تتخبط حكومة رئيس الوزراء البلجيكي جان ليك ديهانه في فوضى ادارة أزمة اللحوم المسممة. وتحدثت مصادر عن خسارة عشرات بلايين الفرنكات من جراء مشكلة الديوكسين وقد تتضاعف الخسائر في المدى البعيد بعد أن فقدت المنتجات البلجيكية صدقية سلامتها في الأسواق المحلية والخارجية. وساهم تضارب قرارات الحكومة في اشاعة الغموض والقلق في صفوف المستهلكين ونقمة المزارعين ونسف ما قد يكون تبقى من ثقة لدى بعض المراقبين في سلامة المنتجات البلجيكية وان بشكل جزئي. وتحولت الأزمة الى مواجهة مفتوحة أمس الخميس عندما تجمع المزارعون في معابر الحدود مع الأسواق المجاورة لمنع استيراد المنتجات الغذائية من دول الاتحاد الأوروبي. وأعربت مصادر ديبلوماسية عربية عن شكوكها في "صدقية الاجراءات المتخذة لتقييد أثر الأزمة المتفاعلة". وقبل اسبوعين، اعلنت الحكومة البلجيكية بشكل رسمي تسمم جزء من منتجات لحوم الدجاج والبيض بمادة الديوكسين واتخذت تدابير حظر منتجات المزارع التي كانت تزودت بالعلف الملوث من مؤسسة "فيركيست". واكتشفت المفوضية الأوروبية ان الجهات المعنية في وزارة الزراعة والصحة البلجيكية كانت تعلم بتسمم المنتجات الغذائية لكنها تكتمت، على مدى شهر، على الفضيحة لحماية مصالح القطاع الزراعي في الاقليم الفلمنكي قبل اسبوعين عن اجراء الانتخابات العامة. وفرضت المفوضية اجراءات الحظر الكامل في السوق الأوروبية وتلتها الأطراف الخارجية منها الدول العربية. وكانت قيمة مبيعات بلجيكا من اللحوم لحوم الدجاج الى الأسواق العربية قُدّرت بنحو 274 مليون يورو عام 1998. وفي بداية الاسبوع زعم رئيس الوزراء البلجيكي قوائم المؤسسات التي تزودت من العلف المسمم، في كانون الثاني يناير تم تحديدها 810 مزارع وأحيلت أسماؤها الى المفوضية الأوروبية فقط وأعلن الثلثاء استئناف نشاط المذابح وتزويد المحلات باللحوم البلجيكية ومشتقاتها بدءاً من فجر الاربعاء. وأثار قراره بعض الأمل في صفوف الأوساط المهنية. إلا أن اعلانه كان مجرد وهم وضرب عشوائي. وتأخذ عليه المفوضية الأوروبية نقص التنسيق ومحاولات تجاهل دور المؤسسات الأوروبية والمخاطرة باستئناف نشاط المذابح بينما التحقيقات جارية. وبعد إلحاح المفوضية اضطرت الحكومة البلجيكية الى مراجعة قوائم المؤسسات المعنية على أن تشمل المؤسسات كافة التي تزودت خلال الفترة بين منتصف كانون الثاني يناير موعد بدء استخدام الشحوم الملوثة، حتى نهاية ايار مايو موعد اكتشاف الفضيحة. وبعد المراجعة ارتفع عدد المؤسسات التي استخدمت المواد الملوثة من 810 الى 1370 مزرعة دجاج. واضطرت الحكومة البلجيكية مرة ثانية ظهر الاربعاء، الى معاودة حظر نشاط المذابح وحجز كميات اللحوم التي نزلت الى الأسواق منذ الفجر. وأدت المراجعة الى شل نشاط 17 في المئة من مؤسسات لحوم الأبقار و40 في المئة في قطاع لحوم الخنازير واستئناف النشاط في 83 في المئة من مذابح الأبقار و60 في المئة للحوم الخنازير بدءا من فجر أمس الخميس.