بات "التنصّت على الهاتف" يملأ دنيا لبنان ويشغل سياسييه وقضائه وناسه. وقد يكون خرج أمس من دائرة الشكوك، بعد تأكيد رئىس المجلس النيابي نبيه بري أنه "قائم بكل أشكاله"، في حين وقف القضاء على معلومات النائب محسن دلول عن امتلاك الولاياتالمتحدة أجهزة تنصّت في لبنان، وامتنع مسؤولون أميركيون عن التعليق على الأمر. حسم الرئىس بري الجدل القائم والضجة الكبيرة حيال التنصّت بقوله أمس "ان هناك تنصتاً على الهاتف بكل اشكاله وأوجهه السياسية والأمنية والقضائية". ونقل عنه نواب في "لقاء الأربعاء الأسبوعي" تركيزه على "ضرورة قوننة التنصت فتوضع أطر محددة وواضحة له، مثلاً لمصلحة أمن الدولة او حماية الأمن القومي، شرط ألا يطاول الحريات العامة". واستوضح النواب بري صحة اتهام النائب دلول الولاياتالمتحدة بالتجسس، فقال انه "قوطبة على السجال القائم". في حين نفت مصادر رئيس المجلس ان يكون قال هذا الكلام. الا ان نواباً نقلوا عنه انه تفادى التعليق على هذا الامر وقال متهكماً: "ان الاميركيين لا يتنصتون. انهم صم لا يسمعون". وفي واشنطن، قال مسؤول في مجلس الامن القومي ان "ليس لدى البيت الابيض اي تعليقاً على كلام النائب دلول. وكرر مسؤول في وزارة الخارجية العبارة نفسها اي "لا تعليقاً"، في حين اعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الكولونيل بي جي كراولي ان "ليس لدي معلومات تدعم هذه الاتهامات. لكنني لا اعتقد ان البنتاغون وزارة الدفاع هو المكان الصالح لإيجاد الجواب عن هذا النوع من الاسئلة". يذكر ان الناطقين باسم الادارة الاميركية بمختلف اجهزتها ووزارتها ووكالاتها لا يعلقون مع اي امر يتعلق بمسائل ذات علاقة بجمع المعلومات الاستخباراتية. وكان النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم اتصل امس هاتفياً بالنائب دلول، واستوضحه صحة المعلومات التي ادلى بها عن وجود محطة تنصّت لدولة اجنبية على احد مداخل العاصمة. وأكد دلول حصول الاتصال، وكشف بعض ما دار خلاله "اقترحت على الرئيس عضوم استدعاء رئيس الحكومة سليم الحص ووزير الداخلية ميشال المر، وسألني لماذا؟ فقلت ان رئيس الوزراء يقول ان الوزير ضلله والوزير ينفي ويقول انه لم يعرف بالقضية وأن التباساً حصل، وأن الأمر يتعلق بالأمن السياسي. وقال لي: اننا نريد حل هذه القضية لأن لها علاقة بالأمن الوطني. فقلت انني حاضر واقترح عليك امراً كي تصل الى نتائج كاملة عن كل قضايا التنصت. واتفقنا على ان نلتقي بعد عودته من القاهرة". وسئل، في حديث اذاعي، هل اتفق وعضوم على حضور الحص والمر؟ اجاب "لم يوافق وقال ان الامر سيكون محصوراً بي وسأعود وأقترح عليه الأمر نفسه". وكرر القول انه "لا يحب صيغة المواطن الصالح. انا ادليت بتصريح، اذا أحبوا الاستيضاح لا مانع لدي ومستعد وكلي ثقة بعضوم وهو من خيرة القضاة والرجال الوطنيين وأثق به". وقال رئىس لجنة الدفاع والأمن النيابية سامي الخطيب ان "لا علم له بوجود تنصت او بوجود قواعد اميركية للتنصت في لبنان". وأبدى اعتقاده ان بارجة "نيو جرسي" الأميركية كانت تتنصت في الثمانينات "فاذا كانت معلومات النائب دلول جديدة، لا من ايام القوة المتعددة الجنسيات، اتمنى على النيابة العامة النظر في معلوماته للسير في الموضوع". ورفض الوزير السابق فؤاد بطرس التعليق على موضوع التنصّت "لأن المعنيين به ضائعون فيه". وأعلن النائب باسم السبع ان لا معلومات لديه عن وجود ابعاد خارجية لموضوع التنصّت، معتبراً ان الموضوع في يد المجلس النيابي. ورأى في "التخبط الحكومي" في هذا المجال "جزءاً من تخبطها العام الذي هو من سماتها البارزة". ورأى النائب احمد كرامي "ان وجود التنصّت ثبت من خلال وجهات النظر المتناقضة بين الوزير المر والمدير العام للأمن العام اللواء جميل السيد خلال الاجتماع النيابي الأخير". وسأل عن "شرعية التنصت ومن يضمن بقاءه ضمن الأصول؟"، معتبراً "ان استخدامه للمصلحة العامة مشروع، لكنه في بلدنا مفتوح على رغبات خاصة". الى ذلك، أحال القاضي عضوم على المباحث الجنائية المركزية مضمون إخبار "مواطن صالح" على شركة "سيليس" للهاتف الخليوي ب"جرم الإحتيال والإبتزاز بإلزام عدد من الزبائن مبالغ تأمين يصل أدناها الى مئة دولار شهرياً، اضافة الى فاتورة التخابر". وكان وزير المواصلات السلكية واللاسلكية عصام نعمان أعلن في حديث تلفزيوني ليل اول من امس، عزم الوزارة على "دخول سنترالات الهاتف الخليوي للتأكد من حصول تنصّت، ومن نيل الحكومة حصتها من الفواتير". وقال ان شركتي "ليبانسيل" و"سيليس" نفتا وجود تنصّت. وأصرّ على التأكد من أن السنترالات التابعة لهما تم تركيبها من دون برمجتها وإعدادها للتنصّت.