يتطلب الأمر بعض الجهد لكي تدرك ان هذه الفتاة التي تبدو موهوبة في فيلم "ثروة كوكي" هي ذاتها الفتاة التي بدت متجمدة التعابير في فيلم "يوم القيامة". المسألة فعلاً هي مسألة مخرج وما يطلبه من الممثل. أي جزء منه يريد وكم من تلك الموهبة يكترث بأن يستغل. بعضهم، خصوصاً في أفلام تقوم على المؤثرات والبطولة الرجالية، يبغي القليل فقط من موهبة التمثيل، مكتفياً بالوجود للممثل الذي اختاره أمام الكاميرا. لكن إذا صدقنا ذلك، ماذا عن دورها في فيلم "جمال خاطف"؟ تحت إدارة برناردو برتولوتشي تمتعت الممثلة ليف تايلر بإدارة مخرج وضعها في مركز الأحداث العاطفية لا بينها وبين عدد من الشخصيات الأخرى فقط، بل وسط أحداث تقع بين الشخصيات الأخرى أساساً. في كلا الفيلمين لم تكن أكثر من وجه جميل يتحرك وسط الأحداث، يؤثر في "جمال خاطف" لكنه لا يترك تأثيراً يذكر في "يوم القيامة". في "ثروة كوكي" نجدها مختلفة، ليس فقط لأنها قصت شعرها الطويل الذي بدا يقف حائلاً بينها وبين الغوص في شخصيات مختلفة، بل لأنها تحت إدارة مخرج أدرك أنها تستطيع ان تنجح إذا ما خلعت المعتاد وارتدت شخصية جديدة. شخصية فتاة متمردة إلى الحد الذي تقرر معه أنها ستمضي الوقت مع رجل متهم بجريمة لم يرتكبها، لأنها تدرك، ومن قبل أن تبرهن الأحداث عن براءته، أنه لم يرتكب الجريمة. نيويوركية ولدت في العام 1977 وبدأت "موديلاً" لعرض الأزياء في العام 1991 قبل أن تنتقل إلى التمثيل في فيلم لبروس بيرسفورد عنوانه "سقطة صامتة". وبعده في فيلم صغير آخر هو "امباير ريكوردز" قبل أن يضعها الايطالي بروتولوتشي بطلة "جمال خاطف" سنة 1996. وودي آلن وضعها في تجربته الموسيقية ضمن أبطال فيلم "كل واحد يقول احبك" 1996، ثم اختيرت لفيلم عاطفي عنوانه "استنباط عائلة آبوت" قبل أن تجد نفسها واحدة من عائلة فيلم "يوم القيامة"، مؤدية دور ابنة بروس ويليس الواقعة في حب بن آفلك وكلاهما سيرحلان إلى الفضاء البعيد في محاولة مستميتة لانقاذ الأرض من نيزك كبير مقبل. "ثروة كوكي" هو واحد من آخر الأفلام التي تعرض لها، وبمناسبته تمت هذه المقابلة. لم أكن أعرف نفسي هل هناك خيط ما يربطك بشخصية إيما التي تؤدينها في "ثروة كوكي"؟ - ليس من السهل الإجابة على هذا السؤال، لأن ما يأتي به الممثل ليضيفه إلى الشخصية أو لكي يصبغ الشخصية به، مختلف تماماً عن الحياة الحقيقية. وصراحة لا اعتقد ان هناك أي تماثل بين وضعي الخاص وبين الشخصية، وبالتالي لم اتي بشيء يذكر من عندي. هل دخلت السينما باختيار منك أم جاء هذا محض صدفة؟ - اعتقد ان دخولي السينما تم بالطريقين معاً. كنت غريبة الهيئة عندما كنت طفلة لذلك ربما لعب الحظ الحسن دوراً في هذا، لكنه مجال كنت دوماً ارغب فيه. كيف دخلت السينما؟ من أنار لك الطريق؟ - التقط لي صديق بعض الصور وعرضها على وكالات واتصلت بي وكالتان وعرضتا الاتفاق معي، كان الأمر مدعاة تعجب، إذ كنت غريبة الهيئة والملامح حينما كنت صغيرة، واقدمت على عرض الأزياء والاعلان أول الأمر، ثم تقدمت للاشتراك في فيلم "المحترف" وكدت أفوز بالدور لكن الاختيار رسا على غيري. الفضل في تقدمي كان في نهاية المطاف لمن آمن بموهبتي في ذلك الحين. أنا نفسي لم أكن أعلم شيئاً عن هذا الجانب، لكن سعي وكيل أعمالي بمحاولة شق الطريق في الأفلام لي دفعني لكي اركز في سن مبكرة عوض ان اكون مجرد مراهقة تعبث بالوقت. في حديث سابق مع روبرت ألتمن، أخبرني انه تحمس كثيراً للعمل معك منذ ان شاهدك في فيلم "جمال خاطف" لبرناردو برتولوتشي. خوفه الوحيد هو أن ترفضي قص شعرك المرسل، لكنك فعلت، إلى أي حد مستعدة للمضي من أجل أن تفوزي بدور ما؟ - إذا كان الدور جيداً وتحت إدارة مخرج مثل ألتمن أو برتولوتشي، لا حدود للجهد الذي أبذله لكي أفوز بالدور. بالنسبة لدوري في "ثروة كوكي" كان الدور مثيراً جداً لي وجديداً. علاوة على ذلك، كنت أود قص شعري منذ فترة طويلة لكن أحداً من المخرجين الذين عملت معهم سابقاً لم يرغب في ذلك. كان شعري بدأ يتخذ شكلاً ملزماً لي وكان ذلك يزعجني. هل تخططين للعمل مع مخرجين من أمثال بروتولوتشي أو ألتمن أم أن ذلك ليس أمراً يمكن التخطيط له؟ - أحب العمل مع مخرجين كبار من هذه النوعية، لكن لا استطيع أن أعد نفسي بأن أعمل فقط مع هذه النخبة. أتمنى لو كانت الأمور على هذا النحو. لا اعرف التخطيط هل تخططين لأي شيء على الاطلاق أم تتركين الظروف تقرر خطوتك المقبلة؟ - اتخيل أشياء حول حياتي ومستقبلي، لكنها متخيلات غير واقعية وتبقى في محيطي الشخصي. لست مخططة ولا أعرف كيف اخطط، وأنا حالياً راضية بأن اراقب حياتي تنمو ثم كيف تتطور وتفاجئني. طبعاً هناك أشياء افضلها على أشياء، مثلاً، افضل الآن أن ألعب في أفلام صغيرة وصادقة على أن أمثل في أفلام كبيرة. هل دفعك الفيلم، أو الدور الذي لعبتيه، إلى التفكير في أمور تتعلق بالحياة عموماً؟ - يعتمد ذلك على ما تقصد... يعني محور الفيلم حول تلك المرأة التي نراها سعيدة في حياتها العامة، أو هكذا نتخيل، إلى ان تنتحر. هل دفعك ذلك لاتخاذ موقف من الموت أو الانتحار؟ - لديّ موقف سلبي من الانتحار أساساً، لكن الفيلم دفعني لبلورته على نحو أفضل. إنه مؤسف جداً أن يهدر أي امرء حياته حتى ولو أهدرها من دون أن ينتحر. الإنسان يستطيع إذا اراد ان يتغلب على قدر كبير من الآلام، لقد خلقنا على هذا النحو. هل هناك ممثلة معينة تستلهمين منها طموحاتك؟ - بعد تفكير اعجب بالعديد من الممثلات وبعضهن ربما مصدر إلهام. غلن كلوز مثلاً تتصدر القائمة. إنها إنسانة مثيرة للدهشة، قوية، في "جاذبية قاتلة". كانت مخيفة، هناك اخريات لكن كلوز رائعة. في الفيلم تكتشفين انك بمثابة سلالة للشخصية التي يؤديها الممثل الافرو-أميركي تشارلز داتون. هل هذا الإكتشاف قريب من اكتشافك قبل بضع سنوات أنك إبنة ستيفن تايلر، أحد أعضاء الفرقة الموسيقية "ايروسميث"؟ - تضحك ربما هذه واحدة من النقاط المتشابهة التي بحثنا عنها قبل قليل. نعم. ايضاً من بين خصائص دورك أنك تبدين متمردة. هل كنت متمردة في سنوات شبابك الأولى؟ - ربما لم أكن متمردة تمرداً كاملاً. او ليس أكثر تمرداً من كل شاب وفتاة في الخامسة أو السادسة عشرة من العمر. لكني اعتقد ان التمرد الأمثل هو التمرد على الذات. وأصارحك لم يكن لدي سبب وجيه لكي اتمرد على نفسي. في "يوم القيامة" آرما غيدون ظهرت في دور عاطفي محدود، لكن هناك القليل مما تستطيعين فعله في الفيلم اذ ان البطولة الموزعة بين بروس ويليس وبن أفلك وباقي الطاقم الذي سينقذ العالم من النيزك الهاجم، رجالي. هل فكرت في ان دور المرأة غائب في مثل هذه المهمة؟ - لا تضحك ربما لم يكن مطلوباً مني التفكير على هذا النحو. لكنه فيلم ممتع. لم يكن دوراً محورياً أو فاعلاً كثيراً، لكني استمتعت بالعمل فيه ثم استمتعت بمشاهدته. كيف كانت ادارة الممثلين في فيلم قائم على المؤثرات والتقنيات الكبيرة مثل ذلك الفيلم قياساً بادارة الممثلين في فيلم فني مثل "ثروة كوكي"؟ - في "يوم القيامة" كانت آلية. كانوا يأتون بك من مكان خلوتك ويطلبون منك ان تقف في موقع معين بين الآلات الرافعة وطائرات الهليكوبتر. تقوم بتمثيل المشهد ثم يكملونه من دونك مع فريق الممثلين الثانويين وأحياناً على الشاشة الخضراء حيث سيتم بعث المؤثرات والخدع. طبعاً في فيلم ألتمن لم يكن هناك شيء من هذا. الفيلم كما رأيته مئة بالمئة. ممثلون يقومون بالتمثيل من دون أي تدخل تكنولوجي وعلى نطاق ضيق. ألتمن يؤمن بالتحضير المطول ويقوم بالكثير منه قبل التصوير. لديك فيلم يعرض بعنوان "بلانكت وماكلين". هل لي ان أعرف شيئاً عنه؟ - طبعاً. هو أحداث تقع في لندن في القرن الثامن عشر تدور حول رجلين يثيران الذعر بين ارستقراطيي لندن وأنا إبنة أحد هؤلاء الارستقراطيين. الفيلم انتهى تصويره منذ مدة لكني لا أعلم سبب تأخر عرضه في اميركا الى الآن، مع انه عرض في اوروبا. … وكنت في روسيا حديثاً تمثلين فيلماً آخر. - نعم هو "أونغين" مع رالف فاينس واخراج شقيقته مارتا فاينس. هذا عن فتاة يصرف يوجين أونغن النظر عن حبها لكنه يكتشف انه يعشقها عندما يسمع انها ستتزوج من دون خاطرها.