سيحقق بناء ميناء "طنجة الاطلسي" مزايا اقتصادية اساسية للاقتصاد المغربي خصوصاً انه سيكون "حلقة الوصل" بين الولاياتالمتحدة وثلاث من دول الشمال الافريقي، كما سيساعد في تحقيق فورة ونشاط اقتصادي لشركات صناعة الاسمنت التي ستستفيد كثيراً من تشييد الميناء بكلفة 400 مليون دولار وتنفذه مجموعة "بوينغ" الفرنسية. قال وزير التجهيز والاشغال العامة المغربي بوعمور تغوان "ان الحكومة ستوقع نهاية السنة اتفاقاً نهائياً مع مجموعة "بوينغ" الفرنسية لإنجاز بناء ميناء تجاري دولي جنوبطنجة على المحيط الاطلسي بكلفة 400 مليون دولار. وكان الطرفان وقعا اتفاقاً أولياً مذكرة تفاهم في 21 نيسان ابريل الماضي بعد فوز المجموعة الفرنسية في مناقصة دولية تنافست عليها مع مجموعة "بكتل" الاميركية. وستتولى "بوينغ" تأسيس شركة محلية واستكمال الترتيبات المالية والتقنية لمباشرة بناء الميناء مطلع السنة 2000 من خلال شراكة محلية، على ان يكون الميناء جاهزاً للعمل سنة 2004. وسيكون الأكبر من نوعه في المنطقة في مجال تجارة السلع والمنتجات وسينجز وفق صيغة "بي.أو.تي" التي تقضي باستغلاله مدة خمسين سنة تعود ملكيته بعدها الى الدولة المغربية. واعتبر الوزير المغربي ان اعمال البناء والتجهيز، التي تستغرق نحو أربع سنوات، ستمنح فرص عمل للشركات المحلية على غرار تجارب أخرى قامت بها "بوينغ" في المغرب. كما ستفتح آفاقاً واسعة لتطوير منطقة طنجة وغرب البحر الأبيض المتوسط حيث سيتم ربط الميناء الجديد بشبكة من خطوط السكك الحديد تصل الى محطة ميناء طنجة على البحر الأبيض المتوسط ومنها الى المدن المغربية الأخرى. كما سيربط الميناء بمطار بوخالف غير البعيد عن المنطقة عبر شبكة من الطرق السريعة. ويجري الإعداد لتشييد طريق يربط طنجة مع شرق المغرب على الحدود الجزائرية بطول 500 كلم ويخترق جبال الريف، ويشارك في تمويله كل من الاتحاد الأوروبي والحكومة الاسبانية وصندوق التنمية الكويتي. وحسب الدراسات الاقتصادية الأولية سيخصص الميناء لتطوير العلاقات التجارية بين شمال القارة الاميركية ومنطقة شمال افريقيا. وبوسعه استقبال السفن الضخمة المحملة بالقمح الذي سيخزن في صوامع تستوعب مليوني طن سنوياً. ويُعتقد ان "ميناء الاطلسي" سيلعب دوراً كبيراً بعد انطلاق الشراكة التجارية والاقتصادية بين الولاياتالمتحدة وثلاث من دول شمال افريقيا المغرب والجزائر وتونس. وسيربط الميناء حركة مواصلات دورية مع موانئ اميركية على الضفة الأخرى من الاطلسي. وكانت "بكتل" ترغب في الفوز بالمشورع للأسباب ذاتها ضمن خطة توسع في منطقة المغرب العربي الذي تسعى واشنطن من خلال اقتراحات على دول المنطقة الى زيادة حجم التجارة والمبادلات وتقليص الرسوم والتعرفة الجمركية. واعتبر الوزير بوعمور ان صيغة التمويل التي اعتمدتها الحكومة المغربية ستحقق اسلوباً اسرع في مجال بناء الموانئ من دون الاعتماد على موازنة الدولة. وهي الصيغة نفسها المعتمدة في مجال بناء الطرق السيارة التي تشارك فيها صناديق التنمية العربية ومنها الصندوق السعودي الذي سيُمول طريق الدار البيضاء - الجديدة على طول 100 كلم. وحسب مصادر مالية ستستخدم "بوينغ" نحو 250 مليون دولار من الديون الفرنسية المستحقة على المغرب سبق ان اتفق على تحويلها الى استثمارات محلية ضمن صيغة معالجة الديون الثنائية. كما تستخدم المجموعة تجربتها الطويلة في المغرب خصوصاً في بناء مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء 500 مليون دولار والمساهمة في بناء 200 ألف سكن اقتصادي عبر فرعها المحلي "بيماروك". وتعتقد شركات انتاج مواد البناء والاسمنت في المغرب ان ميناء طنجة يشكل مجال عمل للسنوات الخمس المقبلة وهو ما يُفسر عودة الشركات الفرنسية الى السيطرة على مثيلتها المغربية استعداداً لمنافسة مرتقبة في قطاع الاسمنت.