أبناء الشخصيات البارزة ثقافياً او سياسياً او اجتماعياً او... هل يحملون رسالة مشابهة لرسالة آبائهم وامهاتهم وللبيوت التي نشأوا وتربوا فيها؟ أين يتشبهون وأين يستقلون؟ وكيف يرون المستقبل؟ الواقع؟ هذا ما نحاول تلمسه مع أليسار كركلا 25 سنة إبنة الفنان عبدالحليم كركلا. ألى اين اتجهت في الدراسة الجامعية؟ - حصلت على BA علاقات دولية ودرست Fine Arts في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس - الولاياتالمتحدة الأميركية. هواياتك؟ - لا وقت لديّ للهوايات، فمعظم وقتي للرقص. أخترع رقصات، أعلّم الرقص. أتابع أعمال الفرقة فرقة كركلا اللبنانية. إنه العمل الفني يملأ حياتي، لكني أحب السفر والمطالعة وأحاول أن أعطيهما وقتاً. لمن تقرأين؟ - لكريستيان جاك وشكسبير، وقراءات أخرى حول الرقص والجسد والحركة والبيولوجيا. أقرأ عموماً حول الفن - العالم الكبير الذي يخصني. فالرقص يتطلب بحثاً دائماً لأنه يتجدد مع الوقت. لماذا اخترتِ اختصاص العلاقات الدولية؟ - العلاقات الدولية مجال أساسي في الحياة، تعلمنا كيف نتعامل مع الناس والعالم وتبرمج سلوكنا. شعرت أن هذا المجال يؤسسني كإنسانة. أما لماذا اخترت الفن، فلأنني ولدت في قلب الرقص ووجدت أنه يجب عليّ العمل في هذا المجال لأطور وأكمل ما بدأه والدي. أنا موهوبة، أحب الرقص وابنة عائلة فنية، فلماذا أسبح عكس التيار؟ ما هو الدور الذي لعبه أهلك في هذا المجال؟ - لعب الوالد دوراً كبيراً في عملية تأسيسي كفنانة، علّمني ما هو المسرح وما زال يدفعني ويشجعني. لقد أعطاني الأهل الفرصة لدراسة الرقص، لكن، عندما ذهبت إلى أميركا شجعوني على دراسة العلاقات الدولية لأنه في نظرهم يمكنني أن أجمع بين الإختصاصين، فالعلاقات الدولية هي لغة السلوك، تبني الشخصية، والرقص هو لغة الجسد. بصراحة لقد لعبوا دوراً مهماً يتجسد بتأسيسي في مجالين... لأملك الخيار دائماً. بماذا تتقاطعين مع والدك وبماذا تتعارضين؟ - والدي ليس كرجال الأعمال الذين يحضنون أولادهم ويحمونهم وراء المكاتب على رغم أخطائهم. فهو لا يتهاون مع الخطأ. لأني إذا أخطأت فسيظهر ذلك مباشرة امام الناس. نحن نتعامل وكأننا من مستوى واحد. نختلف في كثير من الأمور، وهذا شيء إيجابي يساعدنا على خلق فني جيد بحيث نمزج بين جيلين. هو معلمي. أنا لا أفرض نفسي على أعماله. تفكيري اكثر حداثة منه. إنه أسير زمنه. أعتقد أن وجودي يضخ دماً جديداً في حياته وفرقته، في المنزل نحن عائلة مترابطة وأصدقاء نتقاطع في الكثير من الأمور. لقد أمضيت حياتي بعيدة عن أهلي وها أنا الآن أعوض عطفاً. هل تعانين مما يعاني منه الشباب اللبناني لجهة إيجاد عمل؟ - مجال عملي هو الفن ووالدي عبدالحليم كركلا، أليس معيباً أن أذهب للعمل عند الناس؟ كان في إمكاني أن أعمل في الخارج، لكن فرقة والدي المهمة ومستواه الفني شجعاني على العمل معه، فكركلا تعتبر من أهم فرق الرقص في العالم العربي. بصراحة، لا معلومات عندي عن فرص العمل في لبنان ولم أجرب العمل مع أحد غير والدي، لذلك لا أحب التوسع في الإجابة. هل تعتقدين أن انشغال والدك الدائم بفنّه دفعك لتحملي مسؤولية نفسك باكراً؟ - عشت في الغربة. وتحملت المسؤولية باكراً، أنا أمثّل مسؤولية كبيرة: "إسم والدي ومكانته". تعلمت من ذلك أن أهب كل وقتي للعمل. الآن بدأت أقطف ثمار هذه المسؤولية المبكرة. عمري اليوم 25 سنة. أملك مؤسسة خاصة بي "مدرسة رقص"، كذلك أحضّر مع والدي عملاً جديداً ولأول مرة أعمل معه بشكل موسّع. هل عندك اتجاه سياسي؟ - السياسة ليست عالمي. أقرأ عنها لأكوّن معلومات وأفهم ما يجري في العالم من حولي، لا رأي لي فيها فأنا متفرغة للفن. كيف هي علاقتك بأمك؟ - هي مشجعتي الأولى وبحر الحنان والدفء، تحضر في كل تفصيل من حياتي ومديرة لعلاقاتي العامة، لقد أسستنا كعائلة، وعلمتني حب الرياضة والحركة. انها رفيقة يفتخر بها. إلامَ تطمحين؟ - لم أكمل دراستي الفنية بعد، عليّ الذهاب الى اميركا لإتمام ذلك، لقد فتحت في لبنان مدرسة للرقص، أحضرت اساتذة من الخارج وأطمح لتحويلها إلى معهد كبير، فأنا أريد أن اجعل الرقص يُدرّس كعلم. هدفي أن اشجع الناس في لبنان لتعلم الرقص، اما الهدف والطموح الأكبر فهو ان اكمل العمل بجدية مع الوالد لأتسلّم الفرقة في ما بعد. من هم أصدقاؤك؟ - جميعهم لبنانيون، هم أناس بسطاء. اصدقاء الطفولة، لقد قضوا حياتهم مثلي في الخارج، درسنا معاً، نتقارب كثيراً في تفكيرنا. هم الذين يشجعونني ويحبون عملي، نتراسل دائماً عبر البريد الإلكتروني، بسببي أصبح بعض اصدقائي فنانين، لأني كنت أصطحبهم معي الى صالات الرقص، أنا أشتاق إليهم وأحبهم كثيراً. أين تقضين أوقات فراغك؟ - لا فراغ لدي، انهي عملي بعد العاشرة ليلاً. يبقى يوم الأحد اقضيه في تحضير الموسيقى واختيار الملابس. عندما لا يكون هناك عمل راقص جديد قد أجد بعض اوقات الفراغ. ماذا يشكل الرقص بالنسبة إليك، وما هي الرسالة التي تريدين إيصالها عبره؟ - أسسنا حركة راقصة جمعت فنون الشرق والغرب. الرقص لغة الجسد والتعبير الروحي، انه سهل ممتنع، نشاهده، نخاله سهلاً، نمارسه فنكتشف الصعوبة، حيث العقل يتحمل مسؤولية السيطرة على الجسد. وهو يخلق نوعاً من التوازن، فهو المزيج بين العقل والروح والجسد. للأسف فإن العالم العربي لم يصل الى مستوى عال في الرقص. عند صعودي الى الخشبة أشعر بأني أملك العالم، أنسى آلامي الجسدية، أنا أشجع الناس لدخول عالم الرقص، ليكتشفوا ذاتهم وأجسادهم وتزداد درجات الحساسية عندهم. ألم يكن من مجال لتوجه فني آخر؟ - لو لم تكن لدي الخامة لما كنت أكملت. حاولت التوجه لغير الرقص والوالد كان ميالاً لأن يترك لي حرية الاختيار، لكني لم أتمكن ان أهرب من هويتي وموهبتي.