قال وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى ان نظيرته الأميركية مادلين اولبرايت تعد صيغة لتحريك المسار السوري - الاسرائيلي قريباً. واعتبر في حديث الى "الحياة" في نيويورك ان لا سباق بين مسارات التفاوض مع الدولة العبرية. ولاحظ موسى ان ثمة طرحاً جديداً في مجلس الأمن بالنسبة الى التعامل مع العراق، يتمثل في الحديث عن تعليق العقوبات، معتبراً ان هذه خطوة حقيقية الى أمام. وفي ما يأتي نص الحديث: ماذا يحدث على مسارات المفاوضات العربية مع اسرائيل هل تتحرك كلها؟ - المسار الفلسطيني بدأ يتحرك. والمسار السوري على وشك ان يتحرك وهذا يتوقف على الجهود الأميركية المبذولة بينهم وبين الاسرائيليين. أما على المسار اللبناني، فإن الاسرائيليين هم الذين حددوا الاطار الزمني لانسحابهم من لبنان. هناك فرصة بالفعل لتحريك عملية السلام، انما هل ستكون الحركة من أجل الحركة أو الحركة نحو حل والحديث الجاد عن الانسحاب وعن القدس؟ هذا ما سنراه لاحقاً. ماذا جرى بينك وبين وزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت في شأن هذين الموضوعين؟ - الأميركيون سعيدون بالتحرك الذي يجري على المسار الفلسطيني، وتنفيذ المرحلة الثانية من الانسحاب، وتشكيل عدد من اللجان، لكنهم واعون أيضاً الصعوبات القائمة والعقبات التي يمكن أن تثور في أي لحظة وعند أي منعطف. وطبعاً هناك الكثير من المخاوف خصوصاً في موضوع الاستيطان، وقد سمعنا الكلام الذي قاله رئيس وزراء اسرائيل عن اللاءات الأربع وهذه مسألة خطيرة جداً. وسمعنا أيضاً عما يتم الحديث عنه ما يسمى بتأجيل بعض الموضوعات، كل هذا أثرته وتكلمنا فيه بكل صراحة. بالنسبة الى المسار الفلسطيني - الاسرائيلي هناك تحرك فعلي، قد يكون التحرك هشاً، أو ان نهايته غير معروفة أو غير مرئية. انما ما زال المسار السوري هو الذي سيشهد نشاطاً أميركياً مكثفاً في الأيام الحالية والمقبلة. السوري؟ لماذا؟ ماذا عندك؟ - لأن أميركا هي التي تلعب الدور الرئيسي في التوصل الى صياغة يمكن للطرفين أن يقبلاها فتستأنف المحادثات من حيث انتهت. في الأيام القليلة المقبلة؟ - قد تأخذ أياماً أو أسابيع، هذا رهن توافق رأي الطرفين على ما يطرحه الأميركيون. أولبرايت تقوم بدور ما بين وزيري خارجية سورية فاروق الشرع واسرائيل ديفيد ليفي للتوصل الى صيغة. ما هي عناصر هذه الصيغة التي لها فرص التوفيق؟ - لا أدري. هل طلب منكم لعب أي دور؟ - لا. لا استطيع أن أقول أنه طلب مني، ولا أقول اننا بعيدون عن هذا المسار، وانما لا دخل لنا في هذه الصياغات، حقيقة. هل لها علاقة بالوديعة؟ - هذا موضوع أميركي - سوري - اسرائيلي بحت. يبدو أن عندك شيئاً يفيد أن ثمة اجراءات نحو تحريك المسار السوري. - هناك عمل يجري لتحريك المسار السوري، وبالتالي لا يصح أن نعتبر المسار السوري ميتاً أو خارج اطار النشاط... انه داخل اطار النشاط. ذكرتم في السابق أنكم تريدون أن تبقى الأولوية للمسار الفلسطيني فهل احتجت سورية لديكم على ذلك الموقف؟ - لا. لا يوجد أي احتجاج على هذا ونحن عندما تكلمنا عن المسار الفلسطيني في أهميته كنا نتحدث في اطار تنفيذ اتفاق "واي". ولا بد من تنفيذ اتفاق "واي". لكن اليوم، وبعد أن نجحنا في ضمان على الأقل مسيرة تنفيذ الاتفاق، الآن نتحدث عن أولوية متساوية متوازية بالنسبة الى المسارات الفلسطينية واللبنانية والسورية. وهنا أحب أن اؤكد، خلال المحادثات أو المرحلة المقبلة منها، ان المسارات الثلاثة تتمتع بأولوية واحدة بالنسبة إلينا. يوجد هناك تنسيق مستمر بين الديبلوماسيتين المصرية والفلسطينية، لا يبدو أن هناك تنسيقاً مماثلاً بين الديبلوماسيتين المصرية والسورية. هل لأن سورية غير مستعدة أن يكون لكم دور؟ - التنسيق دائماً يحتاج الى الطرفين والى أن يكون الطرفان مقدمين بالرغبة نفسها في التناسق والتناغم والنشاط المشترك. هذا ينطبق على المسار الفلسطيني. في ما يتعلق بالمسار السوري، ان ظروفه مختلفة، نحن نريد أن نساعد الفلسطينيين ونقف وراءهم لأن قضيتهم أكثر تعقيداً من القضايا الأخرى. السوريون واللبنانيون قضيتهم محددة: الانسحاب من أرض معروفة وحدود معروفة ودول معترف بها وكياناتها قائمة. نحن نريد أن نساعد الفلسطينيين على إقامة هذه الدولة، ولا يصح ان يعتب علينا أحد من العرب في هذا أبداً، فان يعتب علينا أحد يصبح موقفه خاطئاً مئة في المئة. الذين يعتبون عليكم يقولون أنكم تنصحون الفلسطينيين باستمرار بالتجاوب تلو التجاوب مع أي طروحات للخروج من الوضع الراهن ولمجرد الخروج من حال التوقف. - لو كان هذا صحيحاً لكنّا اقنعناهم بالتجاوب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو إنما نحن وقفنا من نتانياهو موقفاً صلباً جداً، وأكثر من أي طرف آخر. حين نعمل على اقناع الفلسطينيين بالتجاوب يكون لدينا سبب وضمان ان أرضاً معينة ستعطى للفلسطينيين، نحن لا نعمل في إطار "المانشتات" والشعارات والكلام الايديولوجي الذي في النهاية لا يشبع الشعب الفلسطيني. عن أي ضمان تتحدث؟ - عن أنه سيعاد لكم غداً 7 في المئة من أرضكم. ضروري أن نأخذ نحن هذا الضمان أولاً ونتأكد من هذا أولاً. أنت نفسك السيد الوزير ذكرت اللاءات لرئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود باراك وذكرت تردده وعرقلة وتقويض ما تم الاتفاق عليه أيام نتانياهو؟ - كل هذا قائم، ولكن لم نهتف ولم ندخل في هتافات ولم ندخل في مزايدات ولم نتدخل في لاءات ورفض و... و... الخ، لم ندخل في هذا. المهم لدينا ان يسترد الفلسطينيون أرضهم. المهم لدينا ان يتحرك الفلسطينيون نحو مناقشة الدولة وحق تقرير المصير، وسنستمر على ذلك. والسياسة المصرية مستقرة تماماً على أن تعمل كل ما تستطيعه مع الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية حتى تقوم دولة حقيقية لفلسطين. هذا التزام لن نتراجع عنه. إذا كان هناك عتب علينا في هذا، فليشبع من يريد ان يعتب بعتبه... إذا تحرك المسار السوري والمسار اللبناني لربما يتوصل إلى حصيلة قبل انتهاء أو استكمال المسار الفلسطيني، عندئذ قد يُترك المسار الفلسطيني آخر المسارات المفتوحة زمنياً؟ - نحن نتكلم في إطار سنة على كل المسارات. مذكرة شرم الشيخ اعطت سنة للتنفيذ والمناقشة والانتهاء من هذه القضايا كلها. الانسحاب من لبنان أيضاً يتم الحديث في شأنه في إطار سنة. المسار السوري، وهو مرة أخرى يحتل الأولوية نفسها لدينا مثل الفلسطيني واللبناني في المرحلة من الآن فصاعداً، والتي هي مراحل المفاوضات النهائية. كما ذكر السوريون في أكثر من مرة اننا نستطيع ان ننتهي منه في ظرف ستة أشهر. اذن كلنا نتكلم في ظرف ستة اشهر او سنة. وهكذا، لا يوجد سباق ما بين المسارات. لا يوجد سباق بين المسارات أبداً. واذا توصل احد المسارات الى نتيجة والآخر لم يُستكمل؟ - فليوقع. فليوقع. فمصر قد وقّعت ثم وقّع الأردن. ليوقع وينتهي ويسترد حقوقه. لا جدال في ذلك أبداً، ولا يمكن ان نقف ضد اي احد يسترد حقوقه. اذا سورية وقعت ليس فقط في غضون ستة اشهر بل ثلاثة سنكون نحن أسعد الناس. السوريون هم الاخوة الذين يجب ان نساعدهم بقدر امكاناتنا وبقدر رغباتهم. العراق انتقل الى موضوع العراق. بعد مؤتمر وزراء الخارجية الذي ترأسه وزير خارجية العراق محمد سعيد الصحاف، برز الكلام عن خطاب سياسي جديد للقيادة العراقية والعمل نحو قمة عربية مستقبلاً. هل هناك تجاوب حقيقي ملموس مع اطروحات والخطاب العراقي السياسي الجديد؟ أم انه من المبكر توقع هذا التجاوب؟ - انت تتحدث عن طرح عراقي جديد في اجتماعات الجامعة العربية احب ان اقول لم يكن طرحاً جديداً، وانما كانت ادارة جيدة للدورة. والآن ما يوجد من طرح يتركز في مجلس الأمن، وفي المباحثات التي تجرى بين اعضاء مجلس الأمن الدائمين بالذات في ما يتعلق بقرار تعليق العقوبات. وانا شخصياً سعيد جداً بعنوان هذا الطرح في مجلس الأمن، "تعليق العقوبات". الخلاف واقع على شروط هذا التعليق، انما انتقل الأمر من زيادة وتكثيف العقوبات الى تعليق العقوبات وهذا في حد ذاته تقدم مهم للغاية سيستفيد منه أساساً ابناء الشعب العراقي الشقيق. ماذا قلت للسيدة أولبرايت عن السياسة الاميركية المستمرة في استخدام العقوبات الاقتصادية كأداة من ادوات اطاحة النظام؟ - انا تحدثت بكل صراحة عن اهمية تعليق العقوبات وقلت لها ان العمل في مجلس الأمن على تعليق العقوبات يعتبر خطوة حقيقية الى الامام. انما واقع الامر ان السياسة الاميركية المعلنة هي استخدام العقوبات الاقتصادية كأداة من ادوات الاطاحة بالنظام وتغييره. ألم تطرح هذا الموضوع مع الولاياتالمتحدة؟ - نحن لم نطرح هذا الموضوع لأن سياستنا ألا نتدخل في شؤون العراق الداخلية، ولا علاقة لنا بهذا. هذه سياسة اميركية لماذا تسألينني فيها؟ هل في الامكان تعليق العقوبات مع استمرار السياسة الاميركية القائمة على استخدام العقوبات أداة من ادوات الاطاحة بالحكم؟ - انا اعتقد ان كل هذه الأدوات لن تؤدي الى الاطاحة بالنظام العراقي. ونحن لا نلعب في هذا الملعب أبداً. ان المسألة تتعلق بشعب العراق، وشعب العراق صاحب الأمر والنهي والرأي الاول والاخير في هذا. نحن لا نتدخل في موضوع اطاحة هذا النظام. نحن نتحدث في موضوع تعليق العقوبات من منطلق ان هذه العقوبات يجب وجوباً ان تتحرك حتى لا تصبح عقوبات مخلدة. فلا يوجد شيء اسمه عقوبات مخلدة. اما السياسة الاميركية فهي سياسة اميركية وهي مسألة لا علاقة لنا بها. انما السياسة الاميركية مستمرة في فرض حظر الطيران وفي العمليات العسكرية وفي استخدام العقوبات… - هذه سياسة اميركية. نحن يهمنا تعليق العقوبات او رفع العقوبات عن الشعب العراقي فقط. أطرح عليك الموضوع الأميركي لأن الاميركيين يقولون دائماً ان الكثير من العرب يوافقون ولا يعترضون على هذه السياسة. - نحن مع تعليق العقوبات على طريق رفعها. ان العقوبات غير مخلدة والوضع داخل العراق من شأن أهل العراق فقط. تعني ان البيئة العربية الآن، ومصر ضمن البيئة العربية تحاول ألا تتدخل في السياسة الاميركية نحو العراق؟ - لا. البيئة العربية تحاول ان تنقذ العراق من كل ما هو مهدد به خصوصاً بعد ثماني سنوات من التفتيش وفي موضوع الاسلحة وغيرها. نحن نحاول انقاذ العراق من هذا الوضع، بداية بتعليق العقوبات. فلنبدأ بالتعليق والحركة نحو رفع العقوبات وفي اطار تنفيذ كل قرارات مجلس الأمن، وكل شيء آخر يمكن ان يأتي بعد ذلك. انما مسألة ان العرب متفقون على ضرب العراق؟ لا اعتقد ان هذا صحيح. الأردن و"حماس" ماذا عن الاجراءات الأردنية نحو "حماس"، هل أنتم ايضاً طرف في التعاون في اطار اجراءات الاحتواء؟ - لا. نحن لسنا طرفاً في هذا. نحن لسنا طرفاً في كل ما يحدث. هناك اشياء كثيرة تحدث مثلاً لأسباب داخلية او لأسباب نحن لسنا طرفاً فيها على الاطلاق. أنتم طرف في مبادرة مصرية - ليبية في موضوع السودان. الولاياتالمتحدة لم ترحب بهذه المبادرة لا بد انك بحثت في هذا الموضوع مع اولبرايت. وقد اجتمعت ايضاً مع وزير خارجية السودان. فالى ماذا توصلتم؟ - نعم بحثنا فيها. والمبادرة المصرية - الليبية مستمرة، ونحن متمسكون بها، سنسير في اطارها. وسياستنا ازاء السودان سياسة مستقرة بصرف النظر عن موقف هذه الدولة وتلك. على ماذا اتفقت أنت ونظيرك السوداني؟ - على استمرار العمل في هذا الاطار. اتفقتم على أي اجراءات معينة؟ - هناك خطوات متفق عليها. ما هي الخطوات التالية في هذا المجال؟ - اجتماع مع المعارضة، واجتماع المعارضة مع ممثلي الحكومة، والتنسيق مع "ايغاد" والتنسيق مع اصدقاء "ايغاد". وبالطبع هناك خطوات عديدة. متى وأين؟ - متى؟ ارجو ان تكون في الأسابيع القليلة المقبلة. أين؟ سنجتمع في القاهرة انما نحن في مراحل الإعداد. ومن ستضم؟ - ستضم زعماء المعارضة. كل زعماء المعارضة أولاً، ليتفقوا على الخط الذي سيقومون به. ثم بعد ذلك سنرى في اي اطار ستكون الحركة. ولكن نحن نريد ان نسرع بعملية الاحاطة بالأضرار البليغة التي يمكن ان تنجم اذا استمرت المشكلة السودانية على ما هي عليه. المعارضة في ما بينها او مع المسؤولين السودانيين؟ - في ما بينها أولاً. هذا لا يتطلب اتفاقاً بينك وبين وزير خارجية السودان؟ - لا. ان وزير خارجية السودان يعلم هذا ومتابع لهذا معنا. بعد ذلك يمكن ان نتكلم عن لقاء ما بين الحكومة والمعارضة. على أي مستوى؟ - لم يتحدد بعد. وانما بين هذين سننسق مع مبادرة "ايغاد". ماذا كان موقف اولبرايت عندما بحثت معها في الملف السوداني؟ هل اقنعتها؟ - هذا ليس موضوع اقناع. لم نجلس ليقنع احدنا الآخر. نحن طرحنا الموقف المصري والمبادرة المصرية - الليبية ورغبتنا في التنسيق مع "ايغاد" وقلنا ان "ايغاد" وحده لا يكفي لأن المشكلة في السودان ليست فقط الجنوب والشمال. المشكلة ابعد من ذلك بكثير. نحن جيران السودان من الشمال، الجيران العرب لنا الاهتمام نفسه بوحدة السودان وبنظام مستقر في السودان مثل الجنوبيين ومثل اعضاء "ايغاد" تماماً. ومن ثم يجب ان نعمل سوياً طالما ان المصلحة واحدة وطالما ان السودان نفسه موافق على هذا، سواء معارضة او حكومة.