تحولت فضيحة التبرعات غير النظامية التي تلقاها المستشار الالماني السابق هلموت كول الى مسلسل يلقي بظلاله على الحياة السياسية في ألمانيا. وجاء ذلك مع ظهور تفاصيل جديدة تباعاً عن تورط مسؤولين آخرين في القضية واكتشاف أن الأموال التي تلقاها هؤلاء تزيد بأضعاف عما أعلن عنه اساساً. وتفاعلت الفضائح المتعلقة بتقديم شركات اموالاً الى المسؤولين الالمان في عهد المستشار السابق هلموت كول. ويطلق هؤلاء على الاموال تسميات مختلفة، فهي تارة "تبرعات" وتارة أخرى "أتعاباً"، لكن يرفضون بشكل مطلق تسميتها "رشاوى". واشارت معلومات إلى أن سياسيين ورجال أعمال المان تلقوا بشكل غير نظامي ما لا يقل عن 30 مليون جنيه إسترليني من شركة نفط فرنسية وشريكتها الألمانية. ونشرت صحيفة "ذي صنداي تايمز" البريطانية امس ان رجال القضاء في كل من ألمانيا وسويسرا وفرنسا، يحققون بهذه المبالغ التي تمت عمليات دفعها في بلدان أوربية عديدة من خلال عملاء وحسابات سرية، تم بعضها في إطار شراء مجمع للصناعات الكيمياوية وتكرير النفط في شرق ألمانيا بعد خصخصته. وعلى الرغم من أن المستشار الالماني السابق هلموت كول نفى تلقي أية أموال من الشركة، إلا أن غالبية المراقبين باتت تشك في تورطه بعد تسرب معلومات عن تلقي أحد وزرائه السابقين ومستشارين له مبالغ لا تقل عن نصف مليون مارك. ومن المعروف أن المستشار نفسه أشرف شخصياً على عملية الخصخصة التي كلفت اربعة بلايين مارك ألماني أي ما يعادل بليوني دولار. كما نسق مع الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران بهذا الخصوص. وفي وقت تتزايد الشكوك بكول والمقربين منه، يحاول حزبه "الديموقراطي المسيحي" الخروج من الورطة من خلال دعوات للابتعاد عن خط المستشار السابق وطريقته في الحكم. ودعت سكرتيرة الحزب أنغيلغا ميركل من خلال مقالة لها في جريدة "سود دويتشي تسايتونغ" إلى بدء مرحلة جديدة دون المستشار. وأيدها في ذلك رئيس الحزب فولفغانغ شويبله الذي طلب من كول مساعدة القضاء في التحقيق بالأموال التي تلقاها حفاظاً على مستقبل الديموقراطيين المسيحيين. ويبدو أن الخناق يشتد على المستشار الذي لم يحضر الاجتماع الأخير لقيادة حزبه بالرغم من تأكيده امس عزمه على متابعة نشاطه السياسي حيث يستطيع.