسية مباشرة من مهدي، تنقسم عائلات القرية وأفرادها، ويصبح بعضهم تركياً بينما البعض الآخر سورياً. المسألة في نهاية الأمر هي مسألة عبثية الشرط السياسي وتمكن السياسة من اللعب بمصائر الأفراد ومحو ذاكرتهم وهويتهم. وفي هذا الإطار يؤدي هذا الفيلم، الذي يثير اعجاب النقاد، غايته ويسفر عن مرافعة إنسانية ضد السياسة وصانعيها.