كانت حياة الفنانة ماجدة الصباحي سلسلة من التحديات، ولهذا أصبح حلمها بالفن حقيقة راسخة وقدمت عشرات من الأفلام الناجحة والجماهيرية فمن الذي لا يتذكر "جميلة بوحريد" و"المراهقات" و"حواء على الطريق" وغيرها؟ "الحياة" التقتها وسألتها عن الصعوبات التي واجهتها في بدايتها وما هو "سر" ارتباطها بالفنان يحيى شاهين؟ حققت نجاحاً واسعاً في السينما من خلال التمثيل والانتاج، هل ترين ان الفن سواء كان تمثيلاً أو انتاجاً، مهنة شاقة؟ - بالفعل، التمثيل مهنة شاقة وجذابة في الوقت نفسه، أما الانتاج فهو أصعب لأنه مسؤولية. لكنه يصبح ممتعاً اذا كان المنتج فناناً وليس تاجراً، لأن الفن والتجارة لا يلتقيان. ولو كنت تاجرة لما قدمت "جميلة بوحريد" و"العمر لحظة" ولا الأفلام الدينية والتاريخية والقومية لأنها مكلفة وغالباً ما تكون معرضة للخسارة. لكن في المقابل مكسبها الأدبي كبير وأفضل من المكسب المادي، وهو المكسب الذي يعيش معنا ومع الاجيال القادمة فهو علامة وبصمة في تاريخ الفنان. الفلوس لا تساوي شيئاً بجانب العمل الفني المتقن الذي يعيش في الوجدان ويصبح ذكرى جميلة. يقال ان ماجدة حفرت في الصخر؟ - بل أكثر من ذلك، أنا كما قال عني المخرج حسين كمال "ماجدة ظاهرة لن تتكرر!!"، فقد كنت في السينما أعمل بمفردي وحققت أعمالاً فيها إعجاز أو إنجاز. أعمالاً تخلد في سن مبكرة، وكان نجاحي بشرف وهو شيء صعب لأن حامل الرسالة ومتبني القضايا دائماً يحارب، لكن ربنا وقف معي، هذا فضل الله عليّ كان هذا جزاء كفاحي واستمراري وعنادي وإخلاصي "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً"، فالإنسان أقوى مخلوق على الأرض اذا أراد لقد أصررتُ على تقديم أعمال ضخمة أكبر من سني ومن مجهودي وأعمالي عايشة مع الناس. هذه الإرادة تعلمتيها في الصغر، أم اكتسبتيها من العمل؟ - أغلب مواليد برج الثور قياديون ولديهم قدرة على إدارة الأعمال الضخمة، وأتذكر أيام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر حين كانت هيئة الاستعلامات ووزارة الخارجية ترسلان الي الوفد تلو الوفد ليشاهدوا "أصغر منتجة وموزعة"، تلك التي انتجت أعمالاً لم يستطع أي منتج أو موزع أو حتى مؤسسة انتاجها، وتمت محاربتي كثيراً جداً وكنت منطوية وليس لي شلة، شلتي هي كفاحي وإصراري ومثابرتي وإيماني بعملي ورسالتي. وبعد رحيلي سيقال إنه كانت لي مدرسة كبيرة يسار على خطاها من بعدي. صعوبات البداية عند بداية عملك في الفن هل واجهتك صعوبات أو اعتراضات من الأهل؟ - كثير ما عملوا لي تظاهرة في العائلة، لدرجة أن أمي انفصلت عن أبي لهذا السبب، وحدثت مشاكل عائلية كبيرة جداً لم أفصح عنها من قبل مثل حكاية أخي الذي كان طالباً في كلية البوليس وجاء ليهددني بالسونكي!! ولي أخ آخر كان يدرس في الخارج حضر خصيصاً عند إبلاغه بالخبر. الوحيدة التي وقفت بجاني كانت أمي لكني لم ألتفت لكل هذه المشاكل ولم أخف. أخذت القرار وقمت بتمثيل أول فيلم في حياتي دون علمهم وقلت "وقوع البلاء ولا انتظاره!، وأفادني انني كنت في مدرسة "البون باستير" في حي شبرا والاستوديو كان في الحي نفسه. ولحُسن حظي كان هذا الفيلم مع اسماعيل ياسين، والمعروف عنه إنه يعمل في أربعة أفلام في وقت واحد، ويعطي لكل فيلم منها ساعتين فقط. في الساعتين أكون رتبت أموري بسرعة دون أن يدري بي أحد على الرغم من أنني كنت لا أزال قاصراً ولا أملك التصرف في حياتي، وعندما علم أبي أبلغ البوليس للقبض على سيف الدين شوكت بتهمة التحريض من دون موافقة ولي الأمر وطالبوا بوقف الفيلم وبالفعل توقف عرضه عاماً كاملاً. ما هو اسم هذا الفيلم؟ - "الناصح"، وهو مأخوذ عن فيلم كوميدي فرنسي بالإسم نفسه. دعوة قومية ما هو الفيلم الذي تعتبرينه أول علامة في تاريخك السينمائي؟ - أول فيلم، على الرغم من أنه كان صغيراً في كل شيء إلا أنه عمل "فرقعة". بعد ذلك قدمت أفلاماً كوميدية أيضاً "ليلة الدخلة" و"الآنسة حنفي" ثم كانت الافلام الجادة مثل "مصطفى كامل" و"مرت الأيام" الذي تقاسمت بطولته مع ىحيى شاهين وأمينة نورالدين. ما هو سر ارتباطك الدائم في العمل مع الفنان يحيى شاهين؟ - أبداً، عملنا فيلماً ناجحاً وكررنا التجربة ونجحت مرة أخرى، وفي كل مرة نعمل سوياً كان الفيلم ينجح، لكنها صدفة ولم يكن الامر مقصوداً. لقد عملت أفلاماً كثيرة أيضاً مع الفنان الراحل رشدي اباظة من بينها "المراهقات" و"حواء على الطريق" و"جميلة بوحريد". ماذا يمثل لك فيلم "جميلة بوحريد"؟ - هذا الفيلم اعتبرته دائماً تعبيراً عن قضية القومية العربية، وكان دوري فيه أحببته جداً وانفعلت به، أحسست عند عملي به كما لو انني أحارب على الجبهة، أخذته من الصحف ومن الرأي العام حين شعرت ان جميلة بوحريد أشبه ب"جان دارك" رمز كفاح كل الشعوب التي تناضل من أجل حريتها واستقلالها. ما هي الرسالة التي كان يحملها انتاج أفلامك؟ - رسالتي كانت أغلبها عن المرأة ودورها في الحياة الاجتماعية منذ فيلم "الحقيقة العارية" الذي جسدت فيه دور الفتاة التي ترفض الزواج لأنها ترفض الطلاق وترفض أن تكون سلعة في يد الرجل، كان هذا في العام 1965. وبعد مرور 24 سنة قدمت "فاتن حمامة" فيلم "أريد حلاً"، ليناقش القضية نفسها التي طرحتها من قبل. أيضاً هناك فيلم "حواء على الطريق" جسدت فيه دور المرأة وإمكاناتها وإختلاف نظرة الرجل الى المرأة التي تعمل عن نظرته الى المرأة التي تظل في المنزل دون عمل، وكذلك اختلاف نظرة المرأة العاملة عن نظرة ربة البيت وأيضاً فيلم "أين عمري" وفيلم "المراهقات" الذي تناولت فيه اختلاف معاملة الأهل بين الولد والبنت، كل الحرية للولد وكل التزمّت للبنت. من كانت منافستك الأولى؟ - لم تكن هناك منافسات، هذه مواضيع تخلقها الصحافة!! أنا طبيعتي انطوائية جداً لذلك اعيش غير مختلطة بالزملاء في الوسط الفني، أراهم، أرحب بهم، لكننا لا نتزاور. لماذا اصبح وجود ممثلة جميلة في السينما المصرية نادراً؟ - هذه المرحلة انتهت، المرحلة الآن مرحلة الماديات، الشكل والمظهر فيها لا يهم وأي شكل ممكن ينجح بدليل وجود بعض الممثلات - من دون ذكر اسماء - ليس لهن صلة بالجمال أو النجومية لكنهن ينجحن والناس تقبلتهن، فالمشاهد اختلف ولم تعد مقاييس الجمال مطلوبة ولا النعومة هي الأساس!!. ما رأيك في ابنتك غادة نافع كممثلة؟ - غادة إنسانة تلقائية، صادقة في إحساسها صادقة في كلامها لا تعرف كلمتين، لها كلمة واحدة من قلبها، لذلك ما يخرج من قلبها يدخل قلوب الناس فتصدقها حتى وهي تمثل، لكنها محبوبة جداً. كلهم دخلاء على الفن في ظروف السينما الحالية.. لماذا توقفت عن الانتاج؟ - توقفت بسبب ظروف الانتاج، من هو الفنان ذو المستوى الجيد الذي يغامر بأن ينتج الآن؟ كل المنتجين الآن دخلاء على الفن. ولكن هل هذا سبب كاف لتنتجي أفلاماً الآن؟ - الفيلم الآن اصبح مكلفاً جداً والمعادلة أصبحت صعبة، لو مكلف فقط يمكن أتحمل شوية، لكن الأفلام التي بها فكر ورأي تخسر والخسارة هنا بالملايين، يعني الفيلم اذا لم يفرقع يخرب البيوت، الى جانب أن السوق الآن مغلقة والمواضيع مختلفة، في مرحلتي كانت السينما، كالمرحلة رومانسية واجتماعية، لكن المرحلة الآن كلها عنف وجنس. صعب على الأفلام الرومانسية ان تنجح لكن الأهم من كل هذا هو التكلفة والأسواق. مثلت مصر في مهرجانات كثيرة وحصلت على عدد كبير من الجوائز كانت آخرها جائزة المركز الكاثوليكي.. ما هي أعز جائزة الى قلبك؟ - إحترام الناس لي، أغلى جائزة الحكم فيها مئة مليون عربي وليست الجائزة التي يمنحها لي عشرة أفراد فقط هم أعضاء لجنة التحكيم، لجنتي أنا هي الأرض الكبيرة، الشعب الكبير الذي أعطاني جائزة الاحترام والحب.