يُقدر ان يصل انفاق المملكة العربية السعودية في سنوات الخطة الخمسية السادسة، التي تنتهي مطلع السنة المقبلة نحو 258 بليون دولار في حين يُتوقع ان تقل المصاريف الفعلية عن هذا المستوى في الخطة المقبلة التي ستركز على الاصلاحات الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل. وذكرت مصادر اقتصادية ومصرفية ان النفقات في الخطة السادسة للفترة 1995- 1999 تجاوزت المعدل المفترض بنحو 25 في المئة الا ان العجز في الموازنات السنوية كان تحت السيطرة في معظم سنوات الخطة. واشارت احصاءات رسمية ومستقلة الى ان النفقات بلغت اعلى مستوى لها في خطة التنمية السادسة عام 1997 وهو نحو 58.9 بليون دولار نتيجة ارتفاع اسعار النفط الى اكثر من 18 دولاراً للبرميل. وقُدر الانفاق الفعلي بنحو 52.8 بليون دولار عام 1996 و50.4 بليون دولار عام 1998 و 46 بليون دولار عام 1995 ويُتوقع ان يبلغ نحو 50 بليون دولار سنة 1999. وقال خبير اقتصادي سعودي: "ان الخطة السادسة حققت بعض اهدافها وليس جميع الاهداف بسبب تقلبات اسعار النفط خلال سنوات الخطة". واضاف: "من اهم الاهداف التي تحققت هي التوسع المستمر في القطاع الخاص وتحقيق معدلات نمو مرتفعة في بعض الاعوام، لكن من جهة ثانية، لم يتحقق الهدف المعلن وهو ازالة العجز كليا بحلول السنة 2000 وعملية التنويع الاقتصادي لا تزال تسير ببطء شديد ما انعكس على معدلات النمو في بعض الاعوام". ولفتت المصادر الى ان اجمالي الناتج المحلي السعودي انخفض بنحو 10.8 في المئة عام 1998 بسبب تراجع اسعار النفط في حين قفز بأكثر من سبعة في المئة عامي 1996 و1997 ما يعني ان الاقتصاد لا يزال يعتمد بشكل مكثف على النفط. وظهر ذلك ايضا في حجم العجز الفعلي اذ انخفض الى نحو اربعة بلايين وخمسة بلايين دولار عامي 1996 و1997 على التوالي اي بنسبة ثلاثة واربعة في المئة من اجمالي الناتج المحلي وهو مستوى مقبول بالمعايير الدولية في حين قفز الى 12.3 بليون دولار العام الماضي اي بنسبة 8.5 في المئة نتيجة تدهور اسعار النفط. وتوقع اقتصاديون ان تكون الاصلاحات الاقتصادية خصوصا تنمية الموارد غير النفطية وبيع المؤسسات الحكومية الى القطاع الخاص محور الخطة الخمسية السابعة التي يُنتظر ان تطلقها الحكومة مطلع السنة 2000. وقال مدير الدائرة الاقتصادية في مجموعة "ميدل ايست كابيتال" هنري عزام ان السعودية التي تسيطر على اكثر من ربع احتياط النفط الدولي بدأت تكثف برامج الاصلاح السنة الجارية تمهيداً لاطلاق خطة التنمية المقبلة. واشار في اتصال مع "الحياة" الى قرار الحكومة فرض رسوم على المسافرين المغادرين في موانئ المملكة ورفع اسعار البنزين واجراءات اخرى. وقال: "هذه الاجراءت مقدمة للخطة الخمسية المقبلة التي اتوقع ان تركز على موضوع الاصلاحات الاقتصادية خصوصا تقليل الاعتماد على النفط وتخصيص المنشآت الحكومية وترشيد الانفاق لابقاء العجز تحت السيطرة". واضاف: "هناك توقعات بان تراوح اسعار النفط بين 15 و20 دولاراً للبرميل للسنوات العشر المقبلة... وهذا يعني انه لن يكون هناك ارتفاع كبير في ايرادات المملكة ما يحتم عليها البحث عن مصادر دخل بديلة". وأشار عزام الى ان لدى القطاع الخاص السعودي الامكانات المالية التي تؤهله لقيادة عملية التنمية الاقتصادية في المرحلة المقبلة اذ تقدر موجوداته الخارجية بأكثر من 200 بليون دولار. وتوقعت مصادر مصرفية في المملكة ان تعتمد الحكومة معدل انفاق لا يزيد على 200 بليون دولار في خطة التنمية المقبلة على اساس توقع ارتفاع استثمارات القطاع الخاص من خلال بيع بعض المؤسسات الحكومية وتحسين مناخ الاستثمار.