سادت اجتماعات الدورة 112 لوزراء الخارجية العرب أجواء إيجابية حسب تأكيد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد ووزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف، ولقيت استحساناً من وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ووزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتي سليمان ماجد الشاهين، فيما اعتبرها الدكتور عبدالمجيد نقلة نوعية في العمل المشترك رغم تشدد الصحاف الرافض تقديم اعتذار للكويت عن احتلالها في آب اغسطس 1990. اسدل الستار امس على اجتماعات وزراء الخارجية العرب التي ترأسها وزير الخارجية العراقي من دون حدوث خلافات، ومرت الاجتماعات بسلام بعد التفاهم الذي رعته الجامعة العربية ومصر ونجاحهما في إقناع الجانبين العراقي والخليجي بعدم إثارة المسائل الخلافية في هذه الدورة للحؤول دون حدوث انقسامات في المواقف العربية. وعلمت "الحياة" أن الصحاف اقسم امام عبدالمجيد في اجتماعهما الثنائي عشية بدء الاجتماع الوزاري ان يكون رئيساً لدورة مجلس الجامعة وليس ممثلاً للعراق، وهو ما حرص عليه خلال ادارته للجلسات خلال اليومين الماضيين مما أدى الى استحسان وزراء الخارجية العرب من دون استثناء. والتزم الصحاف الألقاب ولغة التخاطب المعمول بها في الجامعة، وخاطب رئيس وفد الكويت قائلا: "معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتي"، في مسعى لفتح صفحة جديدة في العلاقات واشاعة اجواء ثقة تمكن الجميع من استغلالها لتحقيق مصالحة عراقية - خليجية تنهي عزلة العراق ويستعيد دوره على الساحة العربية بعد تسع سنوات على غزوه الكويت. وأبدى المشاركون في الاجتماعات دهشتهم حيال الهدوء الذي اتسم به الصحاف خلال ادارته للجلسات، وبخاصة في الفصل بين رئاسته للاجتماع وكونه وزير الخارجية العراقي، وادارة الحوار بين الوزراء من دون تمييز الى درجة انه كان يعطي الكلمة لوكيله السفير نبيل نجم بقوله السيد رئيس وفد العراق. ورفض الصحاف في مؤتمر صحافي مشترك مع عبدالمجيد في ختام الاجتماعات تقديم اعتذار للكويت، واقترح فتح حوار مباشر بين العراق ودول الخليج تحت مظلة الجامعة لحل كل الخلافات، تسوده الصراحة والموضوعية وأن يعترف من اخطأ بما ارتكبه من اخطاء، معتبراً الاعتذار شرطاً مسبقاً لا يسهم في حل المشاكل والاختلافات، وكرر عبارة "يجب ان نجلس معا لنتصارح بالأدلة والمستندات لحل الخلافات". كما رفض دعوة عبدالمجيد التي تضمنتها رسالته الى بغداد قبيل الاجتماعات بخصوص تقديم "تنازلات محسوبة"، وقال: "لا اتفق مع مقولة ان على العراق تقديم هذه التنازلات"، ودعا الى التريث في موضوع اللجنة السباعية العربية المعنية بإجراء اتصالات مع مجلس الامن لإنهاء العقوبات المفروضة على بلاده، مما فتح الباب امام الجامعة لإجراء اتصالات لإعادة احياء هذه اللجنة التي شُكّلت في كانون الثاني يناير الماضي. وكان عبدالمجيد اقترح في رسالته الى الصحاف تقدم الأخير بمبادرة بخصوص الأسرى والمفقودين واعادة النظر في موقفه بخصوص اللجنة، وبدا أن الوزير العراقي اقتنع بالنقطة الثانية وهو ما غيّر من موقفه تجاهها. واعتبر الصحاف اهم نتيجة خرجت بها الاجتماعات حفاظها على الجانب الايجابي في العمل العربي المشترك، بما يمكن من زيادة التعاون العربي في المجالات كافة، وتعهد خلال رئاسته بالعمل على ذلك. وانتقد صحافيون الجامعة لعدم اصدارها قراراً خلال الاجتماعات يدين الاعتداءات المتكررة على العراق، ورفض الأمين العام للجامعة هذا الانتقاد. وقال: "موقفنا واضح وأصدرنا بيانات دانت هذه الاعتداءات باعتبارها تتم خارج اطار الشرعية الدولية، ولا يوجد أي اعتراض عربي على مسألة انهاء معاناة الشعب واطفال العراق ووضع حد لها". وعقب الصحاف قائلا: "رئيس وفد العراق السفير نجم قدم تقريراً كاملاً عن آثار العدوان الذي يتعرض له العراق يومياً في الحصار الظالم الذي ادى الى موت ملايين من اطفالنا". وبرر اعتراضه السابق على اللجنة بسببين اولهما عدم تحديد اطار عملها وغياب العراق عن تشكيلها، والثاني المخاوف من حدوث انقسامات داخل اللجنة حيال المبادرات المطروحة في مجلس الامن لايجاد حل للمشكلة العراقية. وزاد: "على سبيل المثال المشروع البريطاني - الهولندي الذي تؤيده اميركا يحوّل العراق الى محمية تابعة لمجلس الامن الدولي، وهذا امر يرفضه العراق ولا يمكن قبوله". واعتبر عبدالمجيد ان الاجواء التي سادت الاجتماعات تمهد لعقد قمة عربية يحضرها العراق، لكنه عاد وأكد ان الدعوة لعقدها مسؤولية القادة العرب وان ميثاق الجامعة لا يتضمن أي نص لعقد القمة، ووصف الأجواء بأنها تسهم في استعادة الثقة بين الدول العربية. وأوضح الصحاف ان رفع الحصار لم يكن مدرجاً على جدول الاعمال "ونرحب بأي جهد عربي لرفع الحصار عن العراق وحل كل المشاكل الموروثة". وكشف عن وجود مبادرات لدول عربية - لم يسمها - لتحقيق المصالحة بين العراقوالكويت والسعودية، مكتفياً بالقول "لا يمكن امام وسائل الاعلام الخوض في هذه المبادرات"، لافتاً الى تحسن العلاقات مع السعودية وانعكاس ذلك على حجم المبادلات التجارية بين البلدين. وأنهى الصحاف المؤتمر الصحافي بالتعبير عن الامل في ان تسهم الايجابية التي سادت الاجتماعات في حل الخلافات وإنهائها. وقرر الوزراء العرب إرجاء مشروع محكمة العدل العربية الى اجل غير مسمى بعد تحفظ احدى الدول الخليجية على إعادة طرحها، وإرجاء ميثاق الشرف للتعاون والأمن العربي، فيما ساندت ليبيا في سياستها لإنهاء العقوبات المفروضة عليها بعد تعليقها وطالبوا بتعجيل اجراءات محاكمة الليبيين المشتبه فيهما في قضية لوكربي، وقرروا تشكيل لجنة لزيارة مدينة "وولت دينزي" والتأكد من ان المعرض الذي تعتزم اقامته لا يمس بحقوق العرب والمسلمين في القدس. كما ساندوا دولة الامارات العربية المتحدة في جهودها لاسترداد جزرها الثلاث طنب الكبري والصغرى وابو موسى من الاحتلال الايراني. اما توحيد المجال الجوي اقتراح ليبي فأحيل على وزراء النقل العرب لبت أمره.