أبدى معارضون عراقيون "حذراً" من السياسة الأميركية تجاه العراق لا سيما بشأن مساعدة المعارضة على "تغيير النظام"، وأجمعوا على وجوب توحيد المعارضة العراقية سبيلاً وحيداً لتحقيق أهدافها، وأعلنوا استمرار المشاورات التحضيرية لعقد اجتماع موسع للمعارضة الذي تأكد تأجيله إلى أجل غير مسمى. وعقد تيار الوسط الديموقراطي العراقي ندوة أول من أمس في لندن لمناقشة التطورات الأخيرة المتعلقة بالقضية العراقية، شارك فيها السادة الشريف علي بن الحسين وعارف عبدالرزاق وعبدالرزاق إبراهيم العلي وعدنان الباجه جي وغسان العطية ومحمد الظاهر. وطغى على أجواء الندوة موضوعان: علاقة المعارضة بالولاياتالمتحدة وعلاقة أطراف المعارضة بعضها ببعض. وأعلن الشريف علي بن الحسين ان "توحيد المعارضة يشكل رسالة قوية إلى الداخل إلى وجود بديل، ويدحض مزاعم الرئيس العراقي بأنه الوحيد القادر إدارة الأمور في البلاد". وذكر أن الأميركيين "يعولون كثيراً على توحيد صفوف المعارضة، ويعتبرون توحيدها شرطاً أساسياً لدعمها مادياً". وقال: "هناك انطباع خاطئ عن وجود مشروع أميركي لتغيير النظام في العراق"، واعتبر ان هذا المشروع يجب ان يكون عراقياً ويستفيد من الدعم المتوفر له. وأضاف ان "الولاياتالمتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تؤيد الشعب العراقي في تغيير النظام عبر إقرارها قانون تحرير العراق وعبرت علناً عن موقفها بمساعدة المعارضة على التغيير". وأعرب الشريف علي بن الحسين عن "الحذر" من هذه السياسة الأميركية المعلنة، خصوصاً "نتيجة التجارب السابقة بعدما أعطوا وعوداً كثيرة من دون أن يلتزموا تنفيذها". لكنه أيد، مع ذلك، العلاقة مع واشنطن، وقال: "علينا ان نتحاور معهم ونمتحنهم إن كانوا يؤيدون التغيير فعلاً". واعتبر ان "القصف ليس وسيلة فعالة لتغيير النظام، كما ان الحصار لا يضعفه، بل يؤدي إلى إفقار الشعب العراقي". واستبعد الشريف علي بن الحسين عقد اجتماع موسع للمعارضة قريباً، وذلك على رغم الاتفاق مع "المؤتمر العراقي الموحد" على عقده، وعزا ذلك إلى وجود "خلافات داخلية في أوساط المؤتمر". من جهته، ذكر الباجه جي ان "الاعلان الأميركي عن الاستعداد لمساعدة العراقيين على إحداث التغيير يلتقي مع مصالح العراقيين. فالعراقيون يعتبرون ان لا خلاص من المحنة إلا بتغيير النظام القائم". واستدرك قائلاً: "نعرف تماماً ان الولاياتالمتحدة تهدف إلى خدمة مصالحها أولاً، لكن هناك تقاطع مصالح يستدعي تعاون هذه الأطراف". وقال: "كنا نود دعم الاشقاء العرب أولاً، ونرحب بدعمهم، لكنهم احجموا عن ذلك". واعتبر الباجه جي ان التعاون مع الأميركيين "لا يعني قبولاً بكل ما يقولونه". ونفى أن تكون المعارضة تلقت أي دعم مادي من واشنطن، وقال: "إذا ارادت المعارضة المحافظة على صدقيتها فإن عليها الاعتماد على نفسها أولاً، ويجب تمويل نشاطاتها عبر صندوق تبرعات خاص بها". ودعا الباجه جي إلى "تركيز الجهود حالياً باتجاه عقد مؤتمر موسع للمعارضة العراقية يضم كل الأطراف والشخصيات من دون استثناء، وينتخب قيادة جماعية للمعارضة تتولى كل نشاطاتها لا سيما تنظيم العلاقات مع الولاياتالمتحدة والدول العربية والمجاورة، والمطالبة برفع الحصار وتفعيل القرار الدولي 688 ومحاكمة صدام حسين". وأشار إلى مواصلة الاتصالات مع "المؤتمر الوطني" لتشكيل "لجنة تحضيرية" بهدف الاعداد للاجتماع الموسع. واعتبر الباجه جي ان "التغيير من مسؤولية الداخل أولاً، أما دورنا في الخارج فهو تهيئة الأجزاء لذلك". ورأى ان هناك اختلافاً في وجهات النظر بين الإدارة الأميركية والكونغرس في شأن تنفيذ "قانون تحرير العراق"، وطالب برفع الحصار عن العراق. أما عارف عبدالرزاق فشدد على أن "دورنا موقت ينتهي مع تحقيق هدف التغيير في العراق"، واعتبر ان "الأمر يعود بعدها إلى الشعب العراقي ليقرر نظامه السياسي". وقال إن "الفجوة لا تزال كبيرة مع المؤتمر، على رغم استعداده لتوسيع القاعدة التمثيلية"، وأشار إلى "استمرار الحوار مع الأطراف المعارضة الأخرى"، مع "التأكيد على الثوابت الوطنية". وخلصت الندوة إلى نتيجة مفادها ضرورة الاستفادة من أي دعم يمكن أن يقدم إلى المعارضة في سعيها إلى اجراء تغيير في العراق، وضرورة نسج علاقات متوازنة مع القوى المؤثرة، خصوصاً بعدما أصبح للقضية العراقية بعد دولي يستحيل تجاهله أو القفز فوقه والتعامل مع هذه القوى بحذر، وذلك مع الأخذ في الاعتبار استقلالية المعارضة ومصداقيتها وضرورة توحيدها.