عاد لاعبو النادي الصفاقسيالتونسي من زامبيا إلى عاصمة الزيتون صفاقس وفي أيديهم تذكرة الترشح إلى ربع نهائي كأس الاتحاد الافريقي لكرة القدم. لكن هذه العودة كانت منقوصة، بتخلف عنصرين من طاقم النادي هما فخري بعيش وفتحي بوستة حكم دولي سابق، اللذان اوقفتهما السلطات الزامبية وفتحت تحقيقاً قضائياً معهما بدعوى محاولة رشوة الحكم البوتسواني كابيلو موليبو الذي أدار لقاء الاياب بين نادي نكانا رد ديفلز الزامبي والنادي الصفاقسي في اياب الدور الثاني. وقد ادعى كابيلو أن بعيش وبوستة عرضا عليه أموالاً وهدايا مقابل التلاعب بنتيجة اللقاء الذي انتهى بفوز نكانا 1-صفر مباراة الذهاب 4- صفر للصفاقسي. وأصدر اتحاد كرة القدم التونسي بياناً جاء فيه أنه قرر ابعاد صلاح الدين الزحاف الرجل القوي في الصفاقسي ومساعد رئيسه لطفي عبدالناظر رئيس الوفد الى زامبيا وفخري بعيش وفتحي بوستة عن العمل الرياضي مدى الحياة. وساندت هيئة الصفاقسي قرارات اتحاد الكرة واستنكرت بشدة ما قد يكون حصل من بعيش وبوستة وتبرأت من التهمة المنسوبة إليهما. وتقبل أهالي مدينة صفاقسالخبر بكثير من الريبة والشك التي تصاحب عادة الأجواء الافريقية، مع شعور بالمرارة بتزامن هذه الفضيحة مع أعياد السبعينية حيث عرف النادي أول تتويج افريقي بفوزه بكأس الاتحاد الافريقي عام 1998 واسترجع لقبه الافريقي في الكرة الطائرة بعد جفاء استمر عشر سنوات. وما يجعل من هذه المرارة في طعم العلقم أن يكون النادي الصفاقسي، الذي عرف منذ تأسيسه سنة 1928 بلعبه الجميل وكونه مدرسة تربوية تخرجت منها أجيال وشخصيات منها وزير الرياضة والشباب الحالي رؤوف النجار، هو الذي احدث سابقة خطيرة في تاريخ كرة القدم التونسية فتلتصق به تهمة الفساد. وتعتبر مدينة صفاقس رئة الاقتصاد التونسي... ومع انتاجها التقليدي من زيت الزيتون واللوز في القطاع الزراعي، فإن بنيتها الصناعية تعتبر الأحدث في تونس والأكثر التزاماً بمعايير الجودة، وغالباً ما تشهد المدينة زيارات رجال الأعمال من شتى انحاء العالم، ويعتبرها الديبلوماسيون المعتمدون في تونس محطة مهمة في ارساء علاقات التعاون مع بلدانهم، ويتميز مجتمعها المحلي بمجموعة قيم وثوابت لعل أهمها التعلق بالعمل، والبحث عن أسباب الثروة، والحرفية العالية في الصنائع... ومع ذلك فإن الجيل الجديد للصفاقسية اكتسب من خلال تفتحه على الخارج عادات وقيماً جديدة ينظر إليها جيل التأسيس بكثير من الريبة والاحتياط. وتقع بوتسوانا في أقصى جنوب القارة الافريقية، وفيها نسب نمو عالية جداً ودخل فردي مرتفع، ويعتبرها الخبراء من أفضل الدول الافريقية من حيث المخاطر في مفهومها الاقتصادي. والحكم كابيلو بوتسواني. وبما ان القاعدة القانونية تؤكد بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فإن الجزم بالتورط في الفساد مسألة في يد القضاء الآن... لكن ذلك لا يمنع من طرح تساؤل بسيط: من الذي يدفع طاقم الصفاقس في التفكير في "شراء" حكم والنادي الصفاقسي منتصر في مباراة الذهاب بنتيجة عريضة وشبه مريحة 4-صفر؟ ومع ذلك، فإن عيد السبعينية أصبح اليوم في صفاقس لا معنى له. فالصفاقسي خرج من الدوري ومن كأس تونس بخفي حنين، وخرج بتتويجين افريقيين في كرة القدم والكرة الطائرة تلاعبت بمعانيهما يد الفساد!