ضمن منتخب تونس لكرة القدم ترشحه رسمياً لنهائيات كأس أمم افريقيا التي ستقام في غانا ونيجيريا مطلع العام المقبل، على رغم خسارته في مباراته الاخيرة من التصفيات أمام منتخب ليبيريا صفر - 2 في مونروفيا. وأحيا هذا الترشح حلم "التوانسة" بالفوز بأول كأس افريقية في تاريخهم، مع ان آراء المراقبين والوقائع تدفع في اتجاه ترتيب مشرف في أقصى الحالات. وفي الانجازات الاخرى، توج شبان النادي الصفاقسي للكرة الطائرة أبطالاً للقارة، ورفع الترجي الرياضي كأس الكؤوس الافريقية لكرة القدم، والنادي الصفاقسي كأس الاتحاد الافريقي لكرة القدم، وأضافت فتياته تاج العرب في كرة السلة في بيروت. وهي حصيلة جيدة في موسم نهاية القرن وإن كانت لا تتناسب مع حجم البنية التحتية الرياضية والتشجيعات الكبرى للرياضيين في تونس، وطموحات التونسيين في الريادة. وتستعد تونس بنسق تصاعدي لدورة المتوسط 2000، وبدأت مدينة رادس تشهد أشغالاً كبرى لانجاز المدينة الأولمبية وملعب كرة القدم الذي ينتظر أن يجعل من ملعب المنزه الحالي "تحفة القرن العشرين". وفي انتظار دوري الاحتراف الكامل لكرة القدم الذي ينطلق يوم 23 آب اغسطس المقبل، فإن الترجي الرياضي سيطر بصفة كاملة ومطلقة على آخر دوري في القرن، بأفضل هجوم وأحسن دفاع و10 لاعبين في منتخب تونس، وبمركب رياضي في مستوى الأندية الأوروبية المحترفة، وكأنه لم يعد هناك كبير في تونس سواه. ومع ذلك، فإن الدوري الحالي شهد ظاهرة محيرة اثارت انتباه الملاحظين وهي غياب الجماهير عن ملاعب تونس واكتفائها بالمشاركة بكثافة غير عادية في الرهان الرياضي الذي تجاوز المليون دينار في أكثر من مرة. والواقع أن هذا الغياب لم يؤثر فقط في موازنات الأندية واتحاد الكرة، بل جعل المشهد الكروي "جنائزياً"، بلا طعم ولا رائحة ولا جمهور. وعرف الدوري الحالي كذلك ترشح أندية الصفاقسي والافريقي والنجم الساحلي والترجي إلى أدوار متقدمة في البطولات الافريقية ما يعزز سيطرتها على التتويجات القارية في عقد التسعينات. سيطرة وفساد ويبدو ان هذا التفوق الافريقي لتونس يتجاوز كرة القدم والرياضة عموماً، ليشمل تحكمها في النمو الديموغرافي وارتفاع معدلات الدخل ونسبة النمو الاجمالية. ومع ذلك فإن هذه الطفرة لتونس لم تسلم من أمراض التطور، ولعل أخطرها على الاطلاق غول الفساد. وعلى ملاعب زامبيا، عرفت كرة القدم التونسية أول اتهام بالفساد في محاولة لشراء ذمة الحكم البوتسواني في مباراة الصفاقسي ونكانا رد ديفلز الزامبي من طرف مسؤولين من الدرجة الثانية في النادي التونسي، ومع أن الاتحاد الافريقي لكرة القدم برأ ساحة نادي عاصمة الزيتون صفاقس، فإن بيانه حمل دعوة الى الانضباط وإبعاد مسؤولين في النادي مدى الحياة، ما لا يرفع الشبهة بصفة تامة، لتكون بذلك "الجنازة" الثانية في الدوري الحالي. ويمتد تاريخ الصفاقسي إلى 7 عقود كان فيه مدرسة كروية في اللعب الجميل والفرجة. عموماً، فإنها "السنة أولى فساد" في تاريخ الرياضة التونسية. ولم تشهد تونس منذ بداية القرن أحداث عنف سياسية دامية سوى بعض الاضطرابات والتوترات، بل أن أهم تحول سياسي بعد الاستقلال ومرحلة بورقيبة لم يعرف نزول أي قطرة من الدماء، كما حافظ الدوري التونسي طيلة القرن العشرين على لعبه النظيف والمباراة الوحيدة التي شهدت أحداث عنف وتسببت في جرحى هي التي جمعت في العشرينات الملعب الافريقي النادي الافريقي حالياً والملعب الصهيوني، وقد حُل الناديان على اثرها نهائياً. لكن سيبقى يوم 15 حزيران يونيو الحالي، يوم ثلثاء، أسود في تاريخ كرة القدم التونسية، وهو الذي شهد وفاة 3 شبان وجرح أكثر من 700 آخرين على ملعب باجة، ما يرفع "الجنائز" إلى ثلاث وترشح افريقي لا معنى له!