أكثر من 500 ألف طالب وطالبة يعودون لمقاعد الدراسة بتعليم مكة    "تلال" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب الرياض" بتوقيع اتفاقيات إستراتيجية لتعزيز جودة الحياة في مشاريعها    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية (GCAT)    "المواصفات السعودية" تنظم غدًا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    المكسيكي «زوردو» يوحّد ألقاب الملاكمة للوزن الثقيل المتوسط لWBO وWBA    «الطاقة»: السعودية تؤكد دعمها لمستقبل «المستدامة»    نفاد تذاكر مواجهة إندونيسيا والسعودية    منتخب هولندا يهزم المجر برباعية ويلحق بالمتأهلين لدور الثمانية في دوري أمم أوروبا    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    اليوم بدء الفصل الدراسي الثاني.. على الطريق 3 إجازات    20,124 مخالفاً في 7 أيام وإحالة 13,354 إلى بعثاتهم الدبلوماسية    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    اختلاف التقييم في الأنظمة التعليمية    مهرجان الزهور أيقونة الجمال والبيئة في قلب القصيم    المتشدقون المتفيهقون    الإستشراق والنص الشرعي    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    أهم باب للسعادة والتوفيق    الفرصة المؤكدة و مغامرة الريادة في كفتي ميزان    أغرب القوانين اليابانية    «مزحة برزحة».. هل تورط ترمب ب«إيلون ماسك» ؟    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    اكتشاف تاريخ البراكين على القمر    «واتساب»يتيح حفظ مسودات الرسائل    عروض ترفيهية    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    شارك في الطاولة المستديرة بباكو..الجاسر: 16 مليار دولار تمويلات البنك الإسلامي للمناخ والأمن الغذائي    مشاركة مميزة في "سيتي سكيب".. "المربع الجديد".. تحقيق الجودة ومفهوم "المدن الذكية"    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان الشراكة الإستراتيجية    أشبال الأخضر يجتازون الكويت في البطولة العربية الثانية    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    منتخبنا فوق الجميع    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    ابنتي التي غيّبها الموت..    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    الزفير يكشف سرطان الرئة    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار يمني عن قضايا الانتخابات الرئاسية . التحدي الرئاسي الأول ... تفويض شعبي لمواجهة حال الفوضى
نشر في الحياة يوم 11 - 09 - 1999

على أبواب الانتخابات الرئاسية في اليمن، والتي ستبدأ يوم 23 ايلول سبتمبر الجاري، ارتأت "الحياة" ان تستطلع آراء نخبة من الكتاب اليمنيين، ذوي الولاءات السياسية المحددة، والذين يمثلون ألوان الطيف السياسي اليمني.
وبما ان انتخابات الرئاسة ليست مسألة شخصية بقدر ما هي مسألة سياسية عامة، وبما انها تثير سلسلة من الأسئلة والقضايا، فقد كان توجهنا ان نطرح على الكتاب المعنيين سؤالاً مركزياً يمس جوهر الحياة السياسية اليمنية، ليطل كل منهم على انتخابات الرئاسة، من خلاله، وبما يعمق مناقشة القضايا، ويطلع القارئ على التوجهات الحقيقية للحوار الدائر في اليمن.
وكان سؤال "الحياة":
وأنهم على أبواب الانتخابات الرئاسية، ما هي المشكلة الأساسية في اليمن من وجهة نظركم، هل هي الديموقراطية، أم الوحدة الوطنية، أم التنمية الاقتصادية، وكيف يكون العمل لتحقيق أولويات المستقبل؟
وقد تجاوب مع دعوة "الحياة" كتاب يمنيون بارزون، سننشر مداخلاتهم بالتوالي.
سيشهد اليمنيون يوم 23 ايلول سبتمبر الجاري اول انتخابات رئاسية تنافسية مباشرة تجرى في تاريخهم المعاصر، وهي تجربة مهمة بلا شك ستسهم في تعزيز المسار الديموقراطي التعددي الذي جاء مصاحباً لإعادة الوحدة اليمنية في 22 أيار مايو من عام 1990 حين شهد اليمن عامي 93 و97 عمليتين انتخابيتين لمجلس النواب اتسمت اولاهما بنتائج متوازنة وتمثيل اوسع للأحزاب السياسية، في حين غاب هذا التوازن في الثانية وتقلص وجود الأحزاب السياسية. لذلك كان العديد من القوى والأطراف السياسية يأمل في ان تشكل عملية التنافس في انتخابات الرئاسة نوعاً من بعث الحيوية في الحياة الديموقراطية اليمنية مع تسليمها جميعاً بأن النتائج محسومة مقدماً لسبب بسيط يتمثل في حيازة الرئيس المرشح علي عبدالله صالح على تأييد اكبر حزبين في البلاد وهما حزبه المؤتمر الشعبي العام وحزب التجمع اليمني للاصلاح الذي يتزعمه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر. الا ان الرياح جرت في إتجاه حجب التزكية عن مرشح احزاب مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة علي صالح عباد مقبل الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ما أفقد المعركة الانتخابية حيويتها المطلوبة.
وفي تقديري انه حتى لو خاض مقبل الانتخابات فإن ذلك لم يكن ليؤثر على النتيجة النهائية. وكان الفارق اننا كنا سنشهد موسماً انتخابياً ساخناً وحقيقياً يمكن ان يكون نصيب القضايا السياسية فيه هو الغالب والمهيمن على اتجاهات الحملات الانتخابية والحوارات بين مختلف الأطراف. وقد يضيع الكثير من القضايا المهمة في ضجيج التنافس الانتخابي المحموم. لكن وقد انتهت الأمور الى ما انتهت اليه فان هدوء الأجواء الانتخابية يساعدنا على طرح ومناقشة العديد من القضايا ذات الأولوية امام الرئيس الحالي - القادم علي عبدالله صالح، وهي قضايا لم يكن دخول مقبل او عدم دخوله الانتخابات ليؤثر على مستوى اهميتها.
وفي كل الاحوال فان فكرة اقامة انتخابات رئاسية تنافسية مباشرة جاءت بمبادرة من الرئيس عند مناقشة التعديلات الدستورية عقب انتهاء حرب صيف 1994، مثلما طرح - أيضاً - فكرة النص الدستوري على فترتين رئاسيتين فقط لأي رئيس يمني منتخب. وكانت فكرة الانتخابات الرئاسية المباشرة وردت للمرة الاولى في اتفاقية "التنسيق التحالفي على طريق التوحد" التي وقعها الرئيس صالح مع نائبه السابق أمين عام الحزب الاشتراكي علي سالم البيض عقب الانتخابات النيابية التي أجريت في نيسان ابريل 1993. وكانت الفكرة حينها تنص على انتخاب الرئيس ونائبه في قائمة واحدة على طريقة الانتخابات الاميركية، الا انه جرى التراجع عنها والاكتفاء بالنص على انتخاب الرئيس فقط عند مناقشة مشروع التعديلات الدستورية بين الاحزاب الرئيسية الثلاثة، المؤتمر والاشتراكي والاصلاح، التي شكلت حكومة ائتلافية بينها عقب تلك الإنتخابات النيابية.
وكان ذلك التراجع احد اسباب اعتكاف البيض في آب اغسطس من ذلك العام واندلاع الأزمة السياسية الحادة التي انتهت بانفجار الحرب في ايار من العام التالي. وعند الحوار الوطني حول وثيقة العهد والاتفاق خلال تلك الأزمة تم الغاء فكرة الانتخابات الرئاسية تماماً، والنص على مجلس للرئاسة من خمسة اعضاء ينتخبهم مجلسا النواب والشورى في اجتماع مشترك. وهكذا ألغت كل الأحزاب السياسية في تلك الوثيقة فكرة الانتخابات الرئاسية المباشرة.
وعندما تم إحياء مشروع التعديلات الدستورية عقب انتهاء حرب صيف 94، كان أتجاه غالبية النواب صوب إلغاء صيغة مجلس الرئاسة واستبداله بصيغة رئيس الجمهورية ينتخبه مجلس النواب، الا ان مبادرة الرئيس صالح باتجاه النص على الانتخابات المباشرة كانت محل ترحيب، وجرى الاتفاق عليها على الا تنفذ فوراً اذ يتم انتخاب الرئيس للمرة الاولى عقب التعديل الدستوري وهو ما حدث في تشرين الاول اكتوبر 94 من قبل مجلس النواب.
ولا شك في ان الانتخابات الرئاسية تشكل نقلة مهمة في حياة اليمنيين، اذ تمكنهم للمرة الاولى من اختيار رئيسهم بصورة مباشرة، وتعطي هذا الرئيس قوة امام البرلمان، وقد تؤدي الى قدر من التوازن اذا كان الرئيس المنتخب من حزب آخر غير حزب الاغلبية النيابية. ولأن انتخابات ايلول هي الأولى في هذا المضمار، فقد كان من المفترض ان يبدأ الاعداد لها من قبل عام كامل على الاقل وليس قبلها ببضعة شهور كما حدث. والإعداد المقصود ليس الاعداد الفني فقط، ولكن إعداد المسرح السياسي كله لإستقبال هذا الحدث. فهناك ثلاثة شروط رئيسية على الاقل لضمان نجاح هذه الانتخابات تتمثل في التعديل الدستوري اولاً وهو التعديل الذي يهدف الى الغاء شرط التزكية من قبل مجلس النواب لمرشحي الرئاسة. اذ يحتاج كل مرشح ما نسبته 10 في المئة من عدد اعضاء مجلس النواب. الأمر الذي يحجب هذا الحق عن اي مواطن ما لم يمكن منتمياً لكتلة برلمانية تمتلك هذه النسبة وهو ما حدث مع مقبل المرشح عن خمسة احزاب سياسية، لا تمتلك النسبة المطلوبة. وكان الرئيس صالح أعلن في شهر تشرين الثاني نوفمبر من العام الماضي امام عدد كبير من الصحافيين عن رغبته في اجراء تعديلات دستورية تتضمن الغاء النسبة المذكورة. لكن من غير المعروف تماماً ما الذي أعاق الأمر. هل هو انقطاع الحوار بين الاحزاب السياسية، ام هو طول الاجراءات الخاصة بالتعديل، ام التراجع عن الفكرة من حيث الأساس؟!
أما الشرطان الرئيسيان الآخران فيتمثلان في المنافسة الجادة، وتكافؤ الفرص بالنسبة للمرشحين. وهذا يعني باختصار تحييد السلطة بقوتها ومالها واعلامها. وحتى تتوافر تلك الشروط جميعاً كان من المهم البدء المبكر للاعداد للانتخابات وتطبيع الاجواء السياسية بين مختلف الأحزاب، والتعاون من اجل ضمان نجاح هذه التجربة الديموقراطية المهمة واعتبارها عاملاً ضرورياً لجلب المزيد من التعاطف الدولي مع اليمن، فليس لليمن ما يقدمه للعالم - في الوقت الحاضر على الاقل - سوى تجربة ديموقراطية ناضجة ومشرفة تجعل منه انموذجاً في المنطقة العربية وتجلب له المزيد من الدعم المادي والمعنوي، خصوصاً وهو يطبق برنامجاً قاسياً للاصلاحات المالية والاقتصادية. وحتى تتوافر الظروف الطبيعية الملائمة لتطبيق مثل تلك الشروط خصوصاً الشرطين الأخيرين، فإن مهمات كبيرة تنتظر الرئيس صالح في عملية اعداد البلاد للتداول السلمي للسلطة. وبموجب تفسير وزير الشؤون القانونية فلا تزال امام الرئيس فترتان رئاسيتان، حيث يبدأ تطبيق النص الدستوري منذ هذه الانتخابات ، بينما يرى القانونيون في المعارضة ان الفترة الرئاسية الثانية ستبدأ في ايلول الجاري وبموجب ذلك فليس امام الرئيس صالح سوى فترة انتخابية واحدة لمدة خمس سنوات. وأياً كان التفسير الصحيح، فذلك لا يغير من حقيقة جسامة المهمات الملقاة على عاتق الرئيس والمطلوب منه انجازها خلال السنوات الخمس او العشر المقبلة.
ويدرك الكثير من المراقبين المتابعين لأحوال اليمن وأوضاعه ومتغيراته حجم المعاناة التي يعيشها اليمنيون على مختلف الأصعدة، ويفهمون جيداً ان جنة الديموقراطية التي يحيون فيها ليست الا قشرة خارجية تخفي وراءها اوضاعاً اقتصادية واجتماعية وأمنية وثقافية وخدمية ومعيشية متردية. وان هذه القشرة معرضة للانهيار اذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه.
وللأسف فإن هذا التردي المستمر في الاوضاع بدأ مع اعادة الوحدة اليمنية وانتهاء التعددية السياسية عام 1990. وكانت المبررات حينذاك تُرمى على تجربة التقاسم السياسي والتوازن العسكري بين شريكي الوحدة المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي وعندما جاءت انتخابات نيسان ابريل 1993 النيابية بقي التوازن العسكري وتراجع التقاسم السياسي بدخول شريك جديد في الحكومة هو التجمع اليمني للاصلاح على حساب نصيب الحزب الاشتركي الذي أشعل أزمة سياسية حادة انتهت بحرب طاحنة في صيف 94 أدت الى خروجه نهائياً من السلطة. وقيل حينها ان الأزمة والحرب هما سبب المزيد من التردي الذي حدث. ثم قيل ان السبب يعود الى فشل تجربة الائتلاف بين المؤتمر والاصلاح التي استمرت حتى انتخابات 97 النيابية التي حصل فيها المؤتمر على غالبية تصل الى 75 في المئة تقريباً من مقاعد مجلس النواب، الأمر الذي جعل الاصلاح يقرر العودة الى صفوف المعارضة على رغم العرض المقدم اليه بالاستمرار في الحكومة. وعندما تفرد المؤتمر الشعبي العام بالحكم للمرة الأولى بعد سبع سنوات على الوحدة قيل ان البلاد ستخرج من أزماتها لأن شراكة السلطة التي اتسمت بها للسنوات السابقة هي التي تسببت في كل الأزمات، وبالتالي فإن البلاد الآن على أبواب الخروج من أزماتها نهائياً، وازداد التفاؤل باختيار الدكتور فرج بن غانم لرئاسة حكومة المؤتمر وهو شخصية مستقلة معروفة بالنزاهة والكفاءة، لكن تجربة ابن غانم على رأس الحكومة لم تدم لأكثر من عشرة اشهر وكانت استقالته سبباً في صدمة الرأي العام. وازدادت الأوضاع سوءاً في كل الاتجاهات، وعادت ملامح مرحلة "الفوضى" الشاملة من جديد لتصبح السمة الأساسية، لذلك كله لم يكن من المصادفة أو من باب إلقاء الكلام على عواهنه ان يلتزم الرئيس صالح "إنهاء حالة الفوضى". عند لقائه بعدد من اعضاء مجلس النواب عقب قيامه بتسليم أوراق ترشيحه للانتخابات الرئاسية الى رئيس البرلمان عبدالله الأحمر. كان الرئيس يدرك تماماً ماذا يقول ويعرف جيداً بماذا ألزم نفسه، وأهم من هذا وذاك انه نجح في تشخيص الحالة العامة بكلمات قليلة موجزة يمكن اعتبارها جامعة مانعة، وهو تشخيص لم يسبقه اليه أحد سواء في السلطة أو في المعارضة، ما يعني وجود رغبة جادة في إعادة الأو ضاع الى مسارها الصحيح وحالتها الطبيعية.
لكن السؤال التلقائي الذي يتبادر الى الذهن... إذا كان الرئيس نفسه يشكو من حال الفوضى فمن المتسبب فيها اذن؟ وما حجم مسؤوليته عنها، خصوصاً انه على رأس السلطة منذ أكثر من 21 عاماً؟
قبل الإجابة لا بد من تحديد المقصود بمصطلح "الفوضى" وتشخيص الأوضاع العامة ومحاولة الاستقصاء عن مستوى عمق هذه الظاهرة. وفي هذا الصدد لا يمكن اعتبار اليمنيين جميعاً في مستوى واحد بالنسبة لممارسة هذه الظاهرة. فالأمر يختلف من منطقة الى اخرى، فحيث للدولة وجود وتأثير وهيبة أكثر نجد ملامح الانضباط والنظام واضحة، يضاف اليها تأثير عوامل التمدن من تعليم واتصال مع العالم الخارجي واحتراف مهن كالزراعة والتجارة وهذا بارز في العديد من المناطق اليمنية. وعلى العكس نجد ان بعض المناطق اليمنية التي كرست فيها عهود الإمامة حالات الجهل والعزلة ومارست عليها الهيمنة النفسية باسم الدين والمذهبية هي المناطق الأقل انضباطاً واحتراماً للدولة وهيبتها وهي التي تسود فيها حال الفوضى بسبب روح التمرد المعززة بظاهرة انتشار السلاح فيها، ما يؤدي الى انتاج سلوكيات فوضوية قائمة على قيم لا علاقة لها لا بالدين ولا بالتقاليد والأعراف القبلية الحميدة. وتزداد مثل هذه الممارسات والسلوكيات كلما تراجع دور الدولة وتخفت كلما ازداد دور الدولة في المجتمع. وعلى سبيل المثال نجد ان عدن التي كانت اكثر مدن اليمن تمدناً هي أكثر مدنها انضباطاً واحتراماً لقيم النظام والقانون حتى هذه اللحظة، وان قيم الفوضى التي كانت ولا تزال تسودها من حين لآخر ناتجة عن سلوكيات وافدة اليها من خارجها.
بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، في شمال اليمن واعلان النظام الجمهوري، دخل اليمنيون في حال من عدم الاستقرار بسبب الصراعات الأهلية بين الجمهوريين والملكيين على مدى اكثر من سبعة أعوام، ثم حرب المعارضة الماركسية ضد النظام في المناطق الوسطى التي تجاوزت السنوات العشر، ولم يشهد اليمن الشمالي استقراراً فعلياً قبل الوحدة إلا لثماني سنوات 82 - 1990 في عهد الرئيس صالح. ومع حدوث هذا الاستقرار ونجاح سلطة الرئيس صالح في مد نفوذها للمرة الأولى الى معظم مناطق اليمن الشمالي، بدأت المظاهر الايجابية التي جاءت مع النظام الجمهوري تعزز واقعاً جديداً بسبب انتشار التعليم وتحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين والاحتكاك بالعالم الخارجي وتطور وسائل التوعية والاعلام كالصحافة والاذاعة والتلفزيون. وبالتالي أخذت قيم الفوضى تختفي وتحل محلها قيم احترام النظام والدولة والقانون في انسجام جميل بين المعاني الدينية والقبلية الحميدة وبين العصر ومتطلباته.
وكان للاستقرار السياسي ولسياسة التوازنات التي يجيدها الرئيس صالح دور كبير في إحداث هذه الآثار الايجابية على الواقع، فخفتت الحساسيات المناطقة والطائفية والمذهبية والقبلية الى حد كبير، وبدا مشروع الدولة المدنية التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة واضحاً للعيان وهو يتطور يوماً بعد يوم، وقابلاً للأخذ بالمزيد من مبادئ الديموقراطية والحرية ونقلها الى مرحلة العلنية.
وفي جنوب اليمن تحقق الاستقلال وخرج آخر جندي بريطاني في 30 تشرين الثاني نوفمبر من عام 1967 لتتولى السلطة الجبهة القومية ذات الاتجاه اليساري، ومع مرور الأيام اخذ اليسار يعزز مواقعه ويتطور الى صيغة الماركسية اللينينية والاشتراكية العلمية في بلد فقير لا يملك بنى أساسية ويتوزع بين اكثر من عشرين مشيخة وسلطنة. ونجحت الجبهة القومية في مدّ نفوذها الى سائر مناطق الجنوب وتوحيد البلاد وإبعاد السلاطين، لكن ديكتاتورية الحزب تمكنت من فرض هيبة الدولة بالقوة، لكنها لم تقدم معالجات واقعية حقيقية بديلة لقيم العصبية القبلية والمناطقية. وسرعان ما كانت الصراعات المسلحة تتفجر بين اجنحة الحزب الاشتراكي الحاكم لأسباب تبدو في الظاهر عقائدية وسياسية وفي حقيقتها قبلية ومناطقية. وظل الاستقرار في الجنوب قائماً على حقل من الألغام مهدد بالانفجار بين لحظة وأخرى.
وعندما استعاد اليمنيون وحدتهم الوطنية في 22 أيار مايو 1990 كان النظامان في الشمال والجنوب على استعداد للتعاطي مع المسألة الديموقراطية بثوبها التعددي العلني الجديد بغض النظر عن مدى قناعتهما الحقيقية بها. وفيما كانت التعددية السياسية ومبدأ التداول السلمي للسلطة هما المدخل الحقيقي لبناء دولة المؤسسات والنظام والقانون، فإن التوازن العسكري والتقاسم السياسي بين الحزبين اللذين حققا الوحدة قد أفرغ العملية الديموقراطية من مضمونها الحقيقي المتمثل في بناء الدولة ومؤسساتها، حيث لا ديموقراطية من دون دولة مؤسسات، ولا دولة مؤسسات بلا ديموقراطية. وهكذا أصبحت الفترة الانتقالية فترة انتقامية جرى خلالها تصفية حسابات كثيرة بين مختلف الاطراف وتحولت حرية الصحافة والتعبير المفتوحة بلا حدود ولا قيود الى وسيلة لتدمير كل قيم ومبادئ الوحدة الوطنية. وأخذ حزبا السلطة يبحث كل منهما عن خصوم الآخر ويتبناه ويحتضنه ويفتح له كل الأبواب ويوفر له كل الامكانات... في وقت اخذ الاقتصاد الوطني يزداد سوءاً، وبدأت مظاهر الانفلات الأمني تتزايد من اعتداءات واغتيالات، وازدادت وسائل وأساليب ممارسة العمل السياسي تردياً وانحطاطاً مدمرة كل اخلاقياته ومبادئه النبيلة. وهكذا اهتزت كل الثوابت وأخذت قيم الفوضى تجد مساحات واسعة كل يوم في حياة الناس. فالتوازن العسكري والتقاسم السياسي هما سيدا الموقف وباسميهما تتم كل الممارسات في ظل غياب الدستور والقوانين. واخذ المرتزقة من شخصيات سياسية واجتماعية واقتصادية يستثمرون هذه الاجواء ويلعبون على كل الحبال. وفي مثل هذه الاوضاع المتهالكة اختفت سلوكيات وبرزت سلوكيات جديدة وغريبة على اليمنيين جسدت الانتقال الى مرحلة الفوضى الشاملة وهو ما لم يحدث في تاريخ اليمن المعاصر من قبل بهذه الصورة التي عبّرت عن ذروة التحالف بين امراض التخلف ونزعات القوة والاستعلاء ومشاعر الثأر والانتقام ورغبات الفساد الشامل وغياب الاحساس بالزمن والعصر والمتغيرات من حولنا.
وجاءت انتخابات نيسان ابريل 93 النيابية وكان يمكن ان تكون المحطة الاولى لانهاء حال الفوضى التي سادت طوال ثلاث سنوات، الا انها كانت محطة باتجاه المزيد من الفوضى والانفلات بسبب الازمة السياسية التي افتعلها زعيم الحزب الاشتراكي السابق علي سالم البيض في آب اغسطس ورفضه لمشروع التعديل الدستوري ونتائج الانتخابات التي انهت التقاسم السياسي ولم تؤثر على التوازن العسكري، ووصلت الفوضى ذروتها في عام الازمة الذي سبق اندلاع الحرب، فلاختلالات الامنية تواصلت، والنعرات القبلية والطائفية والمناطقية والشطرية تجاوزت كل الحدود، واصاب الشلل كل جوانب الحياة الاقتصادية والتنموية والادارية واصبحت البلاد على كفّ عفريت الى درجة بدأ المواطنون يعتبرون ان انفجار الحرب هو المخرج الوحيد من تلك الحالة للعودة الى الوضع الطبيعي.
وانفجرت الحرب مطلع ايار مايو 94 واستمرت شهرين كاملين لتقضي على التوازن العسكري بعد ان قضت الانتخابات على التقاسم السياسي. وللمرة الاولى بعد الوحدة بدا وكأن البلاد على مشارف الاستقرار وتطبيع الاوضاع، وكان لسان حال اليمنيين جميعاً ان تلك فرصة لن تتكرر في اعادة الانضباط الى الاوضاع العامة بعد ان استعاد الرئيس صالح هيبته وبلغت شعبيته ذروتها باعتباره قائد النصر وقائد معركة الدفاع عن الوحدة اليمنية. لكن الانتهازيين الذين خفتت اصواتهم واختفت صورهم اثناء الازمة والحرب عادوا للظهور مجدداً يبحثون عن غنائمهم ومكاسبهم بعد الحرب وهي غنائم ومكاسب لا تنتجها الا اجواء الفوضى والفساد، وارتفعت اصوات هؤلاء بعد ان خلا لهم الجو وكانت الوجبة الاولى من ضحاياهم اولئك الذين وقفوا الى جانب الوحدة في وجه الانفصال من سياسيين واحزاب وصنّاع رأي عام وبيوت تجارية وعلماء ورجال اعمال …الخ. وبدت معالم حالة الفوضى من جديد من خلال مشروع توزيع الاوسمة الذي كان تجسيداً واضحاً لمدى هيمنة لوبي الفوضى والفساد على مجريات المرحلة الجديدة من عمر البلاد.
وهكذا انتعشت اخلاقيات السنوات الاربع الاولى من عمر الوحدة اليمنية بلا سبب الا الحيرة والتيه في تقرير اولويات السياسات العامة ومتطلبات المرحلة المقبلة. وكمؤشر واضح على هذا الاتجاه نجد ان خمس سنوات مضت منذ نهاية حرب صيف 94 وحتى الآن، لم تستطع خلالها السلطة ان تحدد ماذا تريد وما هي الصيغة المطلوبة والمناسبة بالنسبة لشكل ومضمون المسألة المحلية وهل هي ادارة ام سلطة ام حكم محلي. خمس سنوات ومشاريع القوانين تروح وتجيء والسلطة مرتبكة غير قادرة على تحديد ما تريده، وهكذا هي الصورة بالنسبة لبرنامج الاصلاح الشامل الذي لم يتحقق منه عملياً الا برنامج "الاصلاح السعري". اما الاصلاح الاقتصادي والاصلاح الاداري فلم يلمس منه المواطن اي شيء حتى الآن.
واصبحت الظواهر الشاذة في حكم الطبيعة، فبإمكانك اختطاف سائح اجنبي لتساوم به على منصب او مشروع او مال، وبإمكانك ان ترتكب جريمة ثأر في وضح النهار في شارع رئيسي في العاصمة، وبإمكانك ان تحمل معك مجموعة من المسلحين وتذهب لتستولي على ارضية خالية يملكها غيرك، وبإمكانك ان تنتهك كل قوانين الادارة وتفعل ما شئت بوزارتك او مصلحتك او مؤسستك من دون ان يحاسبك احد حتى لو اخرجت الدراهم اعناقهم من دون مصدر مشروع واضح، وبإمكانك ان تكتب ما تشاء وتسيء الى الوحدة الوطنية وتشكك في الوحدة اليمنية وتثير النعرات المختلفة، وبإمكانك وانت صاحب نفوذ او سلطة ان تذهب لمستثمر وطني او اجنبي لتلزمه بمشاركتك مقابل ان تحميه او ان تكفيه شرّك لا غير، وبإمكانك ان تصدر صحيفة تبتز بها عباد الله ان لم يدفعوا الأتاوات المطلوبة، وبإمكانك ان ترشح نفسك لعضوية مجلس النواب وانت تعلم انك غير مؤهل لا لسبب الا الحصول على مال او منصب او درجة مقابل انسحابك من التنافس، وبإمكانك ان تملأ سيارتك بالمسلحين وتتبختر بهم في المدن من دون ان يطلب منك احد شيء بما في ذلك ترخيص حمل السلاح، وبإمكانك ان تطلق الرصاص على رجل المرور لمجرد تسجيله مخالفة قمت بها او على جندي امن لمجرد انه يقوم بواجبه، وبإمكانك وبإمكانك فلا رقيب ولا حسيب. وباختصار فانك اذا اردت ان تعرف المستوى الذي وصلت اليه حال الفوضى ان تراقب مدى الالتزام بأنظمة المرور فهي الدليل الاهم على مستوى الوعي من جهة، وعلى مستوى احترام الانظمة والقوانين من جهة اخرى، وستكتشف ان مسؤولي الدولة والفئات المتعلمة والمثقفة والمتمدنة هم اكثر من يخترق انظمة المرور ويسيء اليها، وذلك ولا شك يفسر الكثير من الظواهر التي اشرنا اليها. هذه هي الصورة التي آلت اليها الاوضاع الآن، وهي صورة بشعة. ونعود هنا الى السؤال الذي طرحناه سابقاً عن موقف الرئيس من ذلك كله. وفي تقديري كمراقب سياسي ان الرجل تسلّم حكم البلاد في ظروف صعبة وقادها الى الاستقرار وذاق حلاوة هذا الاستقرار ولمس بنفسه الانعكاسات الايجابية لذلك الاستقرار من تحسن الاوضاع المعيشية والاقتصادية والسمعة الخارجية الممتازة والعلاقات المتوازنة مع دول العالم والنهضة التنموية والتعليمية الكبيرة وفرض هيبة الدولة واحترام الانظمة والقوانين وغير ذلك من الصور الايجابية، واذا كان الرئيس صالح مضطراً لتحمل ما جرى خلال السنوات الاربع الاولى من بعد الوحدة بسبب الخوف من دخول البلاد في حرب اهلية، فما الذي اضطره لذلك خلال السنوات الخمس التي اعقبت الحرب؟
انا لا اتساءل لأبحث عن مبررات، لأنه في النهاية الرجل الاول وصاحب القرار مهما كانت المبررات، ولكن بالامكان للمراقب المحايد ان يتفهم الكثير من الدوافع والاسباب تجاه ما يمكن اعتباره نوعاً من السلبية ازاء ما يجري، وهي في كل الاحوال امر موقت. وفي هذا الشأن لا بد ان ندرك ان الرئيس صالح هو انسان اولاً واخيراً تترك المواقف والاحداث في نفسه ما تتركه لدى غيره وان كان هو من موقعه المتقدم وخصائصه الشخصية يبدو في غاية الصلابة ولديه قدرة هائلة على امتصاص الصدمات. ومع ذلك فانني اعتقد ان مجريات الفترة الانتقالية كانت فوق كل القدرات واقوى من كل الاعصاب فتجربة العلاقة مع الحزب الاشتراكي كانت صعبة بكل المقاييس، واصعب منها واكثر تأثيراً الصدمة الناتجة عن مواقف كثير من الاشخاص والاطراف والقوى الذين انقلبوا من مجاملته ومداهنته خلال مرحلة ما قبل الوحدة في الشمال الى معاداته ومواجهته بعد الوحدة استقواء بالحزب الاشتراكي وهكذا اهتزت ثقته بالكثير ممن كانوا حوله الذين كان احسنهم حالاً الذين صمتوا ولم يحددوا موقفاً لا معه ولا ضده، ولم يصمد معه الى آخر المشوار الا القلائل. ولا شك في ان الآثار السلبية لتجربة السنوات الاربع المريرة امتدت للسنوات التي تلتها لأن التحالفات والمواقف استمرت كما هي، في حين ان نوعاً من انواع التقاسم السياسي استمر بشكل ما في السلطة مع غياب وجود اي استراتيجية او رؤية رسمية لتجاوز ومحو المخلفات الاجتماعية والسياسية والنفسية للفترة الانتقالية وفترة الازمة والحرب، مما تسبب في استمرار حال الاحباط لدى قيادات السلطة، ولذلك ازدادت الاوضاع انفلاتاً واستشرت الفوضى على مختلف الاصعدة.
لكن النقطة الاساسية التي تغيب عن بال الكثير من القادة هي ان القادة الاقوياء لا يمكن ان يعتمدوا الا على رجال اقوياء لان الرجال الضعفاء يصبحون عبئاً على القادة الاقوياء وليسوا عوناً لهم، وهذه دوماً محنة العالم الثالث. ولعل الرئيس صالح ادرك هذه الحقيقة من خلال تجربة السنوات السابقة وقرر ان ينتقل بالبلاد الى مرحلة جديدة تماماً بعد ان يأخذ تفويضاً شعبياً مباشراً للمرة الاولى بموجب نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة التي لن تقل نسبة نجاحه فيها عن 90 في المئة وان لم يكن اكثر في ضوء المعطيات والتطورات الاخيرة.
ان الاعلان المبكر للرئيس صالح عن نيته انهاء حال الفوضى واستخدامه المقصود لهذا المصطلح يؤكد انه قد طفح به الكيل، وانه ينتظر حصوله على التفويض الشعبي للمشروع في اعادة الاوضاع الى نصابها وهو متحرر من كثير من الضغوط السياسية والاجتماعية التي كبلته خلال الفترة الماضية. واظنه يدرك جيداً صعوبة هذه المهمة بسبب تجذّر لوبي الفوضى والفساد في سائر المؤسسات والقطاعات والاجهزة، فعملية اعادة البناء ليست عملية مادية وحسب ولكنها عملية قيمية وانسانية كذلك ولا يمكن ان يقوم بها الا رجال اقوياء وفي ضوء استراتيجية ورؤية واضحة المعالم والاهداف محددة الوسائل والاساليب. ومما يؤكد مدى جدية الرجل في انجاز هذه المهمة وتجسيدها انه لا يمكن ان يفكر في ترك السلطة بشكل سلمي بعد خمس او عشر سنوات لغيره - أياً كان هذا الغير وموقعه منه فلا فارق - الا اذا كان سيتركها دولة حقيقية لها مؤسساتها الديموقراطية واقتصادها المزدهر وسياستها الخارجية المتوازنة ودورها الاقليمي المتميز. ولا يمكن بحال من الاحوال ان يفكر في ترك السلطة وهي في حال فوضى وانهيار فمن سيحميه عندئذ من حساب الشعب والتاريخ؟
انها معادلة انسانية صرفة، قائمة على مقدمات واضحة ونتائج ايجابية مرجوة. ومثلما لا نستطيع ان نحمّل علي عبدالله صالح وحده مساوئ ومرارة السنوات التسع الماضية فإننا ايضاً لا نستطيع ان نعفيه من مسؤولياته في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد ان اعلن على الملأ تشخيصه الدقيق للحالة العامة وهو تشخيص لم يسبقه اليه احد، وهذه المرة لن نجد له عذراً على الاطلاق في اي تردد او توان عن السرعة في بدء العلاج.
واذا كان الرجل بذل تضحيات وقدم تنازلات من اجل تحقيق الوحدة اليمنية كأعظم انجاز يمني في القرن العشرين، فان بناء دولة الوحدة لا يقل اهمية عن الوحدة نفسها، لأنه الضمان الحقيقي لبقائها واستمرارها وتطورها.
* رئيس المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية، عضو مجلس شورى التجمع اليمني للاصلاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.