كتبت نازك الاعرجي في صفحة آفاق 7/7/99 مراجعة لكتاب بتول الخضيري "كم بدت السماء قريبة"، وكنت قرأت هذا الكتاب قبل شهور. توقعت ان تكون المراجعة اكثر استيعاباً وتقبلاً لنغمة التجديد عند كاتبة شابة مثل بتول، … لكن مراجعة نازك لهذه الرواية كانت باختصار كالذي يمسك بمسطرة الحديد القديمة ذات البوصات والأقدام والياردات محاولاً قياس أبعاد تم تفصيلها على النظام المتري. قررت نازك كيف يجب ان يعتمد الكاتب الفكرة المحورية أو ثيمة حسب تعبير نازك وكيف يحددها ويتبعها، وان لم يفعل ذلك حسبت الرواية سيرة ذاتية. واختارت نازك "الانتماء وصراع الحضارات" فكرة محورية لهذه الرواية، فلم تتمكن من قراءة الرواية بغير هذه الفكرة المسبقة وجاء نقدها على هذا الأساس مع الأسف. لم تتمكن نازك من استيعاب التجارب الانسانية للبطلة وبقية الشخصيات التي وردت في الرواية، ابتداء من طفولة البطلة وانتهاء بتجاربها الشخصية الحلوة او المرة، ليس عند نازك وجود للبطلة كشخصية مستقلة، فمعظم فقرات مراجعتها تناولت صراع الحضارات والسيرة الذاتية والانتماء وصراع الابوين … فهل ورد في المراجعة اي ملاحظة عن تطور شخصية البطلة من طفلة بعمر ست سنوات الى مراهقة ثم الى شابة واعية لها القابلية في ان تحتفظ باعجابها بأبيها وفي الوقت نفسه تتفهم أمها وتبثها من الرعاية الانسانية ما لم تحصل عليه منها في طفولتها؟… وكذلك تطور علاقات البطلة بالناس الذين تتعرف عليهم في كل مرحلة، كل هذه لا تستطيع رؤيتها نازك على رغم كونها تجارب انسانية … تقول نازك ان الأب العراقي "اصطحب معه عند عودته زوجة انكليزية من دون ان تتضح لنا دوافعه آنذاك"، مضيفة في مكان آخر: "الأب الذي يبدو وكأنه أجير على الزواج من أجنبية". فما هي علاقة هذه الأمور الواقعة خارج إطار الرواية تماماً مع النقد الأدبي الرصين لرواية خيالية ام ان نازك تصر على أنها سيرة ذاتية على اسلوب عنزة ولو طارت وتريد الدخول في خصوصيات الكاتب على صفحات الجريدة؟ اللغز الآخر في ما كتبت نازك الاعرجي هو توقعها - تلميحاً - ان تكون رواية بتول الخضيري "الرواية الوحيدة". لعل الاجابة عن هذا اللغز وغيره تكمن في توقف نازك في نهاية مراجعتها عند كلمة "لكن"، مما يوحي ان لدى نازك أموراً اخرى، وأيضاً لا علاقة لها بالرواية، خلف هذه الجملة الاخيرة المبتورة. وطبعا يرمي كل ذلك بعلامة استفهام كبرى على المراجعة بأكملها مع الأسف. الرياض - حسين الركابي