تجاوزت الحصيلة الرسمية لضحايا الزلزال في تركيا العشرة آلاف قتيل و34 ألف جريح، فيما توقعت مصادر الاممالمتحدة ان يناهز عدد القتلى الأربعين ألفاً، حسب تقديرات مسؤولين اتراك. ويتوقع ان تواصل حصيلة القتلى الارتفاع، فيما يستقر عدد الجرحى مع انعدام شبه كامل للآمال بالعثور على احياء تحت الانقاض بعد مرور اكثر من 72 ساعة على الزلزال الذي وصفه رئيس الوزراء التركي بولند اجاويد بأنه "واحد من اكبر النكبات في تاريخ الانسانية". ولا يزال "عدد مروع" من الضحايا تحت الانقاض، حسب المصادر التركية فيما بات ملايين ليلتهم الرابعة في العراء وانتشرت اعمال النهب والسرقة في المناطق المنكوبة غرب تركيا. انقرة، اسطنبول، جنيف - أ ف ب، دبا، رويترز - أفادت حصيلة موقتة لمركز الازمة التابع للحكومة التركية امس الجمعة ان ضحايا الزلزال الذي ضرب تركيا فجر الثلثاء الماضي بلغوا 10059 قتيلاً و45017 جريحاً. وأشار المركز انه في منطقة ازميت وحدها التي كانت مركز الزلزال وتبعد 150 كلم الى الشرق من اسطنبول، قتل 4610 اشخاص واصيب 22700 آخرون بجروح. وبلغ عدد القتلى في سقاريه 200 كلم الى الشرق من اسطنبول 2794 شخصاً، فيما بلغ عدد القتلى في اسطنبول 984 شخصاً. اما في منتجع يالوفا السياحي على بحر مرمره فقتل 1300 شخص واصيب حوالي خمسة آلاف بجروح. وفي جنيف، قال سيرجيو بيازي منسق الأممالمتحدة للمعونات الاوروبية أن الزلزال ربما أودى بحياة أكثر من أربعين ألف شخص وذلك طبقاً لتقديرات مسؤولين أتراك. ورفض مسؤولون في مكتب مواجهة الكوارث التابع لرئيس الوزراء في أنقرة، التعليق على الرقم الذي ذكره مسؤول الاممالمتحدة. وقال بيازي إن السلطات التركية تمكنت من تحديد عدد المواطنين الذين كانوا يعيشون في المباني التي دمرها الزلزال. وأضاف ان "الحكومة التركية أرسلت إلينا طلباً يتضمن تزويدهم أكياساً لعشرة آلاف جثة". وأوضح بيازي أن 35 ألف شخص لا يزالون تحت الانقاض ، مشيراً إلى أن "غالبية هؤلاء لن يكونوا على قيد الحياة". وقال بيازي إن فريق الانقاذ الروسي، تمكن من اكتشاف 92 شخصاً تحت الانقاض. وتم انتشال 60 منهم على قيد الحياة. وأوضح ان "الحرارة في تركيا التي تقارب الثلاثين درجة ونوعية الاسمنت المستخدم في المباني، تزيدان من فرص البقاء على قيد الحياة. ويمكن لاشخاص ان يكونوا نجوا من انهيار المبنى ولا يزالون على قيد الحياة بين الواح أو جدران الاسمنت". في غضون ذلك، قال مسؤول في مركز الازمة الذي يتعامل مع الزلزال إن "عدداً مروعاً" لا يزال محاصراً تحت انقاض المنازل المنهارة. وجاء ذلك تعليقاً على توقعات مصادر الاممالمتحدة. واضاف: "لا استطيع التعليق. ولكن الارقام مرعبة. اعداد كبيرة من الناس لا تزال تحت الانقاض. أكثر بكثير مما هو متوقع". وقال شكري سناء جوريل وزير الدولة التركي إنه يخشى من ان حصيلة القتلى سترتفع بسرعة. وأضاف ان عدد ضحايا "هذه المأساة قد يرتفع بسرعة لأننا نخشى من انتشال مزيد من الضحايا تحت انقاض عشرات الآلاف من المنازل المهدمة". امكانات البقاء وقال الطبيب انطوان كروان من الصليب الاحمر الفرنسي ان "الأمل في العثور على أشخاص على قيد الحياة ممكن حتى بعد مرور عشرة أيام على الزلزال، مثلما لاحظنا خلال كوارث سابقة ولا سيما في ارمينيا وكولومبيا". واضاف: "في المباني المنهارة يمكن لتسرب المياه ان يخلف مجاري مياه خفيفة او مناطق رطبة تسمح بالبقاء على قيد الحياة. وعندما يكون الجسم في حالة سبات مثل الغيبوبة فإن حاجاته اقل. وهذا الأمر مناسب للاستمرار لفترة اطول على قيد الحياة". لكنه اشار الى ان "الشخص الذي يكون في هذا الوضع لا يمكنه ان ينادي رجال الانقاذ الذين لا يمكنهم تالياً تحديد مكانه بواسطة المجسات". ويزخر تاريخ الزلازل في العالم بحالات بقاء على قيد الحياة خارقة. ففي زلزال ضرب ساحل تركيا الجنوبي في حزيران يونيو 1998، تم انتشال امرأة في الرابعة والاربعين من عمرها من انقاض مبنى مؤلف من ست طبقات بعد 49 ساعة على وقوع الزلزال. وفي 11 نيسان ابريل 1999 تم العثور على طفل في شهره الثالث محمياً بجسم أمه التي توفيت، في منزل تهدم جراء الزلزال الذي ضرب ايران قبل يوم من ذلك. كما عثر على طفل في التاسعة من عمره عالقاً بين انقاض منزله بعد اسبوعين على الزلزال الذي ضرب مكسيكو في 19 ايلول سبتمبر 1985. وفي التاسع من تموز يوليو 1995، انتشل شاب من انقاض متجر انهار قبل 6 ايام في سيول. كما انتشلت شابة في الثامنة عشرة على قيد الحياة من المكان ذاته بعد يومين. واوضحت يومها انها ظلت على قيد الحياة لانها كانت تلعق قطرات المطر عن وجهها. أجاويد وأعلن رئيس الوزراء التركي بولند اجاويد ان الزلزال الذي ضرب بلاده يعتبر "من اكبر النكبات في تاريخ الانسانية وفي اعتقادي، افظع ما شهدته تركيا". ورفض اجاويد الاتهامات التي وجهتها الصحافة الى حكومته بخصوص التباطؤ والفوضى في عملية الانقاذ. وقال ان "اتهامات وسائل الاعلام تنال كثيرا من معنويات موظفي الدولة الذين يتفانون قلباً وقالباً في اعمال البحث عن الاشخاص الموجودين تحت الانقاض". وأشار الى انه "يتفهم" مشاعر المنكوبين وشكاواهم المتكررة وطلب منهم ان يثقوا في الدولة التركية التي تبذل كل ما في وسعها من أجلهم. من جهة اخرى، ذكرت وكالة أنباء "الاناضول" أن الشرطة ألقت القبض على ثلاثين شخصا متهمين بالقيام بأعمال سرقة ونهب للابنية التي انهارت أثناء الزلزال. وألقي القبض على المجموعة التي قدمت من مدينة سامسون الواقعة على البحر الاسود بعد تقدم السكان المحليين في منطقتين منفصلتين بإقليم كوكالي بشكاوى. وكان الاقليم من أكثر المناطق المتضررة من جراء الزلزال. وكان الثلاثون شخصا أخبروا السكان المحليين أنهم قدموا إلى البلدة من أجل المساعدة، غير أنه ألقي القبض عليهم بعد شكوى السكان المحليين من أنهم يقومون بنهب المقتنيات الثمينة من المنازل المتهدمة. وفي طوكيو، أفاد مصدر حكومي ان اليابان سترسل الى تركيا علماء واخصائيين في علم الزلازل عملوا في كوبي بعد الزلزال الذي ضربها في العام 1995 لمساعدتها على حل المشكلات الناجمة عن الزلزال. ويتوقع ان يضم الفريق خبراء في البناء المقاوم للهزات وفي الصحة والبنى التحتية. ويذكر ان الزلزال الذي ضرب المدينةاليابانية الساحلية الكبيرة في كانون الثاني يناير 1995، أسفر عن 6430 قتيلاً و44 ألف جريح وخلف عدداً كبيراً من المشردين. وقال صندوق الاممالمتحدة لرعاية الطفولة يونيسيف إنه سيرسل 27 طناً من المواد الطبية والاغذية ومواد الاغاثة الاخرى الى تركيا بالاضافة الى خبراء لدراسه آثار الزلزال المدمر على الاطفال والنساء. وأعرب الصندوق في بيان عن قلقه من ان الصدمة التي تعرض لها الآباء ستترك اثراً كبيراً على الابناء. وقال إنه سيعمل على تطوير "خطة طويلة الأمد من أجل مساعدة اطفال تركيا على تجاوز الاثر النفسي للكارثة". ونقل عن انجريد لث الطبيبة النفسية في "يونيسيف" قولها: "سيتلاشى سريعاً الخوف الذي يعد رد الفعل المباشر للطفل. وربما يعطي ذلك البالغين انطباعاً بأن الاطفال لم يتأثروا بردود فعل ذويهم الشديدة. إلا أن الأمر ليس كذلك فالصدمة التي عاشها الآباء ستترك اثراً على الاطفال مهددة احساسهم الأساسي بالامان". وسيقوم فريق خبراء اليونيسيف الذي سيتجمع في تركيا في مطلع الاسبوع بمهمة تقويم اولي تستغرق اسبوعاً. ويضم الفريق المؤلف من خمسة افراد متخصصين في الصحة والتغذية والمياه ومنع تفشي الامراض الاحتياجات الاجتماعية والنفسية. واقيمت على امتداد العالم الاسلامي صلاة الجنازة على ارواح ضحايا الزلزال. واعتبر كثير من خطباء المساجد ان الزلزال "غضب وعقاب من الله لاستمرار معاداة القيادة العلمانية التركية للمسلمين في بلادهم". ودعا الخطباء إلى "العودة الى التمسك بالإسلام".