لا تعجب أمل وهبي اصحاب النفوس الميتة، واذا اختلف ثلاثة اشخاص حول جمالها الاخاذ مثلاً فلا يمكن للثاني ان يقاوم أمام قامتها الفارعة، أما الثالث فلا يملك الا ان يعترف بخامتها الصوتية الواعدة، ويمكن للأول ان يسقط في أسر ثقافتها العامة والزراعية بوجه خاص!. المرأة المذكورة تملك كل هذه المواصفات، وهي بصدد صنع شهرة تؤكد ان القاهرة محطة ضرورية للمواهب التي تريد البروز، ولا شك ان "كليب" "الخيالة" الذي عرف بأمل الجزائرية علامة فارقة في مسارها الفني الحديث. "الحياة" التقت أمل وهبي في الجزائر وفي باريس وكان لها معها هذا الحديث الكاشف عن اسم يرادف خصوصية لافتة. كيف تقدم أمل وهبي نفسها لقراء لم تسمح لهم الظروف ربما بالتعرف اليها بالقدر الكافي؟ - انا مطربة جزائرية الأصل والهوية ومهندسة زراعية سابقة ومقيمة بين القاهرةوباريس لاسباب فنية وشخصية، وعرفت خلال الاعوام الثلاث الاخيرة بألبومين لقيا استحسان الجمهور بوجه عام، واعتقد ان ألبوم "الخيالة" هو الذي وسّع من رقعة إنتشار اسمي، وبخاصة في الجزائر وفرنسا. كيف تحوّلت من الزراعة كتخصص جامعي وعلمي الى الغناء وأين؟ - لقد سافرت الى باريس اثر تخرجي من المعهد الوطني للزراعة الكائن بالمراش مدينة قريبة من العاصمة وتابعت دراستي الى ان جاءت فرصة تحقيق الحلم الذي كان دائماً يراودني فسافرت الى القاهرة عام 1997. معذرة لماذا تجاوزت السن ومكان الولادة في ردك على السؤال الأول؟ - أنا من مواليد 11-5-1969 بمدينة سكيكدة التي تقع شرق الجزائر. كيف تفسرين استمرارك في الدراسة بالرغم من تحدثك عن حلم كثيراً ما يدفع الموهوبين في شتى المجالات الفنية الى توقيف الدراسة أو العمل في ميدان ما لا يمت بصلة للفن؟ - لقد كنت أحلم منذ نعومة أظفاري بمستقبل غنائي لكني كنت واعية بأهمية إتمام لدراستي العلمية وهذا ما تمّ فعلاً. هل صحيح انك قابلت بليغ حمدي وانت طالبة جامعية؟ - نعم... وقابلته قبل حصولي على شهادة الهندسة الزراعية بثلاثة اعوام، و حرصت على إتمام دراستي لاقتناعي بمنطق مواصلة مشواري العلمي اولاً ولايماني بان الفرصة الفنية آتية لا محال ثانياً، والمرحوم بليغ نفسه حثني على إتمام دراستي والانطلاق في مجال الطرب اثر حصولي على شهادة مهندسة دولة في الزراعة. واليوم هل تركت الاختصاص، الذي درست من اجله نهائياً أم انك ما زلت مرتبطة به بشكل أو بآخر؟ - مهنياً أنا أعيش من الغناء لكن أمارس تخصصي العلمي في الاوساط العائلية وفي حياتي الخاصة. مع مَن من الفنانين الموسيقيين انطلقتِ في القاهرة وكيف؟ - أولاً أدين لأهلي الذين مكنوني منذ بداية وصولي الى القاهرة من التعرف الى ناس ينتمون الى الوسط الغنائي، والذين لبّوا شرط بحثي عن اسماء محترمة مثل عمار الشريعي ومحمد نوح ومدحت الخولي، ومع مدحت تحديداً بدأت تجاربي الأولى التي لفتت انتباه الصحافة، وعكست الأسلوب الذي كنت أبحث... بمعنى؟ - أسلوب يقوم على الصدمة والجرأة والتجاوز وبالتالي التميز، ولعل هذا ما ضمن منذ البداية انطلاقة سليمة، واذا كان البوم "رابع سنة واعذرك" قد كشف عن أمل الموهبة، فان "ألبوم" "بعد غيبة" وأغنية "الخيالة" تحديداً قد كانت بوابة الشهرة الاعلامية والتلفزيونية بوجه خاص. ألا تعتقدين ان شكلك يساهم في بروزك اعلامياً بحكم خصوصية التلفزيون أم أنك واثقة في سلامة صوتك، وفي شخصيتك الفنية ككل؟ - التلفزيون أهم وسيلة للفنان وللمطرب بوجه خاص، والجمال يمكن ان يساعد على ضمان القبول النفسي لكنه لا يضمن الاستمرارية، وأنا اعتقد ان شكلي كان عاملاً مساعداً وليس محدداً لانتشاري السريع، والمطرب أو المطربة التي تستمر وتنتزع احترام الشعراء والملحنين والجمهور أكثر من موهبة حتى وإن كان الصوت هو الشرط الاساسي كما تعرف، وشكلي ليس الشجرة التي تخفي الغابة وأنا شخصية صاحبة فكر ومواقف ايضاً. أي؟ - أي لا أقبل بأي شيء وعندي كلمة مع الاطراف الفنية الاخرى وأنا التي تسيطر على الموضوع وليس العكس. وهل لهجتك "المصرية" الخالصة مبررة في نظرك انطلاقاً من حديثك عن المواقف أم أنك ترين ان الامر في غاية البساطة لاسباب فنية كما يقول البعض ما دامت مصر سيدة الفن العربي؟ - لقد اخترت ان انطلق من مصر بكامل وعيي وقناعاتي ولم يفرض علي احد ان أغني باللهجة المصرية، ووجدت في مصر ما لم أجده في الجزائر ويهمني جداً ان أجد الكلمة الغنائية التي تستجيب لأحاسيسي وفكري، ولقد وجدتها في مصر ولعل اغنية "مواقف" خير دليل على ذلك. وعن ماذا تتحدث الاغنية؟ - عن احترام المرأة لنفسها، وغنّيت ايضاً للجزائر وأدنت العنف بلغة غنائية وغير خطابية في "يا زمن الطيبين... السنين دارت علينا". وحتى لا يحدث أي لبس في اذهان القراء أقول أنني لست ضد التعامل المبدئي مع كتّاب كلمات أو ملحنين جزائريين، والدليل استعدادي للتعاون مع الذين يلبون حاجتي لأغنية تضيف الجديد وتتجاوز السائد في الساحة الفنية العربية. وللأسف.. ليس هناك في الجزائر تقاليد تجمع الفنانين والتشتت لا يسمح بالابداع والعمل بوجه عام، ثم لا تنسى انني انطلقت في الغناء من القاهرة منذ ثلاثة اعوام في الوقت الذي يعرف فيه العام والخاص أوضاع الجزائر المأسوية. وهل مناسبة زيارتك الاخيرة للجزائر في عيد المرأة.. كانت بغرض البحث عن اطراف فنية جزائرية في سياق استتباب الامن في العاصمة، وفي عدد من المدن المعروفة كوهران وقسنطينة؟ - نعم... والدليل موافقتي على كلمات غنائية لرشيد مسعودي، واحتمال ادائي لأغنية "خيرية" التراثية المعروفة ولاغاني شعبية أخرى. لدي إحساس انك فضلت مصر لاسباب مبدئية ليست لها علاقة بأوضاع الجزائر...! - إحساسك في محله ولا يتناقض مع كلامي السالف الذكر. سبق وقلت انني صاحبة فكر ولست مطربة تقليدية. الا ترين ان الصيغة تحمل في طياتها مبالغة وربما تقصدين انك ملتزمة؟ - لا أعني بذلك انني اعتنق ايديولوجية ما ولكن ادعي أنني أحمل رسالة تعكس مواقفي الواضحة، ومهما كانت طبيعة التأويل الذي يعطي لفكر فنانة فأنا أقصد ان الفكر يمكن ان يستعمل كسلاح وقائي في الحياة، ولعل موقفي الغنائي وربما الفكري مما هو دائر في بلادي أكثر من دليل على صحة ما أقول، والشيء نفسه ينطبق على كلامي عن المرأة. جمالك اللافت يمكن ان يغري أي مخرج سينمائي وحتى صاحبة دار لعرض الازياء.. ماذا لو أتيحت لك فرصة العمل في القطاعين؟ - لا أفكر الآن في غير الغناء، ولست من الفنانات اللائي يعملن من دون تخطيط تحت وطأة طموحات أقرب الى المغامرة. أنا أمشي خطوة خطوة، وأراقب ايضاً. على الفنان ان يكون مراقباً ايضاً. هل كللت زيارتك الى الجزائر بمشاريع غنائية؟ - سأغني فيها ان شاء الله هذا الصيف. أخيراً لماذا اخترت وهبي كاسم فني؟ - تكريماً للفنان الكبير احمد وهبي.