يلاحظ من يطالع الصحف المصرية الصادرة امس حجم الازمة التي تعيشها الصحافة المصرية فاذا كان كل الصحافيين المصريين يسعون الى الغاء مواد قانون العقوبات التي تجيز حبس الصحافيين في قضايا النشر، فالمؤكد انهم جميعاً ليسوا ضد حبس رئيس تحرير صحيفة "الشعب" مجدي احمد حسين وزميليه صلاح بديوي وعصام حنفي. لكن الازمة تخطت قضية "والي - الشعب" التي شغلت الاوساط المصرية خلال الشهور الماضية منذ ان بدأت الصحيفة التي يصدرها حزب العمل المعارض ذو التوجه الاسلامي في شن حملات مكثفة ضد وزير الزراعة الدكتور يوسف والي الذي لجأ الى القضاء وحصل على حكم لمصلحته. وليس غريبا ان تتبادل صحيفتان مصريتان إحداهما "قومية" والاخرى "حزبية" أو مستقلة حملات متبادلة، لكن الغريب هو ما حدث امس حينما خرجت صحيفة "اخبار اليوم" بعنوان رئيسي: "تكذيب قاطع من النائب العام لصحيفة الاهرام ... ماهر عبدالواحد يطالب الاهرام بتحري الدقة والالتزام بأمانة الكلمة". وعكست الطريقة التي تعاطت بها "اخبار اليوم" مع بيان النائب العام الذي نفى فيه عبارات نُسبت إليه في "الاهرام" اول من امس تضمنت تأييده مطالب الصحافيين بالغاء مواد قانون العقوبات التي تجيز حبس الصحافيين، حجم الخلاف بين اكبر مؤسستين صحافيتين في مصر. ووضعت ازمة الصحافة في بؤرة الضوء مرة اخرى بعدما تجاوزت ازمات سابقة. ولا يمكن الفصل بين تولي رئيس مجلس ادارة "الاهرام" رئيس تحريرها السيد ابراهيم نافع قبل نحو ثلاثة شهور منصب نقيب الصحافيين وبين ازمة "اخبار اليوم - الاهرام" وكذلك اسلوب تعاطي الصحف المصرية قومية وحزبية ومستقلة مع بيان النائب العام. "أخبار اليوم" نشرت نص البيان ثم علقت على الواقعة وتناولت الصحافي محمد زايد الذي نشر الحوار مع المستشار عبدالواحد. وذكرت ان الصحافي محمد زايد "ينفرد بتقديم برنامج اسبوعي في التلفزيون المصري يستضيف فيه اثرياء ومشاهير العرب، وعلى رغم وجود العشرات من المعدين الاكفاء في مقر التلفزيون الا ان زايد حظي بتقديم هذا البرنامج الاسبوعي غير المؤهل له، وانفرد به بطرق لا نعرفها". في حين اكتفت "الجمهورية" بنشر البيان في الصفحة الاولى من دون تعليق وكذلك فعلت "العربي" الصادرة عن الحزب الناصري و"الاحرار"، والصادرة عن الحزب الذي يحمل الاسم نفسه، في حين لم تتناول "الوفد" البيان. وما حدث امس في مقر نقابة الصحافيين عكس ايضاً مواقف المؤسسات الصحافية من قضية "والي - الشعب" اذ لم يلب دعوة مجلس النقابة بالاعتصام رمزياً لمدة ساعتين احتجاجاً على حبس حسين وزميليه وللمطالبة بالغاء مواد الحبس من القانون سوى نحو 300 صحافي غالبيتهم ممن يعملون في صحف المعارضة و"الاهرام" من بين اكثر من اربعة الاف صحافي مقيدين في جداول النقابة. ويعكس ذلك حجم الخلاف بين الصحافيين المصريين في شأن قضية حبس صحافيي الشعب الثلاثة. ويرى البعض ان الموقف الذي اتخذه نافع ومجلس النقابة اخيراً في قضية تمس مؤسسة "اخبار اليوم" انعكس على موقف المؤسسة من القرارات والسياسات التي تتبناها النقابة وكذلك "الاهرام" فقبل ايام طالبت النقابة بالغاء قرار اصدرته "اخبار اليوم" بفصل خمسة صحافيين دخلوا في نزاع مع رئيس تحريرها السيد ابراهيم سعدة، لكن لا يمكن اغفال ان "اخبار اليوم" لم تساند ابداً صحافيي الشعب في قضيتهم مع والي.