تحدث رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك عن ضرورة "إعادة بدء" المفاوضات مع السوريين بدل "استئنافها" من حيث توقفت مع الحكومة العمالية السابقة، مشيرا الى ان اسرائيل "هي القوة الرئيسية في المنطقة" و"أقوى قوة". من جهة اخرى، أشارت انباء صحافية الى اقتراح اسرائيلي عرضته واشنطن على دمشق ويتضمن التوصل الى "وثيقة تفاهم" تستخدم اطارا للتسوية السلمية على غرار ما اتفق عليه مع الفلسطينيين. قال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك في مقابلة مطولة مع صحيفة "جيروزاليم بوست" الاسرائيلية، أنه لم تصدر اشارات من الرئيس حافظ الاسد حتى الآن تدل على ابتعاده عن موقفه الخاص بانسحاب اسرائىل من الجولان الى ما وراء حدود الرابع من حزيران عام 1967 "لأنه لا يوجد لديه سبب لذلك قبل ان يعرف أن اتفاقا سيبرم". وأضاف: "أعتقد أنه يجب اعادة بدء المحادثات. ولا اعرف هل ستتمخض عن اتفاق". وشدد باراك على أن اسرائيل "ليست قوة هامشية... نحن القوة الرئيسة في هذه المنطقة، نحن أقوى قوة. نسيطر على 1500 كم حول القدس... أنا هنا بعد أن حققت فوزاً انتخابياً كبيراً أقول أنني لن أترك حجرا من دون أن أقلبه من أجل التوصل الى سلام يعزز اسرائيل ويقويها". ونفى أن يكون لتعهده بالانسحاب من جنوبلبنان تأثير سلبي على المفاوضات مع سورية وقال أن لهذا التعهد تأثيراً ايجابياً، موضحا: "في الواقع ستستغرق أقل من سنة اذا أردنا التوصل الى اتفاق واذا لم نرد فإن ذلك لن يتحقق في ست سنوات". وأعرب عن اعتقاده أنه سيتم التوصل "خلال أسابيع" الى صيغة من شأنها تجديد المفاوضات" مع سورية". وفي هذا المجال، كتبت صحيفة "هآرتس" العبرية أن الاتصالات الدائرة بهدف استئناف المفاوضات مع سورية بوساطة أميركية تتمحور حول صيغة "وثيقة تفاهم واسعة" تستخدم اطارا للتسوية مع سورية وجدول اعمال متفقا عليه. وقالت المصادر أن وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت عرضت الاقتراح على نظيرها السوري فاروق الشرع في نيويورك خلال لقائهما الاخير. وتشمل وثيقة التفاهم مبادئ ترتيبات أمنية وموضوع السيطرة على المياه وحل قضية لبنان وطابع العلاقات بين الدولتين. وحسب الصحيفة فإن باراك أعلن استعداده للموافقة على تحديد خط الانسحاب اذا حصل على ردود في شأن هذه القضايا. ويعود إصرار باراك على "إعادة بدء" المفاوضات بالطريقة التي يريدها يريد تكرار السيناريو نفسه مع الفلسطينيين، الى "تحفظه" من وثيقة التفاهم الخاصة بالترتيبات الامنية، وهي الوثيقة الوحيدة المتفق عليها وفق المصادر الاسرائيلية، اذ تنص على "مساواة في الامن الشامل وان تكون الترتيبات الامنية متساوية ومتبادلة وتحدد في مناطق مناسبة في طرفي الحدود". الى ذلك، اتفق رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية عاموس مالكا مع باراك في أن المفاوضات مع سورية "لن تكون معقدة وطويلة" اذا ما تم التوصل الى اتفاق في خصوص "العقبتين الكبيرتين" اللتين يتوجب التغلب عليهما. وقال مالكا في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية بعد انهاء تقريره "الاستخباري الوطني" الذي قدمه للحكومة، أن العقبتين هما: "المسألة الاقليمية، أي أين ستمر الحدود في هضبة الجولان والترتيبات الامنية". وأضاف أنه اذا نجح الاسرائيليون "في اجتياز حاجز استئناف المفاوضات مع السوريين، أعتقد أن ثمة احتمالا عاليا للتوصل الى حل معهم أكثر من التوصل الى حل دائم مع الفلسطينيين". وأوضح أن المسار الفلسطيني يحتوي على "مشاكل أكثر تعقيدا من المسار السوري اذ يتضمن معظمه تناقضات في المصالح بين الفلسطينيين واسرائيل... ومن الممكن أن نحتاج الى مرور محطات انتقالية أخرى قبل ان نتوصل للحل الدائم". وفي رده على سؤال عن المسائل التي ستبدي سورية مرونة في المفاوضات في شأنها، قال أنه من أجل استعادة الجولان التي تعتبر "ثروة اقليمية" سيكون الاسد مستعدا للدفع بسلام يشبه النموذج المصري: التطبيع وحركة الناس والبضائع، وكذلك مسألة المياه التي قال أنها "لن تكون مشكلة مركزية غير قابلة للحل لأن السوريين يدركون أن السلام يجب أن يتوافق مع المطالب الاسرائيلية". أما المسألة الثالثة التي يرى مالكا أن السوريين سيبدون "مرونة" حولها فهي "المشكلة الاستراتيجية التي تواجهها اسرائيل في الشمال ويعرفون أننا لسنا مستعدين لقبول وضع يمكن مباغتتنا به عسكريا". وأضاف أن السوريين يدركون أن الترتيبات الامنية هي العنصر الاكثر مركزية في نظر اسرائيل "وهم أيضا يريدون محطة انذار وترتيبات أمنية". وأشار مالكا الى أن استئناف المفاوضات مع السوريين سيخلق "تناقضا في المصالح بين سورية من جهة ومنظمة حزب الله وايران من جهة أخرى" مضيفا أن الاسد "سيكون في حيرة من أمره، فهو من جهة يعرف أن استمرار الارهاب في الجنوباللبناني قد يورط سورية ويقلل فرص التوصل الى أهدافها الاستراتيجية، ومن جهة أخرى، فإن حزب الله والايرانيين الذين خدموه جيدا يفضلون أن يرونا ونحن نخرج تحت ضغط الارهاب وليس في اطار تسوية يتم التوصل اليها مع سورية". وجدد معارضته لانسحاب اسرائيلي من جنوبلبنان "من جانب واحد" حتى لا يتولد لدى السوريين "دافع لتأييد نشاطات التنظيمات الارهابية ان فشلت المفاوضات، ولان قادة حزب الله يشيرون الى أن الصراع لن ينتهي مع خروج الجيش الاسرائيلي من لبنان اذ يعتبرون أن الصراع طويل ومتواصل طالما ظلت اسرائيل تسيطر على يهودا والسامرة الضفة الغربية"، وهذا يعني بنظر اللواء الاسرائيلي أن انسحاب جيشه من لبنان سيقرب ساحة القتال الى منطقة قريبة جداً من الحدود الاسرائيلية "وفي حال اطلاقهم صواريخ الكاتيوشا سيستطيعون الوصول الى اجزاء في الدولة لم يعتد الناس فيها الدخول الى الملاجئ. وقال ان السوريين "يصنعون ويطورون المزيد من الصواريخ أرض - أرض وأعتقد اننا يجب ان نفترض انهم يملكون اسلحة كيماوية ايضا".