فجّر عمدة نيويورك رودولف جولياني معركة عنيفة في المحكمة الفيديرالية ضد متحف بروكلين للفن الحديث بعدما أصرّ على سحب لوحة لمريم العذراء زُيّنت بروث الفيل وصور فوتوغرافية أُقتطعت من مجلات اباحية، لأنها على حد تعبيره "مقرفة ومثيرة للاشمئزاز". وأقام المتحف في وقت متقدم اول من امس دعوى في المحكمة مطالباً بمنع بلدية نيويورك من تنفيذ تهديد جولياني بسحب الدعم المالي الذي تقدمه للمتحف والبالغ 2،7 مليون دولار ثلث موازنته ومصادرة مبناه او استبدال القائمين عليه. وقال فلويد أبرامس، وهو محام يمثل المتحف، انه "بموجب التعديل الاول في الدستور الاميركي لا يمكن معاقبة هذا المتحف لأنه يقدم للجمهور معرضاً مرخصاً به كلياً من الناحية القانونية". وسيتصدى للدعوى محامون يمثلون بلدية نيويورك. وتمثل اللوحة، وهي للفنان كريس اوفيلي 31 عاماً، جزءاً من معرض بعنوان "إحساس" او "إثارة" لاعمال فنانين بريطانيين شباب، ومن المقرر ان يُفتتح في متحف بروكلين للفن الحديث السبت المقبل ويستمر الى 9 كانون الثاني يناير المقبل. ولد اوفيلي في بريطانيا لوالدين نيجيريين، وفاز العام الماضي بجائزة "ترنر برايز" المرموقة للفن المعاصر. وقال اوفيلي ان استخدامه المبتكر لروث الفيل كمادة للتزيين في لوحاته يمثل إشارة ثقافية الى إرثه الافريقي. اصبح يُلقب ب "الرجل الفيل". كما يتضمن المعرض اعمالاً اخرى مثيرة للجدل، مثل الخنزير والبقرة والقرش التي قطعت الى نصفين ووضعت في احواض محلول الفورمالديهايد، وهي للفنان دامين هيرست، و "خيمة الحب" للفنانة تريسي امين والدها من الشطر التركي من قبرص، التي تسجّل اسماء كل عشاقها السابقين، والقالب الذي انجزه الفنان مارك كوين لرأسه وملأه بكمية من دمه، ومجموعة دمى على هيئة اطفال باعضاء تناسلية كبيرة. والاعمال المعروضة هي جزء من المجموعة الخاصة لتشارلس ساتشي، الذي كان هاجر مع شقيقه موريس، وهما طفلان، من بغداد الى لندن برفقة والديهما اليهوديين العراقيين، وانشأ شركة اعلانات حققت نجاحاً كبيراً. ويتضمن الكراس الدعائي الذي اصدره المتحف عن المعرض مقدمة جاء فيها: "تحذير صحي: محتويات هذا المعرض قد تسبب صدمة او تقيؤاً او تشوشاً او ذعراً او انتعاشاً وقلقاً. اذا كنت تعاني ارتفاعاً في ضغط الدم، او اعتلالاً عصبياً او اضطراباً في ضربات القلب، ينبغي ان تستشير طبيبك قبل ان تشاهد هذا المعرض". وادعى جولياني ان المتحف انتهك عقد الايجار الموقع مع البلدية باشتراطه ان يحصل الاطفال على موافقة ذويهم كي يشاهدوا المعرض. وقال: "ان عقد الايجار يقضي بأن يبقى المتحف مفتوحاً للجمهور العام بمن فيه الاطفال". يشار الى ان الجدل الواسع الذي أثاره المعرض عندما اُفتتح للمرة الاولى في "الاكاديمية الملكية" في لندن قبل سنتين جعله اكثر معارض الاكاديمية نجاحاً على الاطلاق. وحقق نجاحاً مماثلاً في برلين. وقاومت "الاكاديمية الملكية" ضغوطاً لسحب لوحة بورتريه انجزها ماركوس هارفي لقاتلة الاطفال البريطانية مايرا هيندلي، واستخدم فيها مئات من طبعات أيدي اطفال. واستقال اربعة من اعضاء الاكاديمية احتجاجاً على عرض اللوحة، ورشقها متظاهرون بالبيض والاصباغ. وتبنت هيلاري كلينتون، التي يحتمل ان تخوض معركة انتخابية للفوز بمقعد ولاية نيويورك في مجلس الشيوخ في مواجهة جولياني، موقفاًَ مؤيداً للمتحف ضد رئيس البلدية. واعتبر بعض المراقبين ان حملة جولياني ضد المتحف هي محاولة لكسب اصوات الكاثوليك اذا ما قرر خوض السباق الانتخابي السنة المقبلة. ودان جون اوكونور كاردينال نيويورك المعرض، معتبراً انه "اعتداء على الدين ذاته وبشكل خاص على الكنيسة الكاثوليكية". وقال غلين سكوت، وكيل اوفيلي في لندن، ان انتهاك جولياني للحق في حرية التعبير هو موقف "شمولي وفاشي على السواء، وتكرار للرقابة التي فرضها النظام النازي على الفن المعاصر آنذاك ووصمه بأنه فن متفسخ".