اظهرت التطورات الاخيرة في الصناعة النفطية ان منظمة "اوبك" لا تزال قادرة على التأثير في سوق النفط على رغم انحسار حصتها لصالح المنتجين من خارجها وحدوث خلافات بين الاعضاء بين وقت وآخر. واختلفت آراء خبراء تحدثوا الى "الحياة" عما اذا كانت منظمة الدول المصدرة للنفط ستستمر في الوجود ام تختفي او تتحول الى "اوبك مصغرة" تضم المملكة العربية السعودية والدول الخليجية الاخرى المنتجة للنفط. وقال الاقتصادي السعودي احسان ابو حليقة ان "اوبك" قامت على ما اسماه ب "اسس احتكارية بهدف تحديد الاسعار عن طريق لجم الانتاج". واضاف: "اعتقد ان اوبك ستزول مع الوقت ...لأن الوضع تغير كثيراً الان اذ اننا اصبحنا في زمن انفتاح اقتصادي ونظام سوق هو الذي يُحدد السعر لاي سلعة....وانا ارى الآن ان نظرية تنظيم الاسعار بدأت تفقد مصداقيتها وصلاحيتها لان السوق وعوامل اخرى باتت تحدد السعر والطلب". وتوقع السيد ابو حليقة ان يبرز تحالف خليجي يشبه "اوبك مصغرة" تسعى الى تنسيق السياسات النفطية لحماية مصالحه وضمان اسعار معقولة. وقال: "لا شك ان تنسيق مواقف هذه الدول الخليجية سيكون ضرورة ملحة لان ذلك سيحمي مصالحها على الامد البعيد شرط ان لا تتعارض هذه السياسات والمواقف مع النظام الاقتصادي الحر في العالم". واختلف خبير غربي مع رأي السيد ابو حليقة وقال: "ان التطورات الاخيرة في سوق النفط اثبتت ان اوبك لا تزال القوة المؤثرة في السوق وانها لن تختفي". وقال جون تولستر من دار الوساطة "سوستيه جنرال ستراوس تورنيل" في لندن ان "اوبك الان اقوى من السابق لانها تمكنت من اعادة الاستقرار النسبي الى السوق على رغم انحسار حصتها...كما ان التقارب بين السعودية وايران والتفاهم بين السعودية وفنزويلا زاد من قوة المنظمة...لذلك اعتقد ان اوبك ستستمر في الوجود والاسباب التي قامت من اجلها لا تزال موجودة". واضاف: "انا لا اتفق كلياً مع الرأي القائل ان اوبك ستزول مع الوقت...لكن مستقبلها ونفوذها يعتمدان بشكل كبير على العلاقات السياسية بين الاعضاء الرئيسيين ومدى القدرة على المحافظة على مصداقية المنظمة وكبح النزاعات الداخلية...وانا متأكد من ان زوال اوبك سيؤدي الى انهيار الاسعار وحدوث فوضى في السوق". وتراجعت حصة المنظمة في سوق النفط بشكل كبير في العقدين الماضيين بسبب ارتفاع انتاج دول اخرى والتقدم التكنولوجي الذي سهل الاكتشافات النفطية و امكانات الانتاج في مناطق لم يكن من السهل الوصول اليها من قبل. وبعدما تجاوزت 60 في المئة خلال الفورة النفطية نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات، وصلت حصة "اوبك" في سوق النفط حالياً الى نحو 40 في المئة ومن المستبعد ان تشهد ارتفاعاً كبيراً في المستقبل القريب. وقال مهدي فارزي من دار الوساطة "درسدنر كلينورت بنسون" في لندن ان "اوبك قد يتغير شكلها في المستقبل بانسحاب اعضاء او دخول اعضاء جدد لكن الشيء المهم هو بقاء النواة اي المنتجين الكبار في منطقة الخليج التي ستُشكل الثقل الرئيسي في الصناعة النفطية وامدادات النفط للعالم في الامد البعيد". وتنتج دول الخليج التي تُعرف باسم "الخمسة الكبار" السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة والعراق وايران نحو 18 مليون برميل يومياً تشكل ما يقارب من 26 في المئة من اجمالي امدادات النفط في العالم. وتتوقع "وكالة الطاقة الدولية" ان يرتفع الانتاج الى نحو 43.8 مليون برميل يومياً سنة 2010 أي بنسبة 47.6 في المئة من الامدادات الدولية والى 49 مليون برميل يومياً سنة 2020 . وتعاني "اوبك" حاليا من ضعف اسعار النفط بسبب ارتفاع الانتاج من الدول الاخرى ما ادى الى انخفاض الايرادات الى نحو 95 بليون دولار العام الماضي من اكثر من 250 بليون دولار عام 1981