استمرّ موضوع التنصّت على الهاتف الذي كان مدار نقاش لافت في اجتماع اللجان النيابية المشتركة اول من امس، يجذب الانظار اليه، على رغم ان توافقاً نيابياً - حكومياً حصل على صوغ قانون يضع ضوابط لعملية التنصت. وكشفت مناقشات المجلس، بين النواب ووزراء حضروا اجتماع اللجان اضافة الى قادة الاجهزة الامنية، تناقضاً بين إجابات سابقة للحكومة تنفي حصول تنصت، استناداً الى معلومات استقتها من أجهزة أمنية، وابلاغ المدير العام للأمن العام اللواء جميل السيد اول من امس للجان النيابية المشتركة ان "التنصت موجود". واضطر هذا التناقض رئيس الحكومة سليم الحص الى الاستفسار من نائب وزير الداخلية ميشال المر عنه، والى رد الاخير على الاستفسار. وجّه الرئيس الحص كتاباً الى الوزير المر يستوضحه فيه "حقيقة ما أدلى به اللواء السيد خلال اجتماع اللجان النيابية المشتركة عن موضوع التنصت على الهاتف وأفاد فيه عن وجود عمليات تنصت على بعض المخابرات، وهذا يتباين مع افادة الاجهزة الامنية التي بُني عليها رد الحكومة على سؤال نيابي وجهه قبل ستة اشهر النائب عدنان عرقجي يتعلق بالتنصت". وأضاف الحص في كتابه "ان هذه الاجهزة أفادت ان ليس هناك أي تنصت من أي جهاز من الأجهزة الامنية بما فيها الأمن العام، وحيال هذا التباين بين افادة الاجهزة الامنية الى رئاسة الحكومة في تحضير الرد على السؤال النيابي، وما أدلى به المدير العام للأمن العام في اجتماع اللجان النيابية نطلب استيضاح الامر". ورد المر على كتاب الحص، موضحاً "ان جواب المدير العام للأمن العام تضمن ان مركز التنصت على الهاتف الثابت ما زال مقفلاً منذ عام 1997، مؤكداً بذلك ما جاء على لساني في الاجتماع، وهذا يتطابق مع جواب الاجهزة الامنية عن السؤال النيابي الموجّه الى الحكومة في هذا الشأن. وان التنصت على الهاتف الثابت أمر سهل جداًِ وليس عملية تقنية معقدة، ويمكن ان تحصل في اي مكان. واذا تمّ ذلك يكون باذن من النيابة العامة التمييزية لسبب محدد قضائي أو أمني، وقد أكد ذلك المدعي العام التمييزي الذي كان حاضراً الاجتماع. اما بالنسبة الى الهاتف الخليوي، فمن المؤكد ان كل الاجهزة الامنية لا يوجد لديها ما يسمح بالتنصّت عليه". وختم، لا نرى وجود تباين بين ما جاء في الجواب عن السؤال النيابي وما قاله المدير العام للأمن العام في المجلس النيابي". وأكد وزير الاتصالات السلكية واللاسلكية عصام نعمان "ان التنصت قائم". وقال في حديث اذاعي "هناك جهة تقوم به، ولكن من دون اذن من الحكومة، بل تفعله على حسابها، لذا يجب قوننة الموضوع ومكافحة كل ظواهر التنصت غير المشروع الذي لم يؤذن له". ولفت الى كلام للنائب مروان حمادة "اعترف فيه صراحة بحصول تنصت خلال حكومة الرئيس رفيق الحريري"، وقال "نحن اذ ننوّه باعترافه هذا، نقول من جهة اخرى ان لا هو ولا رئيسه آنذاك ولا بعض الذين ينتقدون في الوقت الحاضر التنصت والعسكرة فعلوا شيئاً، في حين ان هذه الحكومة اعترفت بوجود تنصت، لكنها قالت ان ذلك لم يتم بموافقتها أو علمها وانها مستعدة للتعاون مع المجلس النيابي". ودعا حمادة في تصريح امس الحكومة الى "ان تستوضح اعضاءها والاجهزة الامنية التابعة لها لتقديم جواب دقيق وواضح الى المجلس النيابي في شأن الموضوع". وقال "ان التنصت لاغراض سياسية واقتصادية أو ابتزازية ممنوع في كل دول العالم وسيكون ممنوعاً في لبنان بموجب القانون الجديد". مؤكداً "ان الامور في هذا الاطار ستمضي الى النهاية وان رئيس المجلس النيابي نبيه بري مصمم على ذلك". وأيد النائب نقولا فتوش قوننة التنصت مشيراً الى انه "يحضّر دراسة تستند الى عدد من بنود قانون قوننة التنصت في فرنسا الذي وضع العام 1991 مع ادخال تعديلات جديدة عليه". وأشار النائب جميل شماس الى ان رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري اعترف بوجود تنصت على الهاتف العادي والخليوي لما كان رئيساً للحكومة واعتبر "ان اثارة موضوع التنصت في الشكل الراهن همروجة ومهرجان جديد يثار في وجه الحكومة". ورأى "ان هناك حاجة الى حماية الدولة من التنصت قبل ان نحمي المواطن". وأيد النائب مصطفى سعد التنصت "لقضايا أمنية". وقال "يجب ان يكون سواء كان سياسياً أم أمنياً بقرار من النيابة العامة". وسلّم حزب الوطنيين الاحرار "بجواز التنصت في حالات محصورة وباشراف القضاء المستقل العادل". لكنه سأل عن "المرجعية أو المرجعيات التي يعود اليها تقدير وجود تهديد للأمن الوطني والضمانات لعدم تصوير تحرّك المعارضين والمنافسين السياسيين اعتداء على أمن الوطن والمجتمع".