القمر الذي احتفل العالم أخيراً بمرور 30 عاماً على هبوط أول انسان على سطحه سيتلقى "صدمة" في وقت مبكر من صباح الغد. سيحدث ذلك عندما ترتطم المركبة الفضائية الأميركية "لونار بروسبكتر" بسطح الكوكب بعدما أمضت نحو عام ونصف عام في استكشافه من بعيد. وقال عضو الفريق العلمي الذي يرصد الارتطام، الدكتور سامي أسمر، ل"الحياة" ان الهدف هو البحث عن الماء الذي يُعتقد أنه موجود تحت سطح الكوكب. ويسهر هذا العالم العربي وفريقه طوال الليل في مقر عملهم في "مختبر الدفع النفاث" التابع لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" في باسادينا، ولاية كاليفورنيا، حيث يتم التحكم بحركة المركبة ورصد ارتطامها. ومع أن وزن المركبة 161 كيلوغراماً فقط فإن قوة الارتطام ستعادل ارتطام شاحنتين، وزن كل منهما طنان، منطلقتين بسرعة 1770 كلم في الساعة. وستسقط المركبة في منطقة القطب الجنوبي للقمر في حفرة صغيرة يبلغ اتساعها نحو 50 كيلومتراً. وسيكون القمر مرئياً بشكل جيد في الساعات الاولى من صباح الغد، حين يلتقط فريق العالم العربي إشارات الراديو المنبعثة من الصدمة. ويساهم في الرصد أكبر التلسكوبات الفضائية والأرضية بأمل العثور على بخار الماء، الذي يتوقع أن تبلغ كميته المتطايرة 18 كلغم. وتشير الأدلة العلمية المتوفرة الى احتمال وجود ماء متجمد في الحفر الموجودة في ظلام أبدي قرب قطبي القمر البعيدين عن الشمس. وكانت المركبة الحالية رصدت أيونات هيدروجين يُعتقد أنها تطايرت من جزيئات الماء. وأعلن العلماء في الخريف الماضي عن احتمال وجود كمية هائلة من الماء المتجمد يبلغ حجمها 6 بلايين طن مدفونة في منطقة القطبين في القمر. وذكر الدكتور أسمر، وهو عالم فيزياء مختص بدرس باطن الكوكب أن ماء القمر يعادل وزنه ذهباً. وتوقع أن يحقق وجوده بكميات كبيرة قفزة في مشاريع الاستكشاف الفضائي ويعجل بناء مستوطنات في القمر والكواكب الاخرى. فالبعثات البشرية الى الفضاء تتحمل نفقات وأعباء كبيرة عن حمل الماء الضروري للشرب والعيش والوقود. ويعرقل حمل الماء الرحلات الفضائية البعيدة. وسيبرهن العثور عليه في القمر حقيقة علمية مهمة، هي قدرة الماء على الوجود في ظروف قصوى. وعثر العلماء سابقاً على آثار للماء في منطقتي القطب في كوكب عطارد، وهو أقرب الكواكب من الشمس وأشدها حرارة. وفي حين يتفاءل العالم العربي باحتمال العثور على الماء، صدرت توقعات مختلفة عن الدكتور ديفيد غولدشتاين الذي اقترح مشروع الارتطام بالقمر. قائمة التوقعات المتشائمة لغولدشتاين، الاستاذ في جامعة تكساس، تضم اموراً مختلفة، مثل احتمال نفاد بطاريات الطاقة الشمسية الموجودة في مركبة الاستكشاف قبل الارتطام، أو تتعطل صواريخ المركبة بسبب نفاد وقودها، أو ترتطم بحافة الحفرة حيث لا أمل في وجود ماء، أو تغوص المركبة المندفعة في باطن الحفرة كحجر يسقط في الماء... "ولن نعرف أبداً ما جرى"!