طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود باراك من روسيا استخدام "نفوذها" لدى العرب لدفع عملية السلام، وناقش خلال لقائه الرئيس بوريس يلتسن أمس العلاقات بين موسكو وكل من دمشق وبغداد وطهران. وأكدت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان باراك أبدى "مخاوف" من تزويد سورية وإيران أسلحة روسية متطورة. فيما أعلنت روسيا أمس نيتها تكثيف جهودها ل"المساعدة في تطبيع العلاقات" بين سورية وإسرائيل. ولم تكن موسكو ضمن العواصم التي أعلن باراك نيته زيارتها فور تشكيله حكومته، وأكد ل"الحياة" مصدر قريب إلى وزارة الخارجية الروسية ان ترتيبات الزيارة انجزت على عجل، مرجحاً أن يكون من أبرز دوافعها محادثات الرئيس السوري حافظ الأسد في موسكو أخيراً، والتي وصفت بأنها "مهمة وناجحة". وذكر آنذاك أنها أسفرت عن اتفاق على بيع دمشق صواريخ أرض - جو من طراز "اس 300" وأخرى مضادة للدروع من نوع "كورنيت"، إضافة إلى دبابات "ت 80" وطائرات "سوخوي" و"ميغ" متطورة. وأشار يلتسن لدى استقباله باراك في الكرملين إلى حرص موسكو على تطوير العلاقات مع إسرائيل في كل الميادين، ونيتها تكثيف جهودها في عملية السلام. ورداً على قول يلتسن إنه عاود ترميم الكرملين وبناءه، أشار باراك إلى "ضرورة ان يجري على النمط ذاته تجديد علاقاتنا". وأوضح مستشار الرئيس السوري للشؤون الدولية سيرغي بريخودكو ان الرئيس شدد على وجود "آفاق للتحرك" على مسارات السلام، داعياً إلى "استغلال الطاقات الايجابية" التي قال إنها تهيأت بعد تشكيل حكومة باراك. ولفت رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أهمية دور روسيا كراعٍ لعملية السلام، معتبراً أن استخدام نفوذها لدى العرب سيكون ذا أهمية قصوى، ودعا إلى التعاون بين موسكو وواشنطن لدفع عملية السلام إلى أمام. وذكر رئيس الوزراء الروسي سيرغي ستيباشين إثر لقائه باراك، ان بلاده تنوي تكثيف جهودها "للمساعدة في تطبيع العلاقات" بين سورية وإسرائيل. وكان ستيباشين مسؤولاً عن ملف العلاقات مع دمشق، وأجرى محادثات مطولة مع الرئيس الأسد، وشدد على أن "الفرصة المتاحة للتطبيع ينبغي ألا تفوت". وفي إشارة إلى الخطة التي أعلنها باراك لاستئناف إعادة الانتشار في الضفة الغربية من بداية تشرين الأول اكتوبر، ذكر وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف ان موسكو "انتبهت للبرامج والمواعيد" التي حددها رئيس الوزراء الإسرائيلي، من دون أن يعلق عليها. وكان ايفانوف أجرى قبل ساعات من وصول باراك إلى موسكو اتصالات هاتفية عاجلة بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ووزير الخارجية المصري عمرو موسى، علم أنها تناولت احتمال توسط موسكو لمنع أي تأزم جديد بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. إلى ذلك، كان التعاون بين موسكو وطهران محوراً مهماً في محادثات باراك، بخاصة مع رئيس الوزراء الروسي سيرغي ستيباشين الذي أكد ان "لا مصلحة لروسيا في أن تمتلك دولة ما، بما في ذلك إيران، سلاحاً نووياً"، مشدداً على استعداد موسكو للنظر في أي "مخاوف وشكوك. أو أي حقائق" عن تسرب تكنولوجيا صاروخية - نووية إلى إيران. وأكد باراك أنه أبلغ الروس "مخاوف إسرائيل من تسرب تكنولوجيا الصواريخ إلى إيران، وغياب الرقابة عليها التكنولوجيا في العراق". على صعيد العلاقات الثنائية، اتفق الجانبان الإسرائيلي والروسي على استئناف عمل اللجنة المشتركة وتعزيز التعاون في مكافحة الارهاب والجريمة. ووعد يلتسن ب"الاقتصاص" من جناة مجهولين حاولوا تفجير لغم في كنيس يهودي، وأشار إلى "استنكاره الشديد" ما سماه مظاهر العداء للسامية في روسيا، ووعد بأنه "لن يكون هناك تهاون أو تسامح" مع المذنبين. وعلمت "الحياة" أن باراك حاول خلال اجتماعه مع أقطاب الطائفة اليهودية قبيل مغادرته موسكو، احتواء أزمة متفاقمة بين عدد من المجموعات اليهودية المتنفذة في روسيا، خصوصاً بين رئيس المؤتمر القومي اليهودي فلاديمير غوسينسكي والبليونير المعروف بوريس بيريزوفسكي المقرب إلى الكرملين.