إذا تابع رامي وبشار خليفة، تحصيلهما العلمي الموسيقي، وثابرا على التمارين بجد، سيكون لهما شأن كبير في التأليف والعزف على البيانو. ليس ما سبق مجرد انطباع شخصي، بل شهادة أجمع على توقيعها موسيقيون وعازفون وذواقة كثر، عن "الأمسية التي قدمها نجلا مارسيل خليفة رامي 18 عاماً وبشار 16 عاماً في "أوتيل القادري الكبير" في زحلة ليل أول من أمس. عزف بشار أولاً، وقدم خمس مقطوعات لبيتهوفن وفرانك مارتين وشوبان وديبوسي، فكان كعازف في منتهى الثقة بنفسه متمكناً من مقطوعاته ومسيطراً على البيانو، مناقضاً بذلك صورته عندما اعتلى خشبة المسرح، خجولاً وحائراً أمام الجمع الذي صفق له طويلاً. وهو يتمتع بإيقاع جيد وبأنامل طيعة، والأهم بجرأة، لأنه اختار مقطوعات صعبة توافق تخصصه الآخر في مجال الإيقاع. فاعتمد "النقر" ب"الاكورات" الكثيرة والمتنوعة التي استخدمها في تنفيذ مقطوعاته، مثبتاً تميزه في الشهادات التي نالها من معهد بولون - بيانكور في فرنسا، حيث يدرس، ومذكراً بأسلوب عبدالرحمن الباشا، هو الذي خضع معه لدروس خاصة أربع سنوات. أما رامي فقدم "سوناتا" هي من أصعب ما وضعه شومان، وأظهر احساساً كبيراً في تجسيد المقطوعة، وتوتراً محبباً، يميز كثراً من عازفي البيانو الكبار. وإذ تفاوتت المقطوعة بين الجدة والهدوء، ظهر رامي في حالين من دون افتعال: ثائراً يطلق العنان ليديه تعلوان وتهبطان، وراقصاً "رفيقته" آلة البيانو، التي نال فيها الجائزة الأولى في المعهد الفرنسي المذكور، وأصبح العازف الأول في فرقته السمفونية. ثم قدّم الاخوان، بعد البرنامج الكلاسيكي، تنويعات جاز، رامي على البيانو وبشار على الأيقاع تام تام. فكانت مقطوعة من تأليف خليفة البكر تميزت الى نمطها "الجازي" الهادىء بروح شرقية وكلاسيكية، مُظهرة نواة مؤلف بدأ يكوِّن أسلوبه الخاص. وشاركه شقيقه في الإيقاع، وبانسجام تام معه، ما انتزع طويلاً تصفيق الحضور الذين نزل الشقيقان عند الحاحهم فقدما من خارج البرنامج مقطوعة لشيك كوريا، من الجاز الخالص. ووسط هذا الجو، كانت عينا مارسيل خليفة من وسط القاعة شاخصتين الى نجليه، كأنهما عوده وأوتاره على المسرح... وبعض أروع موسيقاه التي لم يكتبها بعد.