أصبح من الشائع ان يأخذ مخرجو الدراما التلفزيونية أفكار أعمالهم وأحداثها وشخصياتها من الروايات المعروفة العربية والعالمية، أو يحولوا النص الروائي الى سيناريوهات تلفزيونية كون الرواية، الجنس الأدبي الوحيد الذي يحوي أكثر من شخصية وأوسع فضاء علائقياً، تاريخياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً. بالإضافة الى تعدد الأمكنة والأزمنة فيها ما يسمح للمخرج التلفزيوني أو السينمائي بتجسيد رؤيته الاخراجية عبرها، وفق تقنيات الصورة والحركة. يمكننا ملاحظة هذا في الدراما التلفزيونية المصرية بشكل وا ضح. خصوصاً وأن أعمال نجيب محفوظ ويوسف القعيد وآخرين، عرضت على الشاشة المصرية والشاشات العربية الأخرى. وآخر عمل مصري تابعه الجمهور السوري عبر القناة الأولى هو مسلسل "رد قلبي" للكاتب المصري المعروف "يوسف السباعي" وكان عرض سابقاً في الفضائيات العربية. والجمهور العربي، اذ يتابع هذه الاعمال لا يجهل أنها لأسماء روائية عربية معروفة، ولا تحذف اسماؤهم على الشاشة من قبل كاتب السيناريو أو المخرج أو الجهة الانتاجية، لأن الجمهور ليس غافلاً عن دنيا الأدب والتاريخ والإبداع وحسن ما يفعله المصريون في هذا المجال. ونتذكر في هذه المجال ايضاً العمل التلفزيوني الذي جمع بين المخرج السوري "هيثم حقي" والفنان "دريد لحام" بعنوان "الدوغري"، اذ ان هذا العمل قدم بصراحة باعتباره مقتبساً من رواية "الزويك" للكاتب التركي عزيز نسين. وما نريد قوله نحن هنا وفي هذا المجال أيضاً انما هو بعض ملاحظات على مسلسلين سوريين عرضا على الشاشة السورية اقتبسا دون ذكر ذلك عن روائيين عالميين معروفين، وكأن المتلقي لا يقرأ ولا يتابع ولا يعرف شيئاً إلا من خلال المسلسلات. العمل الأول هو "العوسج" للمخرج السوري "نجدت اسماعيل انزور" الذي كتب سيناريو له "غسان نزال" وهو عمل عرض على الفضائيات العربية والشاشة المحلية. والمعروف ان موضوع هذا المسلسل بشخصيته المركزية وأحداثه مأخوذ عن رواية "مميد الناحل" للروائي الكردي التركي "يشار كمال". وبإمكان القارئ الرجوع للرواية حيث ان مقارنة متواضعة بين شخصية "مميد الناحل" في النص وشخصية "عمران" في المسلسل ستكشف لنا الأمر بسرعة. وكذلك فإن كاتب السيناريو اقتبس أجواء هذا العمل مع اعتماده الرئيسي على "مميد الناحل"، من رواية اخرى للروائي نفسه وهي "الأرض الحديد والسماء النحاس". اما العمل الثاني والذي عرض في الفترة الأخيرة على القناة الأولى، فهو مسلسل "مقعد في الحديقة" الذي كتب السيناريو له مروان ناصح واخرجه "محمد علي ديب" وجسده كل من جمال سليمان ومي سكاف وكاريس. ملفت في هذا المسلسل انه يتميز بغرابة موضوعه وشخصيته المحورية، وهي شخصية طبيب ومثقف يعيش علاقاته الخاصة ويمارس أفكاره ومنطلقاته الحياتية حول الحب والسياسة والفكر والثقافة حسب قناعاته الشخصية، رافضاً أطر المجتمع والقوانين التي تفرضها السلطات العسكرية آنذاك. أي في فترة الخمسينات التي تميزت بانقلابات عسكرية متتالية وتوتر اجتماعي في المجتمع السوري. كل هذا جميل وجديد، ولكن لماذا يا ترى حذف اسم الكاتب الأصلي صاحب الرواية، ولماذا لم يشر أصحاب المسلسل الى انه مأخوذ عن رواية "كائن لا يحتمل خفته" للكاتب التشيكي المعروف "ميلان كونديرا"؟ إن هناك معارك كلامية وكتابية عديدة داخل الوسط الفني السوري بين كتاب السيناريو والروائيين والمخرجين، حول أعمال أخرى عرضت بنفس الطريقة حيث لم يتم ذكر اسم الكاتب أو الروائي الأصلي. ونشرت بعض هذه المعارك على صفحات ملحق "سينما وفضائيات" في جريدة "الحياة"، ولكن بقي بعضها الآخر لم يُنشر إلا عبر "تلطيشات" قليلة. فلماذا هذا التعامل مع الرواية والروائيين؟ أليس لهم الحق في ان تذكر اسماؤهم، أو عناوين رواياتهم حتى ولو انهم لا يعرفون اللغة العربية. وفاء للابداع لا لشيء آخر