وضعت الحرب أوزارها بين روماوقرطاج قبل ايام مع وصول 17 سفينة شراعية ايطالية الى الميناء الفينيقي العتيق حاملة الرايات البيضاء الى جانب الرايات التونسية والايطالية. على الصعيد الرمزي كرّس وصول السفن الآتية من روما نهاية الحروب التي استمرت قرناً من الزمن بين العاصمتين الفينيقية والرومانية للسيطرة على الحوض الغربي للمتوسط، واسفرت عن سقوط قرطاج في ايدي الرومان عام 146 قبل الميلاد، في اعقاب معركة جاما شمال تونس التي انهزم فيها القائد العسكري هنيبعل وفرّ الى الشام، ما ادى الى أفول القوة الثانية في المتوسط بعد روما بعدما بلغت دائرة مستعمراتها الى جنوباسبانيا والسواحل الغربية لافريقيا. اذا كان الرومان القدامى احرقوا قرطاج وذرّوا الملح في شوارعها بعدما استولوا عليها لئلا تعاود النهوض، فان الرومان المعاصرين اتوا بأكياس من السكر في سفنهم وذروها في الشوارع الباقية من المدينة التاريخية تعبيراً عن المشاعر الجديدة التي بات يكنّها الطليان للعاصمة التي ارعبت اساطيلهم واجتاحت جيوشها مستعمراتهم في جزيرة صقلية وسردينيا، وحاصر قائدها هنيبعل عاصمتهم روما من الشمال بعدما عبر بقواته المعتمدة على الفيلة جبال البيرينيه والألب وكسب معركة نيس الشهيرة. وعلّق جوليو زاكاريلي، احد المشاركين في الرحلة بين روماوقرطاج، بأن قائد الجيش الروماني كانو رفع شعار "لندمر قرطاج" لدى اقتحام قواته المدينة، اما نحن فشعارنا هو "فلنحب قرطاج". واوضح انه كان مقرراً ان تشارك 42 سفينة ايطالية في الرحلة، الا ان سوء الاحوال الجوية حمل المنظّمين على الاقتصار على 17 سفينة شراعية فقط قطعت 750 كيلومتراً من روما الى قرطاج. وعلى رغم ان الميناء الفينيقي لا يزال قائماً في قرطاج، وهو مزار للسياح، فان السفن الايطالية أرست في ميناء سيدي بوسعيد الترفيهي المجاور بسبب ضيق الميناء التاريخي وغياب الأرصفة والخدمات. وتمّت هذه الرحلة البحرية في اطار مباراة للسفن الشراعية ترمي الى تنشيط الاقبال السياحي على المنتجعات التونسية. وكان التونسيون نظّموا سباقاًَ مماثلاً بين مالطا وسوسة وسباقاً ثالثاً بين تولون وطبرقة خلال الشهرين الماضيين. ومن قرطاج اتجه الفتيان والفتيات الايطاليون المئة والعشرون المشاركون في السباق الى الميناء الترفيهي في المدينة السياحية "القنطاوي" القريبة من سوسة في اطار المرحلة الثانية من السباق وفي وقت لاحق اتجهوا الى ميناء المنستير لاستكمال المرحلة الاخيرة من الرحلة. معاهدة سلام وما انفك التونسيون والايطاليون يتبادلون المبادرات الرمزية الرامية لطي صفحة الصراع الضاري بين عاصمتيهم التاريخيتين والاحتفال بالصداقة الجديدة بين البلدين اللذين يراقبان ضفتي خليج صقلية الذي يتحكّم بحركة الملاحة بين الحوضين الغربي والشرقي للمتوسط. وأقيمت حفلة في قصر بلدية قرطاج قبل اكثر من 10 اعوام وقّع خلالها عمدة قرطاج الشاذلي القليبي ونظيره الايطالي على "معاهدة سلام" رمزية بين المدينتين في حضور حشد من رجال الاعلام الطليان والتونسيين.